انتهى الاجتماع التاسع منذ بدء المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، حول سد النهضة دون أن يسفر عن أي شئ يذكر، ليخرج علينا المفاوضين ليعلنوا موعدا جديدا لاجتماع آخر، إلا أن المشكلة الأكثر خطرًا على وضع مصر، بطء سير المفاوضات بالمقارنة بمعدلات تنفيذ إثيوبيا لبناء السد، وسط تخوفات من قبل خبراء السدود والمياه بأن أديس أبابا تفرض ابتزازًا على المفاوض المصري، إما أن تنفذ القاهرة ما تريده إثيوبيا، أو يحدث انهيار للمفاوضات فيما تم إنجازه، ليبدأ المفاوضون مرة أخرى من الصفر مما يمثل إحراجا للحكومة المصرية أمام الشعب. الأمر الخطير في ملف سد النهضة أن الحكومة المصرية وخاصة وزارة الري المسئولة عن هذا الملف لطالما خرجت بتصريحات توحي بالاطمئنان إزاء هذا الملف، إلا أن ما صرح به حسام المغازي، وزير الري خلال اجتماع السبت الماضي يؤكد خطورة الوضع، حيث قال إن معدلات التنفيذ في مشروع سد النهضة الإثيوبي، أعلى بكثير من سير المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، وأضاف: أننا تأخرنا كثيراً في تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها في أغسطس 2014 بين الوزراء الثلاثة، بما لا يتناسب مع الوضع الحالي فيما يتعلق بمعدلات التنفيذ بموقع المشروع، وقال مغازي: إن مصر لم تكن أبدا ولن تكون ضد تنمية شعوب دول حوض النيل، طالما أن الهدف هو تحقيق التنمية المشتركة والمستدامة من النهر والإدارة المتكاملة لموارده المائية في إطار من التعاون بما يحقق المنافع المتبادلة والرخاء لشعوبنا ودون التسبب في أي ضرر لأي طرف. ويرى مراقبون أن ما تشهده الآن المفاوضات من عبث سيدفع إثيوبيا لبناء سدود أخرى، بعد الانتهاء من سد النهضة، يقول هاني رسلان خبير الشئون الإفريقية في تصريحات صحفية أنه ليس متفائلا بحدوث أي جديد في هذه المفاوضات، لأن الطرف الإثيوبي وبمساندة من السودان نجحا في إفشال المسار الخاص بدراسات سد النهضة وقامت بإغراق اللجنة الوطنية لسد النهضة في تفاصيل بهدف كسب مزيد من الوقت، وممارسة الخداع والتلاعب لإسناد الدراسات إلى المكتب الفرنسي الذي تميل إثيوبيا له لإجراء الدراسات نظرًا إلى أنه لديه الكثير من الأعمال التي يقوم بها لصالح الحكومة الإثيوبية في أديس أبابا. ونوه "رسلان" إلى أنه لا يعتقد بأن إثيوبيا سوف تتراجع عن موقفها المتعنت، كما أن الحديث عن بدائل لدى المفاوض المصري لحل الأزمة غير واضح، وأصبح موقف القاهرة عاريا أمام إثيوبيا، في الوقت الذي لا تمتلك فيه مصر أي أوراق ضغط ولا يبدو أن هناك أي حلول في الأفق لدى القاهرة. وعلى صعيد متصل؛ اعترف وزير المياه الإثيوبي "موتوما ميكاسا" إن المكتبين الاستشاريين (الفرنسي والهولندي) فشلا حتى الآن في التوصل إلى رؤية مشتركة للعمل معاً لتنفيذ الدراسات الفنية المطلوبة لسد النهضة بناء على تقرير توصيات لجنة الخبراء الدوليين الصادر في مايو 2013، وأضاف الوزير الإثيوبي أن بلاده مستعدة لمختلف البدائل والخيارات، ومن بينها استمرار التعاون مع الشركتين الفرنسية والهولندية بعد إزالة الخلافات، أو اختيار شركة بديلة للشركة الهولندية، أو البحث عن شركة أو شركتين آخرتين من بين المكاتب التي تم طرحها خلال الفترة السابقة. تصريح وزير المياه الإثيوبي بأن أديس أبابا مستعدة للبحث عن شركات أخرى لتنفيذ الدراسات الفنية يؤكد ما يقوله الخبراء بأنها تماطل في هذه المفاوضات لكسب الوقت، مما يستوجب على المفاوض المصري سرعة التحرك لتدويل قضية سد النهضة والبحث عن حلول أخرى غير المفاوضات العبثية.