بعد ساعات قليلة من تلويح وزير الخارجية الإيطالي، باولو جنتيلوني ب"اتخاذ إجراءات فورية وملائمة، إن لم يطرأ تغيير في المسار الذي تتخذه السلطات المصرية بشأن قضية تعذيب وقتل الباحث جوليو ريجيني، قالت صحيفة "لاستمبا" الإيطالية، إن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اتهم المرحوم ب«المازوخية». الصحيفة الإيطالية قالت في عددها الصادر أمس، إن شكري التقى على هامش القمة النووية بنظيره الأمريكي، جون كيري، وتطرق اللقاء إلى مشكلة ريجيني، وكان فحوى ما قاله كيري لشكري "أنكم طالما كنتم تفعلون ذلك بمواطنيكم، ورغم أن هذا لا يعجبنا، لا يمكننا أن نتدخل كثيراً، لكن، إذا بدأتم في استهداف مواطنين أجانب، فهذا أمرٌ مختلف". وكان ردُّ شكري مثيراً للإحراج ، وفقا للصحيفة، فأحدث "رواية للقاهرة هي أن ريجيني كان متورطا في عصابة إجرامية، وأنه شارك في جلسات جنس جماعي سادي، وأن أفراد تلك العصابة عذبوه وقتلوه، واكتشف ضباط الشرطة المجرمين، لكن عندما حاولوا الإمساك بهم، وقع تبادل لإطلاق النار، فقتلوا جميعا على إثره، ومن هنا فلم يعد هناك شهود عيان مباشرون يستطيعون أن يقولوا ماذا حدث لريجيني بالضبط". وأكدت "لا ستامبا" أن تلك الروايات أصبحت سخيفة لأن وراءها مأساة، مضيفة أن المشكلة الأكبر تتعلق بدولة عدد سكانها 90 مليون نسمة، بلد كان مفتاحا للشرق الأوسط بأكمله، لكنه لا يزال يفتقر إلى الموارد الاقتصادية اللازمه حتى يقف على قدميه. المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، سارع إلى نفي تصريحات وزيره في بيان، قائلا "هذا الكلام غير صحيح، وليس له علاقة بالواقع"، مضيفا "منذ وقت وقوع الحادث تعرضنا للكثير من الشائعات التي تم تداولها في بعض وسائل الإعلام على أنها حقيقة". لكن السيد أبو زيد لم يتطرق إلى متوالية الكذب التي فشلت الأجهزة المصرية، في أقناع الطليان بها، كما لم يقنع بها الرأي العام في مصر، وهو ما يعطي انطباعا بأن الدولة التي صدقت رواية شاهد زور عن معركة وهمية دارت بين ريجيني وصديق له أمام قنصلية إيطاليا بالقاهرة، وسربت عبر إعلاميها شائعة أخرى تفيد بأن المرحوم كان "بتاع نسوان"، فضلا عن كونه جاسوس وعميل، لا نستبعد أن تنسج رواية جديدة عن "مازوخية" الباحث الإيطالي، و"سادية" العصابة التي تم تصفية كل أفرادها، وتركوا خلفهم قطعة حشيش تخص ريجيني الذي خطف قبل شهرين من مقتل أفراد العصابة. الدولة "الماسوخة" التي فضحتنا وجرستنا في المحافل الدولية بعدم احترامها لحقوق مواطنيها المسحوقين تحت جزم "البهوات" في الداخل، أو المدهوسين تحت إطارات سيارات الخلايجة، يجب أن ترد على القصة التي نشرتها صحيفة "لا ريبوبليكا"، واتهمت فيه مسؤولين كبار في الدولة بالتورط في قتل وإخفاء جثة ريجيني، مستندة إلى رسالة من مصدر مجهل، لكن روايته تطابقت في 3 تفاصيل أساسية مع ما توصل إليه تقرير تشريح جثمانه في إيطاليا، ولا يعرف تفاصيله سوى المحققين الإيطاليين. "لا ريبوبليكا" التي أجرى معها الرئيس السيسي حوارا قبل أسبوعين، قالت في تقرير لها أمس، ترجمته الزميلة المتميزة مروة محمد، إن النيابة العامة بروما تحفظت على رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلت من حساب تابع لشركة "ياهو"، وكانت في المجمل باللغة العربية وإن احتوت على كلمات بالإنجليزية والإيطالية. الرسالة التي قال مرسلها المجهول إنه مصدر ب"الشرطة المصرية" ومطلع على قضية ريجيني، تروي تفاصيل التعذيب التي تعرض لها باحث الدكتوراة الإيطالي، وذلك في الفترة ما بين 25 يناير الماضي حتى لقى مصرعه 3 فبراير. وتتهم الرسالة جهات عليا بالضلوع في الحادث، ووفق الصحيفة ذاتها، حصل المدعي العام الإيطالي، سيرجو كولاتشو، ومحامي أسرة ريجيني، وتدعى ألسندرا باليريني، على الرسالة التي تتهم اللواء خالد شلبي، رئيس الإدارة العامة لمباحث الجيزة، بالضلوع في تعذيب الشاب الإيطالي. تفاصيل التقرير المنشور في الصحيفة الإيطالية مرعبة، والأسماء التي ذكرت فيه قد تستدعي إقالة رؤوس كبيرة في الدولة لو صحت. الرئيس السيسي، خلال استقباله وفدًا من الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، أعلن عن تعاون مصر الكامل وبشفافية مع إيطاليا للوقوف على ملابسات مقتل ريجيني، وتقديم الجناة للعدالة.