تواجه اليمن منذ مارس من العام الجاري، عدوانا سعوديا يشارك فيه عدد من الدول العربية، أبرزها الإمارات، بعد الإطاحة بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وتسلم نائبه عبد ربه منصور هادي، الرئاسة في 21 فبراير 2012، بموجب المبادرة الخليجية، ليبدأ بعدها الخلاف بين أنصار الله «الحوثيين» من جهة والرئيس هادي والقوات الموالية له من جهة أخرى، على خلفية رفض ممثل الحوثيين في لجنة كتابة الدستور توقيع المسودة النهائية للدستور التي تنص على تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم في 5 يناير 2015، وقتها وصف عبد الملك الحوثي، زعيم حركة أنصار الله، أن مشروع ال 6 أقاليم بالتحايل والانقلاب على اتفاق السلم والشراكة. السعودية والحلول العدوانية عاصفة الحزم في 26 مارس 2015، أعلنت السعودية بقيادة ملكها الجديد سلمان بن عبد العزيز، انطلاق ما يسمى بعاصفة الحزم بمشاركة قوات من المملكة و10 دول عربية من أجل دعم حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وشنت قوات التحالف العربي عدوانا على عدد من المواقع التي سيطرت عليها حركة أنصار الله وتم إعلان إغلاق المجال الجوي اليمني أمام حركة الطيران. وفي 21 إبريل، أعلن المتحدث باسم عاصفة الحزم، العميد أحمد العسيري، انتهاء عملية عاصفة الحزم بذريعة أن الإيقاف جاء بناء على طلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. محللون سياسيون اعتبروا ما حدث هزيمة للسعودية، سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي، فالرياض لم تستطع تحقيق أي إنجاز عسكري من خلال غارتها الجوية، فحسب المعايير العسكرية لا نصر من دون تقدم بري، ويبدو أن السعودية كانت تهدف من العملية تقليب الرأي العام اليمني ضد حركة أنصار الله؛ باعتبارها السبب في العدوان على اليمن، وقتها أعلنت منظمة الصحة العالمية أن حصيلة العدوان على اليمن منذ أواخر مارس خلفت 944 قتيلا و3 آلاف و487 جريحا. إعادة الأمل ترافق الإعلان عن انتهاء عاصفة الحزم إطلاق عملية جديدة، تسمى «إعادة الأمل»، تهدف، بحسب العسيري، إلى التصدي لجماعة أنصار الله والقوات المنضمة إليها، بالإضافة إلى دعم الحوار السياسي باليمن، ورأى محللون أنها محاولة للتغطية على خسارة السعودية العسكرية لعملية عاصفة الحزم، فالطابع العام لعملية إعادة الأمل مازال عسكريا ومحاولة المملكة السعودية بإعطاء العملية طابع سياسي، محاولة للتهرب من أي حساب على المستوى العسكري. الفترة ما بين عاصفة الحزم وإعادة الأمل والتي لم تتجاوز الشهر، اتجه اليمن فيها إلى مزيد من الفوضى والدمار، ونتج عن عدوان التحالف السعودي الأمريكي العربي الذي استخدمت فيها المملكة السعودية أحدث القنابل وأكثرها خطورة، وهي القنابل الفراغية التي تأتي بعد القنابل النووية من حيث قوة التدمير. وبحسب أرقام الأممالمتحدة، أدى عدوان التحالف السعودي على اليمن إلى قتل أكثر من 5 آلاف و700 شخص، وجرح قرابة 27 ألفا منذ مارس الماضي، منهم قرابة ألفي و700 قتيل وأكثر من 5 آلاف و300 جريح من المدنيين. و اتهمت منظمة العفو الدولية، التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد اليمن، بأنه شن غارات جوية استهدفت مدارس، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني أدى لحرمان آلاف الأطفال من الدراسة. المسار السياسي التفاوضي باليمن تبدلت بتسارعٍ مطرد مواقف أطراف النزاع في اليمن، ويبدو أن هيئة الأممالمتحدة حققت إنجازا دبلوماسيا من شأنه تمهيد الطريق أمام مفاوضات سلام مباشرة بين هذه الأطراف. القرار الأممي 2216 في 14 أبريل 2015، تبنى مجلس الأمن الدولي، استنادا إلى مشروع عربي القرار رقم 2216 الذي يحظر توريد الأسلحة لأنصار الله، ويؤكد دعم المجلس للرئيس اليمني هادي ولجهود مجلس التعاون الخليجي، وصوت لصالح القرار تحت البند السابع 14 من أعضاء المجلس ال15، فيما امتنعت روسيا عن التصويت. وطالب القرار أنصار الله بعدد من الخطوات بصورة عاجلة دون قيد أو شرط، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي سيطروا عليها، بما فيها العاصمة صنعاء، والكف عن أعمال تعتبر من الصلاحيات الحصرية للحكومة اليمنية الشرعية، والامتناع عن أية استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، بما فيها الاستيلاء على صواريخ أرض- أرض، ومخازن أسلحة تقع في مناطق محاذية للحدود أو داخل أراضي دولة مجاورة. وطالبوا حركة أنصار الله بالإفراج عن وزير الدفاع اليمني، اللواء محمود الصبيحي، وجميع السجناء السياسيين والأشخاص الموجودين تحت الإقامة الجبرية والموقوفين تعسفيا، كما وسع القرار قائمة العقوبات الدولية الخاصة باليمن، التي فُرضت تنفيذا للقرار 2140 الصادر في فبراير عام 2014، إذ تم إدراج زعيم حركة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، وأحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على القائمة السوداء بتهمة التورط في أعمال تزعزع السلام والأمن والاستقرار في اليمن، عقوبات انصبت في تجميد أرصدهم وحرمانهم من السفر إلى للخارج. جنيف 1 الجولة الأولى من مفاوضات جنيف التي انطلقت في 14 يونيو 2015 بين الحكومة اليمنية وممثلين عن جماعة أنصار الله، انتهت في 19 يونيو دون الوصل إلى اتفاق، وقتها قال وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، إنه لم يتم التوصل بعد لاتفاق في محادثات السلام في جنيف، لكنها ليس نهاية الطريق. مباديء مسقط في مطلع سبتمبر عام 2015، تم الاتفاق على 7 نقاط في العاصمة العُمانية بين «أنصار الله» من جهة ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من جهة أخرى، على أن تكون مدخلا وإطارا شاملا للحل، وأهم بنودها، الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما فيها القرار 2216 من جميع الأطراف وفق آلية تنفيذية يتم التوافق عليها، وبما لا يمس بالسيادة الوطنية مع التحفظ على العقوبات الصادرة بحق المواطنين اليمنيين، ووقف دائم وشامل لإطلاق النار من جميع الأطراف، وانسحاب كل الجماعات والمليشيات المسلحة من المدن وفقاً لآلية تؤدي إلى سد الفراغ الأمني والإداري ورفع الحصار البري والبحري والجوي. ودعت إلى الاتفاق على رقابة محايدة لتنفيذ الآلية التي سيتم الاتفاق عليها بإشراف الأممالمتحدة، واحترام القانون الإنساني الدولي، خاصة ما له علاقة بحماية المدنيين وإطلاق سراح المعتقلين والمحتجزين من كل الأطراف بمن فيهم من وردت أسماؤهم في قرار مجلس الأمن، وتسهيل أعمال الإغاثة الإنسانية والسماح بدخول كل البضائع التجارية والمواد الغذائية والطبية والمشتقات النفطية وغيرها من المواد الأساسية بدون قيود. كما دعت إلى عودة حكومة خالد بحاح لممارسة مهامها كحكومة تصريف أعمال لفترة لا تتجاوز 90 يوما يتم خلالها تشكيل حكومة وحدة وطنية بما لا يتعارض مع الدستور، وتلتزم جميع الأطراف بتسليم السلاح الثقيل إلى الدولة وفقاً لمخرجات الحوار الوطني الشامل. جنيف 2 برزت معضلة المفاوضات في أن الحكومة اليمنية تتمسك بأن تكون المباحثات من أجل الاتفاق على آلية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216 والذي يلزم أنصار الله وقوات الرئيس السابق بالانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة، وفي المقابل تتمسك الحركة بمباديء مسقط التي تنص شكلا على تنفيذ قرار مجلس الأمن، لكن مضامينها تفرض قواعد جديدة لتسوية سياسية لا يكون الرئيس عبد ربه منصور هادي طرفا فيها. أولقى هذا الاختلاف بظلاله على مفاوضات جنيف 2، ففي الأحد 20 ديسمبر 2015، انتهت مشاورات الأطراف اليمنية التي رعتها الأممالمتحدة في مدينة بيال السويسرية، دون التوصل إلى تسوية لحلّ الأزمة المتصاعدة منذ أكثر من 9 أشهر، واتفقت الأطراف السياسية على جولة مفاوضات جديدة في 14 يناير 2016، لكن المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أشار إلى أنه لم يجر الاتفاق بعد على مكان عقد الجولة القادمة، لكنه ذكر بأن إثيوبيا أحد خيارات المنظمة الدولية. المبعوث الأممي قال إن الأممالمتحدة أحرزت تقدما ملحوظا على طريق حل الأزمة اليمنية في ختام المشاورات السياسية الأولى بين الفرقاء اليمنيين، وأعلن ولد الشيخ أن الأطراف اليمنية اتفقت على مجموعة تدابير لبناء الثقة والإفراج عن المعتقلين والسجناء والمحتجزين قسرا، بشكل تدريجي، بالإضافة التدابير تشمل أيضا الاتفاق على توصيل المساعدات إلى كل المناطق المتضررة، وإنشاء لجنة للاتصال والتهدئة، تشرف عليها الأممالمتحدة.