لم يتأخر الرد الروسي على تصريحات مفاوضي المعارضة السورية في جنيف، التي طالبت من خلالها بضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد من المشهد السياسي في سوريا، حيث اعتبر محمد علوش كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية أن المرحلة الانتقالية تبدأ برحيل بشار الأسد أو بموته. مطالب المعارضة السورية تعكس بوضوح الرغبة الجامحة للسعودية، التي تتحكم في دفة المعارضة من خلال الوفد السوري المعارض الذي شكلته الرياض، فأقوال علوش ما هي إلا لسان حال السعودية التي قالت وعلى لسان وزير خارجيتها عادل الجبير: إما أن يخرج الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة سلميًّا أو بشكل عسكري. صحيح أن الرد الروسي كان على تصريحات المعارضة السورية، لكن على المملكة أن تسمع أيضًا، حيث أشارت وزارة الخارجية الروسية إلى أن الدعوات لرحيل بشار الأسد عن سدة الحكم في سوريا تتعارض مع القانون الدولي، وتُعَدُّ ضربًا من الجنون. وقالت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، في مؤتمر صحفي عقدته أمس : تُعَدُّ كافة الأحاديث حول رحيل هذا أو ذاك من الزعماء خارج نطاق القانون، وبالإضافة إلى القوانين الداخلية للدول، هناك ميثاق الأممالمتحدة الذي يتضمن أحكامًا واضحة حول عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وفي معرض تعليق زاخاروفا على تصريحات السعودية وبعض الدول والقوى السياسية الأخرى، حول ضرورة رحيل الأسد فورًا، قالت: الشيء المثير للضحك، بشكل خاص، هو المطالب بالرحيل فورًا، ونحن نسمع هذه التصريحات منذ سنوات عدة، ولو كنت في مكانهم لما استخدمت هذه الكلمة (فورًا) على الإطلاق. وأعادت الدبلوماسية الروسية إلى الأذهان أن سيناريو تغيير الأنظمة لم يؤدِّ أبدًا إلى أي نتيجة إيجابية، في إشارة إلى الأوضاع في ليبيا واليمن. الرد الروسي وقرار الانسحاب من سوريا قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس أثناء مراسم تكريم عدد من العسكريين والخبراء الروس، الذين شاركوا في العملية الجوية الروسية بسوريا: إن قرار سحب القوات الروسية من سوريا جاء بالتنسيق مع الرئيس السورى بشار الأسد. وفي إشارة من الرئاسة الروسية إلى استمرار نهج الروسي الداعم للجيش السوري، قال: إن روسيا عززت القوات المسلحة السورية التي أصبحت الآن قادرة ليس فقط على ضد الإرهابيين، بل وإجراء عمليات هجومية ناجحة ضدهم. وتكمن أهمية تصريحات بوتين ووزارة الخارجية الروسية أنها جاءت في الوقت الذي صنف فيه بعض المراقبين أن الانسحاب الروسي من سوريا كان نتيجة لتخلي بوتين عن الأسد، وأن الخطوة الروسية جاءت ردًّا على تصريحات وزير الخارجية السورية وليد المعلم التي قال فيها قبل يومين من جولة المفاوضات الجديدة بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف، إن الرئيس بشار الأسد، الذي تصر المعارضة على أنه لا دور له في المرحلة الانتقالية للبلاد خط أحمر ومصيره خارج إطار البحث. وأكدت الرسائل الروسية الأخيرة أن موسكو ما زالت تدعم خيارات الحكومة السورية، فدعم روسيا للأسد تجلى من خلال الدعم الروسي لمؤسسة الجيش، حيث قال بوتين: إن هدف التواجد الروسي في سوريا هو دعم الكفاح الشرعي للجيش السوري ضد التنظيمات الإرهابية. وأضاف أن روسيا ستزيد قواتها في سوريا؛ لتصل إلى المستوى المناسب "خلال بضع ساعات إذا اقتضت الضرورة ذلك". وأضاف أن موسكو أبلغت كل شركائها بأنها ستستخدم منظومتها للدفاع الجوي "إس-400" ضد أي هدف تعتبره خطرًا على عسكرييها. ويُعَدُّ مصير الأسد نقطة خلاف محورية بين الحكومة والمعارضة السورية، إذ تتمسك المعارضة بأنه لا دور له في المرحلة الانتقالية، في حين يؤكد المفاوضون عن الحكومة السورية في جنيف أن مصير الأسد يتقرر فقط من خلال صناديق الاقتراع. وتدور محادثات جنيف المتأزمة حول هذه النقطة، حيث يسعى المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا، لبحث ثلاث مسائل، هي تشكيل حكومة جديدة جامعة، ودستور جديد، وإجراء انتخابات خلال الأشهر ال 18 المقبلة، اعتبارًا من موعد بدء المفاوضات.