رغم أنها تساهم بدور ملحوظ في إنهاء العديد من الخصومات والمشكلات بين القبائل والعائلات إلَّا انها ربما تأتي أحكامها مخالفة للدستور والقانون كالتهجير أو دفع الدية. تتعارض المجالس العرفية مع مفهوم دولة المؤسسات التي يتغنى بها المسؤولون، الذين غالبا ما يحضرون تلك الجلسات ويوافقون على ما تنتهي إليه من أحكام. فلا يجوز المنع من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية أو حظر الإقامة في جهة معينة، إلَّا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون، كما نصت المادة 63 على أنه يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم حيث نصت المادة 62 من الدستور المصري على أن حرية التنقل والإقامة والهجرة مكفولة. ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه. وقد أنهى مشايخ عرب حلوان بالقاهرة، الجمعة، خلال جلسة محكمة عرفية، خصومة ثأرية بين عائلتي «الخطيب وفرغلي»، بعد فشل مساعي الحل عدة مرات، من جانب قيادات شعبية ورموز العائلتين، وقدم أحد افراد عائلة فرغلي، في حضور المئات من أهالي منطقة عرب غنيم، كفنه ل«ولي الدم» من عائلة الخطيب، التي قبلت بعد مفاوضات استمرت 7 أشهر، تقديم الكفن، على أن يبيع القاتل منزله ويرحل عن المنطقة لمنع حدوث أي مشكلات أو احتكاكات بين الطرفين. شارك في الصلح عضوا مجلس النواب إسماعيل نصر الدين وحمدي عبد الوهاب، عن دائرة حلوان، وحرر شيوخ حلوان وعلى رأسهم الشيخ ناجي محيسن العميري وأحمد الشقيفي ومحمد أبو دياب ومحمد أبو غياض، وجمال الغنيمي وغيرهم محضر صلح وقع الأطراف عليه وسط هتافات «الله أكبر». وقال ناجي محيسن العميري، أحد مشايخ حلوان: العادات والتقاليد العرفية تقف بجانب القوانين، وتتفوق عليها فى كثير من الأحيان، في سرعة إنهاء المشكلات والخصومات بين الناس، كما تمنع تكرارها، خاصة أن طرفي النزاع تأخذ عليهم ضمانات لمنع حدوث أي احتكاكات بينهم. نشبت اشتباكات بين عائلتين بالمطرية، إحداهما مسيحية والأخرى مسلمة، ولم تتمكن قوات الأمن من السيطرة عليها، حيث تجمع مسلمو المنطقة ورشقوا البيت القبطي بالطوب والأسلحة، وتم تهجير الأسر من المنازل خوفًا من بطش الأهالي، بينما ألقت قوات الأمن القبض على عدد من الشباب المسيحي، وعقدت جلسة صلح عرفية بين العائلتين، قضت بتهجير العائلة القبطية وبيع ممتلكاتهم خلال 6 أشهر، وتغريمهم مليون جنيه و100 جمل و5 عجول وقطعة أرض 200 متر، إضافة إلى تقديم أكفانهم لأهالي العائلة المسلمة، دون اللجوء إلى القانون في تحد سافر للدولة والقانون. في أكتوبر من العام الماضي تم تهجير أسرة قبطية من 60 شخصًا من قِبَل الشرطة، داهمت المنزل بحثًا عن شخص مطلوب للاستجواب في جريمة جنائية، واقتادت 18 من أفراد العائلة بينهم نساء وأطفال واحتجزوا لمدة 6 أيام. وفي بني سويف بدأت الواقعة بنشر شاب قبطي يدعى أيمن يوسف مرقص، مقيم بالأردن، صور اعتبرها مسلمو القرية مسيئة للإسلام، مما أسفر عن هجوم العشرات من مسلمي القرية على منازل أقباط القرية وحرق مواشيهم، وعقدت جلسة عرفية للتصالح قضت بتهجير الأسر القبطية ودفع غرامة مالية 500 ألف جنيه. وقال الدكتور رمضان بطيخ، أستاذ القانون الدستوري: هناك قطاع كبير من الشعب يلجأ إلى الأحكام العرفية؛ لحل المشكلات والنزاعات التي يتعرض لها، لأنها أسرع في حل المشكلات من الإجراءات القانونية والقضاء العادي، بالإضافة إلى أنها تكون أقسى في العقوبة من الأحكام القانونية، وفي الغالب ما تكون بدفع الدية أو التهجير، وذلك مخالف للدستور والقانون الذي نص على حذر التهجير تحت أي سبب. وأشار إلى أن هناك بعض المسؤولين يحضرون تلك الجلسات، لذلك علينا أن نعود لدولة القانون ووضع إجراءات قانونية تساعد في سرعة إصدار الأحكام القضائية وتحقيق القضاء العادل.