عرفت السعودية المزيد من التعنت والتهور مع بداية حكم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، الذي دفع المملكة إلى عدة صراعات داخلية وخارجية، فتح بها العديد من الجبهات على نفسه، آخرها جبهة المعركة المفتوحة مع إيران بعد إعدام الشيخ النمر، بهذه الخطوة جبهة داخلية جديدة شرقًا قبل أن تغلق جبهتها المفتوحة جنوبًا بعد حربها على اليمن، والتي لا تزال تعاني من تداعياتها الكارثية على الأوضاع الأمنية والاقتصادية الداخلية للمملكة. مظاهرات عنيفة جاءت ردود الفعل منافيه تمامًا لظنون المملكة، حيث استشاطت العديد من الدول غضبًا من الخطوة السعودية المفاجئة، وعلى رأسها إيران، التي انطلقت فيها مظاهرات واحتجاجات طالت السفارة السعودية في طهران، وقنصلية المملكة في مدينة مشهد التي تعتبر ثاني كبرى مدن إيران بعد العاصمة طهران، حيث اقتحم عشرات الإيرانيين السفارة السعودية مساء السبت، ورشقوا مبنى السفارة بالزجاجات الحارقة ودخلوا حرم المقر قبل أن تخرجهم منه الشرطة الإيرانية. تصعيد لفظي وأضفى التصعيد اللفظي من جانب الحكومة الإيرانية ضد المملكة والعكس المزيد من التعقيد على المشهد، ليؤكد أن المعركة المقبلة بين الطرفين مفتوحة وجميع الاحتمالات فيها مطروحة. ذكر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية، أمس السبت، أن الوزارة استدعت السفير الإيراني لدى المملكة، وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة حيال التصريحات الإيرانية العدوانية، وعبرت الوزارة للسفير عن استهجان السعودية ورفضها القاطع لهذه التصريحات العدوانية، التي تعتبرها تدخلًا سافرًا في شؤون المملكة، كما حملت وزارة الخارجية الحكومة الإيرانية المسؤولية كاملة حيال حماية السفارة السعودية في طهران، وقنصلية المملكة في مدينة مشهد، وحماية أمن منسوبيها كافة، من أي أعمال عدوانية، بموجب الاتفاقيات والقوانين الدولية. على الجانب الآخر، أدان المرشد الأعلى الإيراني علي الخامنئي بشدة إعدام الشيخ نمر باقر النمر، وقال: الدم المراق على غير وجه حق لهذا الشهيد المظلوم سيعطي ثماره بسرعة وسيطال الانتقام الإلهي، الساسة السعوديين، وأكد الخامنئي أنه «على العالم أن يتحمل مسؤولياته تجاه جريمة إعدام الشيخ النمر». ماذا لو نزع "سلمان" فتيل الأزمة؟ كان الأمل معقودًا على أن يتميز سلمان بالحكمة والتعقل ويلعب سلمان دورًا شجاعًا بإلغائه حكم المحكمة، مما كان من شأنه وقف تمدد نار الفتنة والطائفية بالشرق الأوسط، لكن هدف مواجهة النفوذ الإيراني أعمى حكام المملكة الحاليين وجعلهم ينجرفون وراء تحقيق أي إنجاز في تاريخهم. فالمنطقة تغلي على فوّهة بركان، والتوتر القائم ليس بحاجة إلى أسباب وتداعيات جديدة لتظهره، كما أنه سيؤدي حال تصاعده أكثر إلى انفجار كبير بالمنطقة، لكن لم تأبه السعودية بتحذيرات إيران مرارًا من عواقب وخيمة على السعودية في حالة إعدام النمر، ولم تخطر تلك المعطيات ببال الملك السعودي قبل أن يصدق على القرار. وشكك فريق من المتابعين في حكمة وعقلية سياسي وحكام المملكة، وأن الملك السعودي سيوقع على الحكم بل ويعجل بتنفيذه، في محاولة منه لإعادة القوة والنفوذ للسعودية، وإزالة الشعور بالإحباط الذي تملك الشعب السعودي والأسرة الحاكمة، جراء الفشل في تحقيق إنجاز باليمن، فيما رأي فريق آخر أن حكمة الملك سلمان ستلعب دورًا كبيرًا في هذا الشأن، برفضه ابلتصديق على الحكم. هل ينهار حكم سلمان؟ تحت عنوان «هل سيدمر هذا الملك بيت آل سعود؟» تناولت صحيفة «صانداي تايمز» المشهد الكامل لقرار السعودية تنفيذ حكم الإعدام بحق 47 شخصًا، بينهم الشيخ نمر باقر النمر، حيث قالت الصحيفة: عملية الإعدام تلك تعتبر الأضخم في تاريخ المملكة منذ العام 1980، الذي شهد قتل 63 شخصًا في البيت الحرام بمكة المكرمة، وهو الحدث الذي هز المؤسسة الدينية التابعة للعائلة المالكة. ونقلت الصحيفة تصريحات رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي قارن بين إعدام نمر النمر والإعدامات التي كان ينفذها نظام صدام حسين بالعراق القرن الماضي، وأكد المالكي أن مُلك آل سعود سينتهي بسبب تصرفاتهم. الصحيفة البريطانية شنت هجومًا لاذعًا على حكم الملك سلمان بن عبد العزيز، واعتبرت السنة حكمها «واحدة من أسوأ السنوات في تاريخ المملكة» فقالت: العالم الغربي يدرك حاليًا أن الفكر الوهابي الذي بنيت عليه المملكة سبب التطرف الذي يجتاح المنطقة، إضافة إلى الأدلة والإشارات العديدة التي توضح وجود مشكلات في العائلة السعودية المالكة؛ بسبب السياسة التمييزية التى ينتهجها سلمان بتعيين ابنه المفضل محمد بن سلمان منصب وزير الدفاع، رغم أن سنه لم يتخط الثلاثين وعين وليًّا لولي العهد. إيران والسعودية.. قطبان متنافران العلاقات الحالية بين الرياضوطهران تُعد من أكثر الفترات توترًا بين البلدين، لكن هذا لا ينفي أن العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية لم تكن يومًا جيدة، بل شهدت العديد من التوترات والمشادات على مر العصور، بداية من تأسيس العلاقات بين الطرفين بشكل رسمي في عام 1929، مرورًا بفترة حكم الشاه رضا بهلوي، التي كانت جوازات السفر الإيرانية حينها تحمل عبارة «يسمح لحامل هذا الجواز بزيارة جميع الدول ما عدا الحجاز»، واتسمت العلاقة في تلك الفترة بالانقطاع وعدم التواصل، ووصولًا إلى الثورة الإيرانية عام 1979، والتنافس على النفوذ بين الدولتين.