في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية، ومأزق الانتخابات النيابية، والتظاهرات والاعتصامات النقابية، والوضع الأمني الهش في الداخل والوضع العسكري المتوتر على الحدود مع سوريا، انطلقت أمس الانتخابات البلدية والمجالس الاختيارية في لبنان ب3 محافظات «البقاع، بعلبك، الهرمل»، التي يسكن فيهم مليون ومائة ألف ناخبًا، على أن تستكمل الانتخابات في ثلاثة محافظات أخرى خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، لتنتهي العملية الانتخابية أواخر الشهر الجاري من أجل تشكيل جميع المجالس البلدية في الدولة. لبنان تهتم بالانتخابات البلدية تعويضًا عن الاستحقاقات الأخرى ووسط كل هذه الأزمات، يهتم اللبنانيون بالانتخابات البلدية؛ نظرًا لتداخل العوامل السياسية والعائلية والإنمائية، فضلا عن تأجيل الانتخابات النيابية مرتين عن استحقاقها منذ عام 2013 والتمديد لها 4 سنوات حتى 2017 بفعل الأزمة السياسية المتمادية في البلاد، التي كان لها اثرًا سلبيًا هي الأخرى على الشغور الرئاسي منذ ما يقارب العامين بعد خروج ميشيل سليمان من قصر بعبدا. كما تهتم الدائرة السياسية والشعبية بهذه الانتخابات للانشغال وصرف النظر عن العوامل السياسية والانقسام الواسع حول الموقف من الحرب الدائرة في سوريا، في الوقت نفسه من الممكن أن يساعد هذا الاستحقاق على مواجهة ترهل المؤسسات اللبنانية بفعل شللها نتيجة الشغور الرئاسي، وتزايد مظاهر الفساد في قطاعات كثيرة بفعل غياب المحاسبة. ويعود التشديد على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها في البقاع وبيروت وبعلبك إلى رغبة المجتمع الدولي والهيئات الدولية المانحة بإجرائها، حيث بُلغت هذه الهيئات الوزارات الأساسية، لاسيما الداخلية والمالية والشئون الاجتماعية بأن المساعدات القادمة متوقفه على إجراء هذا الاستحقاق. وفي نفس الوقت، تؤكد القوى السياسية في لبنان أن للانتخابات البلدية أهمية؛ كونها بروفة مصغرة ل«البرلمانية»، خاصة أنها أفرزت عدة تحالفات داخل البلديات، كما أنها ستوضح التمثيل الحقيقي للكتل السياسية داخل البلديات، وعلى أساس نتائجها سيتم إقرار قانون الانتخابات، الذي تناقشه اللجان النيابية بعد أن دعاهم الرئيس نبيه بري إلى البحث في 17 مشروع قانون انتخابي. وأكد وزير الداخلية والبلديات السابق، مروان شربل، على أهمية إجراء الانتخابات البلدية في هذا الوقت، موضحا أن أهميتها تتمثل في أن المواطن على تماس مباشر مع أعضاء المجلس البلدي، لافتا وجود حصانة داخلية ودولية على استقرار لبنان، وأبرز دليل على ذلك الإصرار الأمريكي على تسليح الجيش. شكل التحالفات في الانتخابات بدأت التحالفات اللبنانية تظهر بين الأحزاب السياسية في بلديات المدن الرئيسية بالمحافظات؛ حيث تجري الانتخابات البلدية في لبنان كل ست سنوات، ويطغى عليها في المدن الكبيرة نفوذ الأحزاب وزعماء الطوائف. وأبرز التحالفات في العاصمة بيروت، "لائحة البيارتة" التي يدعمها رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، ورشح المهندس جمال عيتاني لرئاسة البلدية، وتمثل اللائحة غالبية الأحزاب السياسية، فيما تواجهها لوائح أخرى، أبرزها "بيروت مدينتي" التي تضم عددًا من ناشطي الحراك المدني، إضافةً إلى فنانين مثل أحمد قعبور والمخرجة نادين لبكي، بمواجهة "لائحة بيروت" التي يتزعمها الوزير السابق شربل نحاس، وتضم قوى يسارية. وقال رئيس "بيروت مدينتي": "ليس لدينا تاريخ في العمل السياسي، لكننا استطعنا الوصول بسرعة إلى قلوب الناس بسبب استقلاليتنا"، مضيفًا: "نحن جاهزون يوم الانتخاب لنربح"، معربًا عن أمله بالحصول على غالبية أصوات 470 ألف ناخب مسجلين في بيروت. في نفس الوقت، تشهد الضاحية الجنوبية في بيروت تحالف "حزب الله" وحركة أمل" و"التيار الوطني الحر"، حيث أعلنوا لوائح في بلدات الغبيري وبرج البراجنة وحارة حريك والمريجة، أما في بعلبك، فلا وجود لمعركة في ظل تحالف "أمل" – "حزب الله"، بالرغم من أخذ الانتخابات طابعًا عائليًا وعشائري، بينما في جونيه، يتحالف حزب الكتائب مع جوان حبيش والتيار الوطني الحر والعائلات وهيئات المجتمع المدني في مواجهة تحالف نعمة افرام والقوات اللبنانية وفريد هيكل الخازن ومنصور البون.