رغم الوعود المتكررة من المسئولين فى وزارة النقل، على مدار الحكومات السابقة، بحل أزمة شركة "ديبكو" الحاصلة على امتياز إنشاء وتشغيل محطة تداول حاويات خاصة بميناء دمياط على مساحة مليون متر مربع وأطوال أرصفة 2000 متر وطاقة تداول 4 ملايين حاوية وبتكلفة 1.2 مليار دولار،وبعقد امتياز ل 45 عامًا، إلا أن الأزمة استمرت فترة طويلة، على الرغم من أن أعمال تنفيذ المشروع متوقفة منذ 2010. "ديبكو" والحكومة أعوام من المماطلات انتهت بالفسخ ومنذ يومين وافق مجلس الوزراء برئاسة المهندس شريف إسماعيل على استصدار قرار بفسخ التعاقد المبرم بين هيئة ميناء دمياط وشركة دمياط الدولية للموانئ، بشأن عقد امتياز إنشاء وتشغيل محطة حاويات جديدة بميناء دمياط، باسم مشروع محطة حاويات دمياط الدولية DIPCO؛ وذلك نظراً لعدم قيام الشركة بتنفيذ الالتزامات الواقعة عليها والواردة فى عقد الامتياز وملاحقه، ومن بينها عدم تدبير التمويل اللازم للمشروع من الجهات الممولة، وعدم البدء في إجراءات تنفيذ أعمال تعميق الممر الملاحي وحوض الدوران، وعدم تسليم خطة العمل والتصميمات الخاصة بالمشروع. موافقة مجلس الوزراء على فسخ التعاقد بين الهيئة العامة لميناء دمياط، وشركة "دمياط لمحطات الحاويات الدولية.. ديبكو"، تأتى بعد أن اقتربت الدعوى رقم 493/3 ق المرفوعة من اللجنة النقابية للعاملين بميناء دمياط فى فبراير 2014، كما يقول رافعها المحامى محمد وهبة الطرابيلى، من الحصول على حكم بالفسخ؛ ومن ثم سارعت الدولة باتخاذ قرار الفسخ المستند على المخالفات التى ارتكبتها الشركة؛ حفاظًا على أن يكون موقفها سليمًا أمام المستثمرين من نفس جنسية الشركة المذكورة، وحتى لا يشاع بين المستثمرين أن العقد تم فسخه قضائيًّا، وهو ما يراه المسئولون مهددًا للاستثمار فى مصر. الدولة سعت للفسخ متأخرة، عبر تفعيل بنود العقد الجزائية، وكذا شروط التسويات المتعددة التى حصلت عليها الشركة منذ توقيع مذكرة التفاهم فى مايو عام 2005، وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1119 لسنة 2006 بتاريخ 17 يونيو 2006) بمنح الالتزام لإنشاء وتشغيل وإعادة تسليم محطة حاويات بنظام (BOT) لصالح شركة "ديبكو"، وتم وضع حجر الأساس للمشروع فى 26 نوفمبر 2007م، وتم تسليم 71٪ من الأرض المخصصة للشركة فى 17 يوليو 2006، والبالغة مليون متر مربع. مسئولو النقل البحري بالوزارة أضاعوا استثمارات بالمليارات وبالنظر إلى العقد الذي أبرمته الهيئة مع الشركة، يظهر فساد وزارة النقل وهيئة ميناء دمياط فى تعاقدهما مع تلك الشركة، مما تسبب فى إهدار مبلغ 140 مليون دولار، وهو المبلغ المستحق للميناء على "ديبكو"، نتيجة غرامات وقعت عليها لصالح الحكومة، مقابل تعطيلها لمحطة الحاويات الثانية فى الميناء منذ توقيع العقد فى 2006 حتى 2010؛ مما أضاع على الدولة استثمارات وعوائد للسفن وتداول البضائع بالمليارات. كما أن الملحق رقم (2) للتسوية المحرر بين هيئة ميناء دمياط والشركة الذى وافقت عليه الشركة جملة وتفصيلًا نص على أن "تقوم الشركة المذكورة بتعويض الحكومة المصرية عما فاتها من مكاسب نتيجة تأجيل تنفيذ المشروع، والحصول على مليون متر مربع من الأراضى دون الاستفادة منها، وذلك عن الفترة من أول فبراير 2009 وحتى بدء التشغيل الفعلى بحد أقصى 13 ديسمبر 2010". حيث تضمن "اتفاق التسوية" قيام الشركة بسداد كامل قيمة التعويضات المستحقة للطرف الأول فى نهاية كل شهر ميلادى، خالية من أى خصومات أو استقطاعات، اعتبارًا من فبراير 2009 وحتى تاريخ بدء التشغيل الفعلى للمحطة، بحد أقصى نهاية ديسمبر 2010. ورغم المرونة والتسهيلات التى قدمتها هيئة ميناء دمياط بعمل ملاحق للعقد تحوى تسويات وتسهيلات جديدة ومد مدة العملية عدة مرات، وكلها تمت برعاية رئيس أسبق للهيئة عمل مستشارًا لها ثم مستشارًا للوزير إبراهيم الدميري، ولولا رفض رئيسين شريفين لهيئة الميناء التوقيع على إسقاط الغرامات وتفضيلهما العزل عوضًا عن ذلك، ما صدر القرار بالفسخ، ولاستمرت الخسائر على خزانة الدولة. مخالفات جسيمة توجب الفسخ من سنين قامت الشركة بعدد من المخالفات التى وضعتها فى مأزق وجعلتها غير ملتزمة باشتراطات العقود، ومنها التعثر المالى، كما أنها مدينة لشركة «المقاولون العرب» المنفذة للمشروع بمبلغ 140 مليون دولار، أى بما يزيد على مليار جنيه بالأسعار الحالية، كما حصلت على قروض من البنك الأهلى والبنك التجارى الدولى منذ أكثر من 3 أعوام، بلغت نحو 220 مليون دولار، ورغم كل هذا انتهت مدة التنفيذ ولم يتم دخول الأرصفة والحاويات، والتي كان المفترض دخولها في خريف 2009م، ولم تلتزم بالجدول الزمنى لتنفيذ بنود العقد، وكانت قروض البنوك والغرامات التى طبقت عليها سببًا فى تصعيد المشكلة. وعن الأزمة يقول محمد سامي، مدير قطاع التطوير بوزارة النقل، إنها استمرت مع "ديبكو" كثيرًا، وكان يجب إنهاؤها بعد كشف فساد مسئولين في النقل البحري، والذين تم إحالتهم للتحقيق وفصلهم منذ سنوات، لافتًا إلى أن مشروع حاويات دمياط لن يتأثر. وتابع سامي ل "البديل" أن هناك خططًا لتنمية ميناء دمياط خلال الفترة المقبلة وبكل الموانئ التي يمكن الاستفادة منها بشكل واسع في كافة المجالات، لافتًا إلى أن اللواء سعد الجيوشي وزير النقل لن يسمح بالاتهامات بالتلاعب، لذا يسعى إلى خلق مشاريع استثمارية جديدة من خلال الموانئ.