هو شاب في بداية العقد الرابع من العمر، يبدأ يومه قبل شروق الشمس بتجهيز عربة الفول والعيش وما يستلزمه إفطار العمال والمارة في المكان الذي يقف فيه، ويقدم خدماته لزبائنه نظير جنيهات قليلة، يقتات منها وأسرته المكونة من ستة أفراد، ويسكن في بدروم إحدى العمارات بمدينة دمياط الجديدة. هو سيد دياب محمود عبد الله، قدم إلى محافظة دمياط بحثًا عن الرزق الحلال. عمل في المعمار، ولكنه أصيب بدوالي فى الخصيتين، وأجرى عدة عمليات جراحية، وأوصى الأطباء ألا يعمل في أعمال شاقة مرة أخرى، ولا يحمل أي أثقال. يقول سيد ل "البديل": "بعد أن ضاقت بي الدنيا، ولم أجد عملًا يناسب حالتي الصحية، وأنا أعول أسرة مكونة مني وزوجته وأربعة أبناء اثنان منهم في التعليم الابتدائي ، وملتزم بدفع إيجار البدروم الذي أسكن فيه، كان لازمًا عليًّ أن أجد ما يكفيني أنا وأسرتي، ففكرت في عربة الفول". وتابع عبد الله "أستيقظ مبكرًا، وأجهز ما أحتاج إليه من المخللات والسلطات، وأخرج بالعربة؛ لطلب رزقى ورزق أولادى؛ لأكفي نفسي بالحلال، خاصة أيى حاصل على دبلوم فني، وأكيد لن أجد وظيفة؛ لأنه لا توجد وظائف أصلًا". ويضيف "اخترت مكانًا لا يمثل أي مشكلة لأي أحد أبدًا، فأنا أقف في بداية الحي الثالث أمام المركز الدولي للعيون في قطعة أرض فضاء بعيدًا تمامصا عن الطريق، ولا أسبب أي إشغالات مطلقًا، ومع ذلك موظفو الجهاز لا يتركونني في حالي أبدًا، ويومًا بعد يوم يأتون ويقومون بأخذ العربية بما عليها. وإن كان الله منّ علينا ببعض المكسب يضيع في هذه العملة، وأبدأ رحلة عذاب حتى أستردها وأصلحها، وأبدأ من جديد. وإذا إعترضت وقلت: لماذا تفعلون معي هذا وأنا لا أسبب أي أذى لأي أحد ولم يتقدم أي شخص بشكوى في حقي؟ يكون الرد من الموظفين: امشِ من المدينة كلها". وعقب "مش عارف إيه السبب وبيعملوا معايا كده ليه. أنا عاوز أعيش ومستعد أروح للشرطة للكشف عني؛ ليطمئنوا أنى لست هاربًا ولا لي أي سوابق. وكل ما أطلبه أن يتركوني أعمل؛ حتى أدبر مصروفات بيتي وأولادي، وأدفع إيجار البدروم الذي أسكن فيه. فأنا لم أطلب أي شيء غير أن يتركوني أعمل فقط، ولو أن هناك رسومًا أنا مستعد للدفع، على أن أعمل في أمان؛ لأني أقف يوميًّا كالمطاردين، ولا أستطيع التركيز في عملي؛ لأنني أقف أتلفت حولي، وأنتظر حضور موظفي الجهاز في أي لحظة".