منذ أن بدأت الهبّة الشعبية الفلسطينية في مطلع أكتوبر الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 140 فلسطينيًّا، فضلًا عن هدم المنازل والاعتقالات، وهو ما تم توثيقه من خلال تقارير صادرة عن الأممالمتحدة، لتصبح الحقائق واضحة أمام العالم أجمع غير قابلة للشك أو التدليس، لكن مع ذلك يستشيط الكيان الصهيوني غضبًا إذا أقرت أي دولة بحقيقة الإرهاب الصهيوني، وتبدأ التهديدات بالمقاطعة الدبلوماسية، وتنطلق تصريحات المسؤولين بالكيان الصهيوني شديدة اللهجة، ويبدأ الابتزاز الصهيوني؛ في محاولة لتكميم الأفواه. مزيد من التدهور طرأ على العلاقات الإسرائيلية السويدية خلال الفترة الماضية، حيث زادت انتقادات السويد للكيان الصهيوني وخاصة قوات أمنها التي تقتل الشعب الفلسطيني دون أي وجه حق أو حتى محاكمات، وهو ما أدانته وزيرة الخارجية السويدية مارغوت وولستروم، التي طالبت الثلاثاء الماضي، بفتح تحقيق جدي في عمليات الإعدام الميداني بدون محاكمة التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وأضافت وولستروم خلال جلسة للبرلمان أنه "من الضروري إجراء تحقيق شامل وجدي موثوق به حول الإعدام بدون محاكمة من قِبَل إسرائيل خلال الأحداث العنيفة وهجمات السكاكين في الشهرين الأخيرين بين إسرائيل والفلسطينيين؛ لتوضيح ما يجري ومحاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم إلى العدالة". التصريحات السويدية أثارت حفيظة الكيان الصهيوني، حيث انطلقت تصريحات إسرائيلية شديدة اللهجة منددة بالوزيرة السويدية، فجاء الرد الأول من وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي أعلنت قرارها بحرمان السويد من لعب أي دور في العملية السياسية بين تل أبيب والسلطة الفلسطينية، واصفة تصريحات وولستروم ب "متهورة وسخيفة"، وقالت الخارجية الإسرائيلية "في ضوء المواقف الضارة التي لا أساس لها لوزيرة خارجية السويد، تزيل السويد نفسها في المستقبل المنظور من أي دور، حتى الأصغر، فيما يتعلق بالعلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين"، واعتبرت الخارجية الإسرائيلية أن تصريحات وولستروم "تشهد على انحيازها بل وسلوكها المعادي لإسرائيل، وتكشف أنها لا تفهم ما يجري في المنطقة". من جانبه صرح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قائلًا "هذا أمر شائن وغير أخلاقي وغبي، الناس يدافعون عن أنفسهم ضد مهاجمين يحملون سكاكين يحاولون طعنهم حتى الموت ويطلقون النار على هؤلاء الناس، فهل يكون ذلك قتلًا خارج إطار القانون؟". وأمر نتنياهو باستدعاء سفير السويد لدى تل أبيب، كارل ماغنوس نيسي؛ للتوبيخ على خلفية تصريحات وزيرة الخارجية السويدية، كما وجه وزير الخارجية الإسرائيلي السابق "أفيجدور ليبرمان" انتقادات لاذعة لوزيرة الخارجية السويدية قائلًا إن العمل الوحيد الذي لم تفعله وزيرة خارجية السويد لإسرائيل هو الانضمام للفلسطينيين والقيام بعملية طعن. ودعت الحكومة الفلسطينية المجتمع الدولي إلى تبني الموقف السويدي الشجاع، فيما اعتبرت وزارة الإعلام الفلسطينية أن السويد تتخذ موقفًا أخلاقيًّا يتماشى مع المواثيق الدولية، ويجب أن يكون قاعدة تسير عليها دول الاتحاد الأوروبي والعالم بأسره؛ لإنصاف الشعب الفلسطيني من إرهاب دولة الاحتلال وممارساتها البشعة بحق الشعب الفلسطيني، ودعت المجتمع الدولي إلى منح فلسطين المكانة التي تستحقها، والعمل على نفي وشطب عقلية الاحتلال والتعالي على القانون والقرارات الأممية من القاموس السياسي الدولي إلى الأبد. تصريحات وولستروم المستمرة ضد إسرائيل وردود الأخيرة عليها أثارت العديد من الخلافات بين الطرفين، التي ارتقت إلى وصفها بالأزمة الدبلوماسية بينهما، لكن هذه الأزمة لم تكن وليدة تصريحات وزيرة الخارجية السويدية، بل بدأت بعد اعتراف الحكومة السويدية، بعد فترة وجيزة من فوز الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بدولة فلسطينية في أكتوبر 2014؛ لتتواصل بعد ذلك الخلافات بوتيرة حادّة خلال السنة الماضية، والتي جاء أبرزها في ديسمبر الماضي عندما اتهمت وزيرة الخارجية السويدية الاحتلال الصهيوني بتنفيذ إعدامات خارج نطاق القانون بحق الفلسطينيين، وقالت إن أسباب هجمات داعش في العالم هي استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، لترد الخارجية الإسرائيلية على التصريحات بوصفها ب "شائنة وغير مسؤولة وتقدم الدعم للإرهاب وتشجع على العنف"، وحذرت من قطيعة دبلوماسية بين البلدين، فيما ألمحت نائبة وزير الخارجية "تسيبي حوتوفيلي" إلى إمكان استبعاد الحكومة السويدية من الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين المتوقفة منذ مطلع 2014. نشب خلاف وانطلقت على أثره تصريحات معادية بين الطرفين كان بطلها وزيرة الخارجية السويدية ونظيرها الإسرائيلي السابق أفيجدور ليبرمان، حين قال "على الحكومة السويدية أن تفهم أن العلاقات في الشرق الأوسط أكثر تعقيدًا من تركيب مفروشات إيكيا، وأنه لا بد من التحرك في هذا المجال بمسؤولية وحساسية"، لترد عليه نظيرته السويدية قائلة "سأكون سعيدة بإرسال قطعة مفروشات من إيكيا إلى أفيجدور ليبرمان لكي يجمعها، سيكتشف بأنه لا بد من شريك ولا بد من تعاون ومن وجود كتيب شرح جيد". وصعدت إسرائيل من خطواتها المعادية للسويد، وذلك من خلال إصدار قرار بعدم استقبال مسؤولين سويديين في زيارات، حيث أعلنت نائب وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي حوتوفيلي عدم الموافقة على زيارة مسؤولين سويديين كبار، كما حمل الوزير الإسرائيلي يوفال شتاينيتس بشدة على الوزيرة السويدية، متهمهًا إياها ب "معاداة السامية" وبأنها تشير إلى إسرائيل فقط، وتتجاهل إقدام دول أخرى مثل الولاياتالمتحدة وروسيا وفرنسا على قتل الإرهابيين أثناء الاعتداءات.