أعلن رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، الأحد، عن بدء انطلاق عملية تحرير الفلوجة من عناصر تنظيم «داعش»، حيث وعد العبادي بأن علم العراق سيرتفع عاليًا فوق أرض الفلوجة، قائلًا: سنمزق رايات الغرباء السود الذين اختطفوا هذه المدينة، لقد دقت ساعة تحرير الفلوجة، واقتربت لحظة الانتصار الحاسم وليس أمام «داعش» إلَّا الفرار، وقال رئيس مجلس النواب العراقي: إن معركة الفلوجة ستكون المسمار الأخير في نعش الإرهاب بمحافظة الأنبار. الفرق المشاركة في تحرير الفلوجة وفقًا للعبادي فإن عملية تحرير مدينة الفلوجة انطلقت بمشاركة الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي ومقاتلي العشائر. وكانت السلطات العراقية قد جهزت 33 ألف مقاتل من القوات العراقية، بمساندة القوات الشعبية والعشائر؛ لاقتحام المنطقة الشمالية الغربية بمدينة الفلوجة وتحريرها، ومن ثم تأمين الطريق الدولي بين العراق والأردن، يذكر أن قائد عمليات تحرير الفلوجة هو الفريق عبد الوهاب الساعدي، ويتابع العبادي من مقر قيادة «عمليات تحرير الفلوجة» الوضع الميداني وسير العمليات العسكرية ضد داعش. كما ستكون العملية مدعومة بغطاء صاروخي مؤثر وقصف جوي عراقي ودولي بمشاركة الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي كانت تبدي تحفظًا كبيرًا على مشاركة الحشد الشعبي في هذه العملية. الفلوجة وداعش الفلوجة هي أول مدينة عراقية سيطرت عليها داعش في عام 2014، وهي أحد معقلين رئيسين له في العراق، وتقع الفلوجة على بعد 62 كم شمال غرب العاصمة بغداد، وتسكنها عشائر وقبائل عربية، وبلغ عدد سكانها قرابة 320 ألف نسمة في عام 2011، ويوجد بها حاليًا ما بين 60 إلى 100 ألف شخص، ويقدر عدد مسلحي داعش بقرابة ألف مقاتل. يذكر أن أغلب مدن محافظة الأنبار تمت السيطرة عليها من قبل عناصر تنظيم داعش، فيما بدأت القوات الأمنية العراقية معارك تطهير واسعة استعادت من خلالها مدينة الرمادي، بعد معارك عنيفة مع تحرير مناطق أخرى في محيط الفلوجة، مما أسفر عن مقتل المئات من عناصر داعش. وستعمل القوات العراقية على الاستفادة من النقمة الواسعة بين أهالي الفلوجة على ممارسات الإرهابية لتنظيم داعش طيلة فترة احتلاله لمدينة الفلوجة، الأمر الذي يعد عاملًا مهمًّا في الإسراع بتحقيق النصر وحسم المعركة. المدنيون ومعركة الفلوجة يعاني مدنيو الفلوجة من طوقين من الحصار، الأول يفرضه داعش وهو أكثر قسوة، حيث يمنع المدنيين من الخروج ويتخذهم دروعًا بشرية، والثاني فرضته القوات المسلحة العراقية تدعمها قوات «الحشد الشعبي» لعزل الفلوجة عن محيطها وقطع خطوط إمدادات التنظيم بالأنبار. وفي محاولة لتقليل الأضرار على المدنيين، أعلنت خلية الإعلام الحربي العراقي في بيان الأحد، أن المدنيين بدأوا بمغادرة مدينة الفلوجة باتجاه القوات الأمنية، ودعا البيان المواطنين العراقيين الذين ما زالوا داخل الفلوجة إلى «التهيؤ للخروج من المدينة عبر طرق مؤمنة»، وأضاف البيان أن «على المواطنين كافة في الفلوجة الابتعاد عن مقرات تنظيم داعش وتجمعاته، إذ سيتم التعامل معها كأهداف للطيران الحربي». كما دعا الجيش العراقي العوائل العراقية التي لا تستطيع الخروج من الفلوجة إلى رفع راية بيضاء للدلالة على مكان وجودها. آلية حصار الفلوجة أطلقت القوات الأمنية العراقية المشتركة تسمية «كسر الإرهاب» على معركة تحرير الفلوجة، في إشارة إلى الأهمية الاستراتيجية التي تضعها القيادة العسكرية والسياسية على هذه المعركة، وقال مصدر عسكري عراقي: إن الهجوم على الفلوجة بدأ من ستة محاور، الأول الشمالي باتجاه ذراع دجلة ومنطقة البو سودة، والثاني شمال الصقلاوية باتجاه منطقة البو شجل، والثالث محور الكرمة من جسر الكرمة باتجاه مركز الكرمة، والرابع من جهة الصبيحات من منطقة المصنع الأزرق، والخامس من منطقة اللليفية وجميلة باتجاه منطقة الشهابي، والسادس جنوب غربي الفلوجة باتجاه المستشفى الأردني. انتصارات سابقة للقوات العراقية في وقت سابق استعادت القوات العراقية السيطرة على مناطق واسعة من الأنبار، آخرها مدينة هيت الاستراتيجية، مطلع العام الجاري، كما نجحت قوات الحشد الشعبي بالتعاون مع الجيش العراقي والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب في تطهير تكريت وبيجي وجزيرة سامراء