انتهت الانتخابات البرلمانية التركية، بفوز حزب العدالة والتنمية الحاكم بأغلبية مطلقة مما يؤهله لتشكيل حكومة بمفردة، بعدما فشل خلال انتخابات يونيو الماضية في تحقيق ذلك، حيث جاءت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي دعا إليها الرئيس التركي، محاولة لإنقاذ النظام، مستغلًا كافة أداوته الشرعية وغير الشرعية لحصد الأغلبية الكاسحة، على سبيل المثال ليس الحصر؛ لعب "أردوغان" على وتر القومية التركية والاستقرار ومحاربة الإرهاب وتصوير الأكراد على أنهم حركة إرهابية، فضلا عن ترويج فكرة أن حزب العدالة والتنمية وزعيمه (أردوغان) هو المنقذ الوحيد لتركيا من دوامة الأزمات المتتالية التي عصفت بأنقرة خلال الفترة الأخيرة، مما دفع نصف الشعب التركي إلى اختيار الحزب، في انتظار تحقيق تعهداته بعودة أنقرة مرة أخرى إلى الهدوء الذي يعقبه نشاط اقتصادي. يشير كثير من المحللين إلى أن تركيا بعد فوز حزب أردوغان ستستمر في أزماتها السياسية، لاسيما مع استمرار الأزمة السورية وتفجيرات تنظيم داعش على الحدود السورية التركية والحرب التي تقودها أنقرة ضد حزب العمال الكردستاني. رغم أن "أردوغان" ينظر إلى نتيجة الانتخابات على أنها انتصار شخصي للرئيس التركي، فإن عدد مقاعد حزبه في البرلمان لا تكفي لتمكينه من تمرير مشروعه الرامي إلى تغيير الدستور ليتضمن توسيع صلاحيات الرئيس عبر البرلمان، ومع الانتهاء من فرز كل الأصوات تقريبا، تأكد فوز حزب العدالة والتنمية ب 316 مقعدا، ما يزيد كثيرا من ال 276 مقعدا اللازمة لتشكيل الحكومة منفردا، غير أن عدد المقاعد التي فاز بها تقل ب 14 مقعدا عن العدد اللازم للدعوة إلى استفتاء بشأن تغيير الدستور وزيادة صلاحيات الرئيس، ويحتاج الحزب 60 مقعدا إضافيا كي تتمكن حكومته من إدخال التعديلات على الدستور في البرلمان دون إجراء استفتاء. من جانبه، أكد محمد حامد، باحث في الشئون التركية، أن أردوغان لعب على وتر الأمن القومي للأتراك في مواجهة الأكراد، لكي يحصل على الأغلبية التي تؤهله لتشكيل حكومة بمفرده، مضيفًا أن حزب العدالة والتنمية عمل في الفترة الماضية على الترويج لملف توفير استقرار وأمن تركيا، من خلال الحكومة التي سيشكلها على الرغم من أن تركيا مازالت تشهد تحديات أمنية وسياسية كبيرة، وأكد "حامد" أن تحويل النظام إلى رئاسي سيكون عبر استفتاء شعبي ولن يمر عبر البرلمان، لكن قد يقدم حزب أردوغان مشروع في البرلمان لعرض النظام الرئاسي للاستفتاء على الشعب، متوقعًا أن لا يمر هذا الأمر في وقت سريع، مبررا ذلك باشتعال الأزمة السورية والتفجيرات التي تنفذها داعش على الحدود السورية التركية، ومشكلة حزب العمال الكردستاني. وردًا على سؤال يتعلق بمدى استقرار تركيا في أعقاب هذا الفوز، أكد حامد أن الأكراد مفتاح الإجابة عن هذا السؤال خاصة في ظل دعم أمريكي روسي لقيام كيان كردي في شمال سوريا، مشددّا على أن عدم الاستقرار متوقف على استمرار العمليات العسكرية بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني.