تطورات جديدة شهدتها الأزمة السورية في أعقاب الغارات الروسية بسوريا المستمرة منذ شهر تقريبًا، فبعد التلويح الدائم من قبل الغرب والدول الخليجية، بالتدخل العسكري بزعم إنهاء الأزمة السورية، كانت الدبلوماسية والتحركات السياسية للدول المعنية بالأزمة عنوان هذه المرحلة، حيث دخل الملف السوري منعطف سياسي جديد، تمثل في اجتماع فيينا الأخير الذي ناقش، بحضور وزراء خارجية 17 دولة، ومشاركة مصر وإيران والسعودية وتركيا وروسيا وأمريكا، إلى جانب مفوضة الاتحاد الأوروبي لشئون السياسة الخارجية والأمنية، فيدريكا موغيريني، ومبعوث منظمة الأممالمتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا. انتهى الاجتماع الدولي حول سوريا ، بنقاط توافق، ولكن خلاف كبير حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، وتقرر عقد اجتماع جديد خلال الأسبوعين المقبلين، وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن المحادثات فشلت في التوصل لاتفاق على مصير الأسد، وفي بيان مشترك عقب المحادثات قال المشاركون إن «خلافات كبيرة لا تزال قائمة» رغم اتفاقهم على ضرورة «تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب»، وجاء في البيان أن المشاركين في المحادثات يطلبون من الأممالمتحدة أن تجمع معا ممثلي الحكومة السورية والمعارضة لتدشين عملية سياسية تؤدي إلى «تشكيل حكومة جديرة بالثقة وغير طائفية ولا تقصي أحدا يعقبها وضع دستور جديد وإجراء الانتخابات». وقال وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، لدى قراءته بيان فيينا، إن المشاركين في الاجتماع اتفقوا على الإبقاء على سوريا موحدة، وأن المحادثات بين المعارضة ونظام الأسد يجب أن تقود لدستور وانتخابات، وأكد كيري «اتفقنا على أن وحدة سوريا عنصر جوهري وبقاء مؤسسات سوريا»، وقال كيري إنه اتفق مع كل من لافروف وظريف على أن سوريا تحتاج إلى خيار آخر، وهذا يتطلب العمل مع كل الفصائل، ويجب إنهاء الاقتتال، وهذا هو مغزى الاجتماع رغم خلافاتنا. ويشير المراقبون إلى أن كل طرف مشارك حمل خلال هذا الاجتماع أجندته الخاصة، وكان جديدًا في المشهد هو المرونة الأمريكية حيال التراجع عن «المطالبة الفورية» برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، كما فرضت على حلفائها الحضور مع المفاوض الإيراني على طاولة واحدة. وفي المحصلة التقى المفاوضان الإيراني والسعودي للمرة الأولى على طاولة المفاوضات للبحث عن حل لسوريا، لكن في المضمون يبدو اللقاء بعيد المنال بقدر التباعد بين المقاربتين الروسية والأمريكية، تباعد رآه محللون أنه قد يضيق إذا ترجمت أمريكا تصريحاتها الأخيرة بعد انتهاء الاجتماع: "إن القوى الكبرى توافقت على ضرورة الحفاظ على الدولة السورية" إلى أفعال. من جانبه قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن إن هذا الاجتماع بداية جيدة لكل الأطراف قد تكون مؤشرا كبيرا إلى الاتفاق على الحل السياسي وإطلاق عملية سلام في سوريا، مؤكدًا أن تراجع كافة الدول الداعمة للمعارضة المسلحة، وعدم المطالبة بالرحيل الفوري ل«بشار الأسد» هو بداية كفيلة بأن تضمن نجاح العملية السياسية. وأرجع هذا التحول إلى الضربة الروسية على داعش في سوريا، مؤكدًا أن نجاح الحملة الروسية بهذه السرعة أثبت بما لا يدع مجالًا للشك المراوغة والتخاذل الأمريكي في حربه ضد الإرهاب في سوريا وهو ما أجبر الدول الغربية والخليجية التي تدعم إسقاط النظام السوري قبول التفاوض السياسي مع إيران على طاولة واحدة.