أن يعيش الإنسان بإعاقة يعني أنه سيواجه صعوبات عديدة وتحديات لا آخر لها في كل يوم من حياته، خاصة في مجتمع قد يحدُّ من قدراته، ولكن الأصعب أن يقاتل المصاب بإعاقة احتلالًا إسرائيليًّا. هذه تحديدًا هي المعركة التي يخوضها محمد الدلو (21 عامًا من قطاع غزة)، والذي يعاني من ضمور العضلات منذ ولادته، ما يجعل له حكاية مع الألم في كل مرحلة من حياته، لكنه أبى الاستسلام؛ ليبدع في عالم الرسم، ويشكل بريشته، ليس همه فقط، بل هم قضية فلسطينية عادلة يؤمن بها. حدثنا عن دور الأسرة في رعاية موهبتك أسرتي كانت عونًا لي في تحمل الإعاقة والصبر، خاصة أبي، الذي قرر أن يرسلني إلى المدارس العامة، وليس مدارس خاصة بالمعاقين، حيث دمجني مع أقراني الأصحاء، وساعدني في الاندماح بالمجتمع، خاصة وأنهم قبلوني بينهم ولم يروني غريبًا، ولم يُشعِروني حتى بأني صاحب إعاقة. ما هي أكبر مشكلاتك التي تواجهها وتواجه من هم في مثل ظروفك؟ أكبر مشكلاتي هي عدم تطبيق معاهدة الأممالمتحدة لذوي الإعاقات في قطاع غزة؛ ما يجعل فرصة المعاقين ضئيلة جدًّا في التطور والانخراط بالمجتمع. فوفقًا للإحصائيات الطبية الفلسطينة، فإن 87% من المعاقين يعانون من البطالة نتيجة إعاقاتهم، إضافة إلى أن ثلثهم غير قادرين على الزواج، وثلثًا آخر منهم لم يدخلوا المدرسة قط. وكيف بدأت رحلة كفاحك، حتى وصلت لهذه المكانة؟ منذ صغري كان الفن هوايتي، التي كبرت وازداد شغفي به مع الوقت. فليس للطموح حدود. عندما بدأت حالتي الصحية في التراجع، لم يكن بوسعي تحمُّل ساعات الدراسة الطويلة؛ لذلك قررت ترك المقاعد الدراسية؛ لأبدأ رحلتي الفردية في تحقيق حلمي. وخلال مرحلة الدراسة الإعدادية، لم أكن واثقًا بموهبتي الفنية، لكن معلمي آنذاك شجعني على تنميتها وتطويرها. وعندما اضطررت لترك المدرسة، اتجهت للإنترنت، ووجدت نفسي منجذبًا للرسوم الكارتونية. واستطعت تطوير فني، والتعبير عن كل ما بداخلي بقلم رصاص وورقة بيضاء. بدأت في عرض أعمالي على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصدقائي، وأفراد عائلتي، ثم شاركت في المعارض الفلسطينية، واستطعت جذب انتباه وسائل الإعلام المختلفة، وبلغ إنتاجي أكثر من 600 لوحة. ما هي تطلعاتك في المستقبل؟ أتطلع لترك علامة في عالم الفن، والسفر كي أرى أشكالًا مختلفة وجديدة منه، خاصة فن الرسم الكارتوني، وأتمنى مشاركة أعمالي في معارض دولية، ومقابلة رسامين عالميين وأكاديمين؛ من أجل تطوير موهبتي. مؤكد أن هناك شخصيات تأثرت بها في مشوارك الفني، فمن أبرزهم؟ فريدا كاهلو، وكلودي مونيت، وهينر دي، إضافة لتأثري الشديد بأعمال بيكاسو والرسام الياباني ناوكي تاتي. ما هي نصيحتك لمن هم مثلك؟ عليهم عدم إخفاء الموهبة، وكل شيء ممكن بالعزيمة والإصرار، وأدعوهم أن يكونوا فخورين بما هم عليه، وبدورهم في المجتمع؛ لأن أصحاب الإعاقة يمتلكون روحًا مفعمة بحب الحياة.