عند دخول منطقة الغورية يبدو أن الوضع هادئ، ولا يوجد شيء، بعد السيطرة على الحريق الذي نشب فجر اليوم في أحد شوارع الغورية. هذا الشارع الأثري الذي أنشأه السلطان قنصوه الغوري، ويقع بجوار شارع الجمالية والجامع الأزهر وضريح الحسين ومنطقة خان الخليلي، ولكن ما إن تسِر في هذه المنطقة التي تتميز بالعراقة التاريخية والمشهورة ببيع الأقمشة، بعد أن كانت في الماضي تتميز بصناعة وخياطة الملابس السلطانية، حتى تجد الحزن يخيم على أصحاب المحال التي لم تحترق وسط تواجد أمني يحيط المنطقة بالكامل. في أحد الشوارع الجانبية وأمام مدرسة السلطان الغوري الابتدائية يسود السكوت التام والذهول الواضح على وجه أصحاب المحال التي التهمتها النيران. شيء مؤسف أن تري وجوهًا لا تستطيع حتى التعبير عن غضبها وهي ترى أماكن رزقها قد تفحمت من الحريق. جرارات الحي تعمل في صمت، وترفع آثار الحريق الذي أصاب ما يقرب من 20 محلًّا وسط أنظار الحسرة من أصحاب المحال الذين يقفون علي الأقمشة المتفحمة في حالة يرثي لها، لا يعلمون ماذا سيفعلون، أو ما الذي يخبئه لهم القدر. بصوت خافت يملؤه جبل من الحزن تحدث عم سيد محمد صاحب فرشة في الغورية لبيع الأقمشة، قائلًا "اللي حصل إن إحنا خلصنا الشغل، وقفلنا وروحنا زي كل يوم، جالي تليفون بيقولي ان الشارع بيولع وفيه حريقة كبيرة. ما صدقتش، واتصلت بزميلي في السوق، لقيتهم بيأكدوا الخبر. نزلت على ملا وشي أشوف أكل عيشي اللي راح". وأضاف عم سيد "لما وصلت، لقيت الشارع كله والع والنار ماسكة في كل المحلات، والحماية المدنية بتطفي الحريق. دخلت أشوف، ما لقيتش أي حاجة سليمة من الفرشة. البضاعة دي بتاعة ناس، باخدها منهم أبيعها وأسترزق، وأسد الديون اللي عليها، وأجيب بضاعة جديدة"، مؤكدًا أن خسائره تجاوزت 80 ألف جنيه. عم سيد الذي لديه 4 أطفال يعمل في منطقة الغورية منذ 40 سنة بحسب قوله، موضحًا أن المعمل الجنائي أخذ عينات من موقع الحريق، وعن إمكانية مساعدة المحافظة لأصحاب المحال والفرش، قال "هي المحافظة ولا الحي هيسدوا ديوننا يعني علشان ما ندخلش السجن؟ كبيرهم هيدونا 5 آلاف جنيه، أو مش هيعملوا حاجة". "أنا خسرت نصف مليون جنيه".. هذه العبارة خرجت من الشاب محمد رجب سعد 30 عامًا، صاحب محل أقمشة في الغورية، والذهول مرسوم على وجهه، وكأنه يبلغ من العمر 60 عامًا، قال "كل الفلوس والبضاعة اللي في المحل اتحرقت، وراحت بما فيهم الشيكات ووصولات الأمانة. شقي عمري راح". وبسؤاله عن الحريق وماذا حدث، أوضح أن الحريق استغرق نصف ساعة من الثانية إلا الربع إلى الثانية والربع، مؤكدًا أن الحماية المدنية لم تتأخر، وأتت بسرعة، ولكن كان الحريق قد التهم الشارع. وأضاف رجب أنه "لا يعقل أن يكون ماس كهربائي قد أشعل النار في الشارع كله في نصف ساعة، متوقعًا أن يكون الحادث بفعل فاعل، ولكن لا يمكن أن نتهم أحدًا"، لافتًا إلى أن "الإعلام قال عن حريق العتبة إنه ليس الأول ولا الأخير، ولم نتوقع أن يحدث الحريق في شارع بالغورية".