قدمت الأفلام المصرية المشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في أسبوعه الأول تنوعًا كبيرًا في مشروعاتها الفنية وقضاياها, وشاركت في منافسات ثلاثة مسابقات وشهدت جميعا حضورًا جماهيريًا ضخمًا وتزاحمًا شديدًا، ولم يستطع كثير من الجمهور حضور عروضها مما دعي الكثيرين للمطالبة بأن تقام عروض الأفلام المصرية في قاعات أكبر حجما لاستيعاب الجمهور. وافتتح الأفلام المصرية عرض التسجيلي الطويل "هدية من الماضي"، للمخرجة كوثر يونس، وفيه تجربة مميزة سواء في موضوعه الذي يتناول تجربة ذاتية ورحلة للمخرجة ووالدها أستاذ السينما مختار يونس، إلى باريس للبحث عن حبيبته التي فقد الاتصال بها قبل أكثر من 30 عامًا وظل لقاؤها حلمًا يراوده، وهو ما أرادت ابنته تحقيقه كهدية له في عيد مولده. اعتمدت المخرجة على تصوير رحلة والدها من خلال كاميرا خاصة غير مرئية وظل الوالد رافضًا لفترة تقديم العمل للعرض العام حتى أقنعه أساتذة معهد السينما بتميز العمل كمشروع تخرج لابنته، عرض الفيلم في إطار برنامج عروض خاصة خارج المنافسات. وفي مسابقة أسبوع النقاد الدولي التي تنظمها جمعية نقاد السينما المصريين عرض فيلم تسجيلي طويل آخر هو" توك توك " للمخرج روماني سعد يتناول هذه الظاهرة التي فرضت نفسها كوسيلة مواصلات خاصة في الشوارع والحارات الضيقة والمدن الصغيرة والقري ويرصد حكايات ورؤية ثلاثة شباب صغار السن يقودون التوك توك ويعبرون خلاله عما يواجهونه في عملهم سواء من مضايقات رجال الشرطة أو النظرة المتعالية الدائمة لسائقي السيارات، فيما أجبرتهم ظروف الحياة الصعبة على ترك مقاعد الدراسة للمشاركة في الانفاق على عائلاتهم. وفي مسابقة آفاق السينما العربية التي تنظمها نقابة السينمائيين عرض فيلم "في يوم" وهو تجربة جديدة على مستويات عدة، بدءً من زمن عرضه غير المعتاد "63″ دقيقة إلى طريقة سرده غير التقليدية، دون حوار، اعتمادا على التعليق الصوتي ولحظات الصمت الطويلة، الفيلم تأليف وإخراج كريم شعبان في أول تجاربة الروائية الطويلة، يتناول حكايات 6 شخصيات فقدوا الأمل والكرامة والإحساس بالأمان أثناء سعيهم لحياة كريمة. وبمشاركة عدد كبير من النجوم عرض فيلم "الليلة الكبيرة" إخراج سامح عبد العزيز، تأليف أحمد عبد الله وإنتاج أحمد السبكي وهو أول الفيلمين الذين يمثلا مصر في المسابقة الدولية للمهرجان. الفيلم حظي باستقبال كبير تحية للسبكي لمشاركته بفيلمه في المهرجان في حين فضل مخرجون كبار مشاركة أفلامهم في مهرجاني دبي وقرطاج، وفي وقت واجه السبكية حملات كثيرة ضد إنتاجهم باعتباره سببًا في إفساد الذوق العام. آثار الفيلم ردود فعل متباينة لدي الجمهور، ويرصد الفيلم حالة الكرنفال الشعبي المصاحب للموالد والتي حرص المخرج على تسجيل جانب كبير منها بمشاهد تسجيلية حقيقية من عدة موالد، فيما ترصد الدراما في الفيلم علاقات متشابكة لفئات مختلفة تتجمع في المنطقة التي يقام بها المولد. ويستعرض الفيلم الطويل – ساعتان- نماذج مختلفة وحكايات شخصيات مأزومة فيما تجري في الخلفية صفقة لبيع الأرض التي يقام عليها المولد بين شيخ سلفي يمثل شركة مجهولة وبين صاحب الأرض ومالك فندق شعبي بسيط يستغله ابن أخيه الذي يديره لتأجير غرفه لراغبي المتعة الحرام، ودون عرض أي مشاهد فاضحة يشغل الجنس حيزا من علاقات الشخصيات فالشاب شبه المجنون/أحمد رزق يعاني من الهوس بالتحرش بالنساء، رغم عجزه الجنسي، بسبب مشاهدة والدته صفيه العمري في علاقات محرمة وهو صغير، ولذا كلما يواجه من بضايقه يلجأ خياله إلى حيلة تخيل قتله لأمه، وغيرها من العلاقات المتشابكة التي تتصاعد خلال أحداث وحكايات ومصائر الشخصيات على مدار الليلة، وصولًا إلى ختام الليلة الكبيرة مع بيع الأرض، ولا يخلو الفيلم من إسقاطات سياسية كثيرة عن مصر والتيارات المتأسلمة.