ومحافظة ديالى بالكامل وجرف الصخر وبوقت قياسي، وكل المدن المحررة هي أكبر من جغرافيًّا الفلوجة وأعقد منها، كما أعلن الجيش العراقي الخميس الماضي، بعد أربعة أيام من انطلاق عملية عسكرية واسعة، عن استعادة السيطرة على منطقة الرطبة الاستراتيجية بمحافظة الأنبار، بعد تحريرها من تنظيم داعش الذي كان يسيطر عليها منذ يونيو 2014، الأمر الذي يعطي مؤشرًا قويًّا على نجاح عمليات الجيش العراقي في الفالوجة. سوريا والتحضيرات ضد داعش يبدو الوضع في سوريا أكثر تعقيدًا منه في العراق في إطار محاربة داعش، فالولاياتالمتحدة تسعى الى التوجه لمعقل تنظيم «داعش» في محافظة الرقة، من دون أن يكون واضحًا ما هي التداعيات والأبعاد السياسية والعسكرية التي يمكن أن تترتب على فتح هذه المعركة في هذا التوقيت، خاصة في جو عدم التنسيق الروسي الأمريكي الذي انعكس حتى على وقف الأعمال القتالية في سوريا، فالهدنة تلفظ أنفاسها الأخيرة رغم الإصرار الأمريكي الروسي على عدم إعلان وفاتها، حيث أمهل الأحد 39 فصيلًا مسلحًا بينها جيش الإسلام وفيلق الشام في بيان، الأطراف الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية 48 ساعة لإنقاذ ما تبقى من الاتفاق، وطالب البيان بإلزام الحكومة السورية وحلفائها بالوقف الكامل والفوري لعمليات الجيش العربي السوري التي يقوم بها على مدينة داريا ومناطق الغوطة الشرقية. وتكمن المشكلة الحقيقية في ملف داعش بالرقة، أن واشنطن تريد فتح معركة في الرقة والحسكة بشرط استبعاد الجيش العربي السوري منها، من خلال اعتمادها على الأكراد، الأمر الذي يتقاطع مع الرغبة الروسية، حيث صرح مندوب روسيا لدى الأممالمتحدة في جنيف ألكسي بورودافكين أواخر أبريل الماضي أن «الجيش السوري بدعم من سلاح الجو الروسي يخطط للهجوم باتجاه دير الزور والرقة»، الأمر الذي سيجعل من الرقة منطقة لصراع النفوذ بين موسكووواشنطن قد لا ينتهي قريبًا. التحركات الأمريكية في الرقة والحسكة ضد داعش شهد مطار رميلان العسكري في القامشلي تحركات مستمرة من القوات الأميركية، الأمر الذي يرجح احتمال بدء عملية عسكرية واسعة بغطاء من قوات التحالف الدولي ضد داعش في أقصى ريف الحسكة الجنوبي وفي شمال الرقة. وتأتي التطورات في أعقاب زيارة قائد المنطقة الأمريكية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل إلى سوريا سرًّا للاجتماع مع المستشارين العسكريين الأمريكيين العاملين مع مقاتلين عرب سوريين، وأشارت وسائل إعلام أمريكية إلى أن فوتيل بقي في سوريا لمدة 11 ساعة، وقال المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لدى التحالف ضد داعش بريت ماكغيرك: إن فوتيل زار سوريا للتحضير لهجوم على الرقة، وتأتي الزيارة بعد أيام من دخول ماكغورك، برفقة مسؤولين فرنسيين وبريطانيين، إلى عين العرب المدينة السورية التابعة لحلب، ولقائهم بقادة «مجلس سوريا الديموقراطية»، وكان هدف هذه اللقاءات، بحسب ماكغورك، «تقييم حالة حملة التصدي لتنظيم داعش في سوريا». ويرى مراقبون أن زيارة المسؤول العسكري الأمريكي إلى سوريا تشير إلى معركة مرتقبة ستشهدها الرقة، لاسيما أن طائرات التحالف الدولي ألقت لأول مرة منشورات يوم الجمعة الماضي طالبت خلالها سكان المدينة بالمغادرة. القوات المشاركة حشدت قوات سوريا الديمقراطية، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي والمدعومة من التحالف الدولي، حتى الآن 12 ألف مقاتل، غالبيتهم من الأكراد السوريين وغير السوريين؛ استعدادًا على ما يبدو للدخول إلى المدينة والسيطرة عليها، فيما لو حصلت هذه القوات على ضوء أخضر أمريكي مشكوك فيه حتى الآن، وتلعب القوات الأمريكية التي تضم بضع مئات من الجنود، دورًا في مساعدة المجموعات المحلية، خصوصًا القوات الديمقراطية السورية على تنظيم صفوفها، والإعداد للهجوم على الرقة، وبدأ الجنود ال250 الإضافيين، الذين أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن إرسالهم في 25 أبريل 2016، في الوصول، حيث كشفت مصادر كردية عن وجود 25 عنصرًا من الجيش الأمريكي في مدينة عين عيسى شمال الرقة، يشرفون على تدريب المقاتلين الأكراد، الأمر الذي يفتح الباب عريضًا ما إذا كانت واشنطن تهدف من أن يكون المكون الكردي هو البديل المفترض عن داعش في حال تم القضاء عليه في الرقة والحسكة.