أسبوع مليء بالزخم الإعلامي خاصة فيما يتعلق بسياسة مصر الخارجية وعلاقاتها بالدول والتحالفات التي يتم تشكيلها في المنطقة، أهمها إعلان السعودية عن تشكيل تحالف إسلامي وانضمام القاهرة له، وأيضا الاجتماعات الخاصة بمفاوضات سد النهضة التي لم تسفر عن اتفاق يرضي الأطراف الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا حتى الآن. التحالف الإسلامي بقيادة السعودية جدل ومناقشات في الأوساط السياسية والإعلامية منذ الإعلان عن تشكيل التحالف الإسلامي، بقيادة السعودية، لمواجهة الإرهاب، فبينما كان رد فعل بعض الدول الخليجية والعربية سريعًا بالترحيب دون معرفة الآليات والخطوات التي ستتخدها هذه الدول لإتمام هذا التحالف، يعتقد الكثيرون أن هذا التحالف ليس لدية رؤية استراتيجية شاملة للتعامل مع التحديات، فالمصطلح من الناحية العسكرية كبير جدًا، ومن المعروف أنه يتطلب قبل تشكيل التحالفات العسكرية وقتًا لدراسته، فالمثير للاستغراب أن هذا التحالف تم تشكيلة في ثلاثة أيام فقط، بينما أخذت الدول العربية أكثر من 9 شهور لدراسة إنشاء قوة عربية مشتركة بناء على طلب مصر، وحتى الآن لم يتم تشكيلها، فماذا عن هذه القوة؟، التي يعتبرها الدبلوماسيين والسياسيين المصريين أنها ليست مرشحة للدوام، وفي الأغلب جاء الإعلان عنها لهدف سياسي وليس عسكري. فيما يخص مصر والإعلان عن دعمها لهذا التحالف، اتضح للجميع أن نظره القاهرة لهذا الدعم لا تستهدف أكثر من كونه دعمًا سياسيًا لتحالف مشكوك في نجاح تكوينه، وأن هذا الدعم يستهدف بالأساس أمورًا أخرى كعدم المصادمة مع الرياض في هذا التوقيت، لاسيما وأن هناك دعمًا سعوديًا غير محدود للنظام القائم بالقاهرة. في أول تعليق للخارجية المصرية ردًا على تشكيل هذا التحالف، شددت على أن هذا التحالف لن يكون بديلًا عن القوة العربية المشتركة التي أكدت أنها ضرورية، مضيفة أنها "تدعم أي جهد يستهدف مواجهة الإرهاب والقضاء عليه"، وبدا الرد وكأنه رسالة مفادها "ننتظر رؤية سياسية واستراتيجية موحدة لهذا التحالف تحول دون وقوع خلافات حول تعاريف مفاهيم الإرهاب، فضلا عن تحديد جدول هذا التحالف والهدف من تشكيله"، لا سيما وأنه يضم دولا مثل قطر وتركيا التي لديهما خلافات عميقة مع القاهرة بشأن جماعة الإخوان المحظورة. تزامن مع الإعلان عن تشكيل هذا التحالف الإسلامي، زيارة لولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى القاهرة أعلنت فيها الرياض عن "دعم اقتصادي لا محدود للقاهرة تمثل في دعم احتياجات المصريين من المواد البترولية على مدى السنوات الخمس المقبلة، وزيادة الاستثمارات السعودية لتصل إلى أكثر من 30 مليار ريال، علاوة على دعم حركة النقل بقناة السويس"، الأمر الذي وصفه البعض بأنه سعيًا سعوديًا لضم مصر فعليًا لهذا التحالف والمشاركة فيه بشكل أوسع بعدما فشلت سابقًا في إقناع القاهرة بالتحالف الذي يخوض حربًا في اليمن، وهو ما نفاه وزير الخارجية مؤكدا أنه لا يقبل ربط البعض دعم مصر للتحالف الإسلامى بالدعم السعودى. جاءت تأكيدات أخرى من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اللقاء مع محمد بن سلمان مفادها أن مصر لن تتنازل عن إنشاء قوة عربية مشتركة، مؤكدًا أهميتها على أساس أنها ليست موجهة ضد أي طرف، وإنما تحمل رسالة واضحة تعكس قدرة العرب على التكاتف والاصطفاف والدفاع عن مصالحهم في مواجهة التحديات. وفي لقاء مع أحد المصادر المطلعة أثناء مناقشته عن مشاركة مصر في التحالف الإسلامي أكد "أن هذا التحالف مازال في مرحلة الدراسة والبحث كونه تشكل في وقت سريع جدًا، مضيفًا أن هذا التحالف يحتاج مزيدًا من الوقت حتى تجري الدول مشاورات ومباحثات تتعلق بالآليات والخطوات المستقبلية له. وفيما يتعلق بتأثير هذا التحالف على الأزمة السورية خاصة أن وزير الخارجية السعودي أشار إلى أنه يحتمل مشاركة قوات برية من هذا التحالف في سوريا لمحاربة الإرهاب، أكد المصدر أن مصر لطالما أكدت أن حل الأزمة السورية لابد أن يكون سياسيًا وليس عسكريًا، ولكن المشهد برمته يحتاج مزيدًا من الوقت حتى تكتمل كافة أركانه في الفترة المقبلة. وفي هذا الإطار خرجت تقارير إعلامية كثيرة في أعقاب إعلان السعودية عن تشكيل التحالف الإسلامي نقلًا عن مصادر سيادية تؤكد أنّ مصر لن تشارك بأي قوات عسكرية في التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، وأنّ مصر وافقت على تنسيق المواقف، ولا يخرج الأمر عن كونه "شكلي جدًا"، ولا يعني بأي طريقة المشاركة بقوات عسكرية على الإطلاق. وفيما كانت الردود الرسمية تشير إلى أن مصر ستدعم التحالف فقط ولن تشارك فيه عسكريًا، كانت ردود أفعال السياسيين والدبلوماسيين أشد اعتراضًا على المشاركة وقال المحلل السياسي حسن نافعة "ربما تكون أحد أهداف السعودية هو شد مصر بعيدا عن التحالف مع روسيا حيث تبدو الأخيرة أقرب إلى تفهم الموقف الروسي والسوري، كما تبدو مصر قلقة على تفتت سوريا ولذلك سياساتها تجاه الأزمة مختلفة عن السعودية. سد النهضة اجتماع عاشر من مفاوضات سد النهضة في الخرطوم انتهي دون توقيع اتفاق يحسم الجدل ويزيل الشكوك التي أثيرت حول تأثيراته السلبية على دولتي المصب مصر والسودان، ودون التوصل إلى حلول للمشاكل العالقة بين القاهرة وأديس آبابا، وأبرزها الخلافات بين المكتبين الفرنسي والهولندي المعنيين بإجراء الدراسات الفنية للسد، مما أثار الغضب لدى المتابع، لاسيما مع تعدد الاجتماعات والمفاوضات، في وقت بات يشعر فيه بالقلق من أن يؤثر هذا السد على حصة مصر التاريخية في نهر النيل. الخبراء أكدوا أن هناك تلاعبا إثيوبيا في الأساس، أدى إلى فشل هذه المفاوضات وأن المستقبل يحتاج لخطوات سريعة وجادة في آن واحد، لاسيما مع استغلال إثيوبيا عامل الوقت لتفرض أمرا واقعًا حيث تم بناء 50% من السد، الأمر الذي يمثل خطورة وضغطًا على المفاوض المصري حتى إذا استمرت المفاوضات.