تحول شريط ترام مصر الجديدة بمنطقة حدائق القبة إلى "ترعة"، ليسطر التاريخ نهاية وسيلة مواصلات مهمة ومحورية، أنفقت الدولة عليها الملايين خلال العهود الماضية لتسهيل الحركة بمصر الجديدة خلال المائة عام الماضية، ما يضع علامات استفهام أمام محافظة القاهرة، ووزارة النقل، لا سيما أن المنطقة يوجد بها العديد من المنشآت الحيوية المهمة. يقول المهندس الاستشاري عمرو رؤوف، إن تحويل شريط ترام مصر الجديدة يشير إلى كم الفساد وعدم تحمل المسئولية التي تسيطر على المسئولين بمحافظة القاهرة، لا سيما أن وصول المياه الجوفية إلى خط سكة حديد مترو مصر الجديدة أمر يهدد صلابة التربة أسفل عقارات المواطنين، الأمر الذي قد يتسبب في سقوط المنازل المحيطة بالمنطقة. واتهم "رؤوف" محافظ القاهرة بالتسبب في إزالة خط ترام مصر الجديدة العريق، الذي أنشئ عام 1910، وكان الهدف منه ربط مصر الجديدة بالقاهرة؛ لتسهيل انتقال المواطنين إلى مصر الجديدة، التي بدأ البارون إمبان في إنشائها بين عامي 1906 – 1907، وأرادها أن تكون قاهرة جديدة راقية، وتتوافر بها جميع مرافق البنية التحتية اللازمة. وأوضح المهندس الاستشارى أن دراسة النقل بالقاهرة التي أجرتها هيئة المعونة اليابانية "الجايكا"، اقترحت تطوير شبكة المترو السطحي، وتحويلها إلى ثلاثة خطوط للترام السريع، وكان منها الخط الثالث للترام السريع "من شبرا إلى المطرية إلى مصر الجديدة إلى مدينة نصر"، ورغم من ذلك، أزال جلال السعيد، محافظ القاهرة، الخط الذي يمكن تحويله إلى خط ترام سريع بتكلفة مليار جنيه فقط. وتابع أنه تقدم ببلاغ للنائب العام في 22 أكتوبر 2015 عرائض رقم 18401 يتهم فيه محافظ القاهرة بإغراق ترام مصر الجديدة، وأوضح فيه أنه يربط بين ميدان رمسيس ومصر الجديد من خلال ممر منخفض تظهر فيه المياه الجوفية، ويتم سحبها بواسطة الطلمبات، وأوقفت المحافظة الطلمبان مما نتج عنه تحويل الممر المنخفض إلى ترعة بعمق 3 أمتار واقتربت المياه من الكابلات الكهربائية العلوية الخاصة بالترام. وعلى الجانب الآخر، رفضت محافظة القاهرة الإدلاء بأي تصريحات صحفية بشأن ترام مصر الجديدة، وأوضح المحافظ أنه يتبع هيئة مترو الأنفاق. كما كشف مصدر قضائي، أن المستشار نبيل صادق، النائب العام، سيستدعى الدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة، خلال الأسبوع الجاري، لسؤاله حول بلاغ مقدم إلى النيابة العامة، يتهم المحافظ بالإهمال والتسبب فى غرق الأنفاق الخاصة بخط ترام مصر الجديدة. وأكد المصدر أن النيابة العامة ستوجه المحافظ بتكليف لجنة هندسية، للتأكد من صحة المعلومات الواردة فى البلاغ، المقدم من المهندس عمرو أحمد، ويحمل رقم «18401 لسنة 2015»، وأوضح مقدم البلاغ أنه أخطر المحافظة عدة مرات عن وجود نسبة مياه جوفية تسربت إلى عدد من الأنفاق، وطالبها باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه الأمر، دون أى استجابة. يعود تاريخ إنشاء ترام مصر الجديدة إلي العام 1910، حيث أنشئ أول خط بين القاهرة وهليوبوليس بواسطة شركة بلجيكية تُسمي "سكك حديد مصر الكهربائية وواحات عين شمس"، وكان في البداية يعمل بين محطة كوبري الليمون وروكسي بمسافة 7 كيلومترات، وتعمل عليه قطارات بتقاطر كل نصف ساعة، وعدد ركاب لا يزيد علي 4800 راكب في السنة. وفي عام 1951، بدأ تشغيل خط عبد العزيز فهمي، وفي عام 1952، نقل نهاية خط النزهة من محطة عماد الدين إلي شارع الجلاء، وفي عام 1962، أنشئ خط مدينة نصر، وامتد خط الميرغني 1.2 كيلومتر، أما عام 1963، فامتدت الخطوط من الجلاء إلي كورنيش النيل، وفي عام 1972، كانت بداية تشغيل خط "المطرية – الدراسة". وفي بداية التشغيل، كانت العربات التي يعمل بها المترو صناعة بلجيكية، وعددها 27 عربة، وتم زيادتها إلي 23 مركبة بين عامي 1920 و1938، وفي عام 1951، وضعت 12 مركبة في الخدمة وجميعها كانت صناعة بلجيكة. وتعود ملكية الترام ومنشآته إلى الشركة البلجيكية، لكن تم تعيين حارس إدارى على مرفق ترام القاهرة الكبرى طبقا للقرار رقم 2111 لسنة 1960، من قبل الرئيس جمال عبد الناصر، ثم تم تأميم الشركة بالقانون رقم 123 لسنة 1961، وعلى هذا تم نقل تبعية شركة ترام القاهرة لهيئة النقل العام التي تم إنشاؤها عام 1959، وآلت إلى هيئة النقل جميع منشآت الشركة بمن فيها العمال. وكان مترو مصر الجديدة يتبع شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير حتى عام 1991، ثم تم نقله من الشركة لصالح هيئة النقل العام ومحافظة القاهرة وفقًا للقرار رقم 1655 عام 1992.