انتشرت في الآونة الأخيرة حالات الطلاق حتى وصلت إلى معدلات قياسية، فحسب دراسة نشرها مركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، صنفت، فإن مصر الأولى على مستوى العالم في حالات الطلاق. وأضافت الدراسة أن معدلات الطلاق خلال الخمسين عامًا الماضية ارتفعت من 7% إلى 40%، وأن اليوم الواحد يشهد 240 حالة طلاق، ليبلغ إجمالي عدد المطلقات في مصر 2.5 مليون مطلقة، وكان نصف الحالات في السنة الأولى من الزواج، وحوالي 70% منها في الزواج الأول، ومعظم الحالات من الشريحة العمرية التي تتجاوز 30 سنة، وزادت النسبة بعد قانون الخلع الذي يعد الوسيلة السريعة لإنهاء الزواج من جانب المرأة. كما كشف إحصاء صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، عن وقوع حالة طلاق كل 6 دقائق، فيما أعد المركز المصري لحقوق المرأة ورقة بحثية بعنوان "الوقاية خير من الطلاق"، أكدت أن هناك تزايدًا مستمرًا في عدد السيدات المقبلات على الطلاق، خاصة المتعرضات منهن للعنف من قبل الزوج من ضرب وإهانة وإكراه على ممارسة الجنس. وأصدرت جمعية المأذونين الشرعيين إحصائية، ذكرت فيها أن متوسط عدد حالات الطلاق في مصر سنويًا وصل إلى 264 ألف حالة، وأن 42% من هذه الحالات تتم بين المتزوجين حديثًا من السنة الأولى إلى الرابعة. أرجع بعض المختصصين في علم الاجتماع سبب ارتفاع نسبة الطلاق إلى عدم الكفاءة بين الخاطب والمخطوبة، سواء كانت كفاءة علمية أو مالية، وأيضًا التسرع في الموافقة على الزواج وعدم التروي في أخد القرار. تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن زيادة معدلات الطلاق ترتبط أيضًا بزيادة معدلات الفقر، موضحة أن العديد من الأهالي يزوجون بناتهم في سن مبكر من أجل الأموال، أو توافر عريس جيد سوف يقوم بشراء كل متطلبات الزواج. وأضافت "خضر" أن أسباب الطلاق تتلخص فى انعدام التفاهم والبعد عن الاختيار السليم، والزواج في سن مبكر، خاصة للفتيات، بالإضافة إلى انعدام الحوار بين العروسين ثم الزوجين، فضلا عن تدخل الأهل في حياة الأبناء، وأحيانًا إجبارهم على الإنجاب بشكل مستمر، مما يؤدي إلى زيادة بؤر الفقر وزيادة معدلات الطلاق، مؤكدة أن الحل يكمن فى إقامة مشروع توعية ضد الطلاق، وزيادة رغبة الأسرة في الاستقرار. من جانبها، أوضحت الدكتورة رباب الحسيني، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للدراسات الاجتماعية، أن ارتفاع معدلات الطلاق في الآونة الأخيرة يرجع إلى العديد من الضغوط الاجتماعية والنفسية التي يعيشها الشباب في المجتمع المصري، خاصًة بعد تراجع دور الأسر في توعية الأبناء بمفهوم الأسرة وكيفية عمل علاقة سليمة في جو مناسب. وأكدت "الحسيني" أن الطلاق يترتب عليه بعض المشكلات والأثار السلبية على الأسرة والمجتمع، وتنعكس على الأطفال الذي يربون من أب وأم مطلقين من الناحية النفسية والاجتماعية والتربوية، بدءا من الاضطرابات النفسية إلى التشرد والانحراف والجريمة وغيرها، مضيفة أن المشكلة تكمن فى تغيير معايير اختيار الأزواج فأصبح الزواج مشروع استهلاكي، وسيطرت الماديات بشكل كبير وتراجعت القيم والمبادئ التي يجب أن تقوم عليها الزوجية. ومن الناحية الدينية، تقول الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، إن الطلاق في الإسلام له أحكام وشروط وآداب، وليس مجالاً للعبث، بل تشريع حكيم وحكمة بالغة، واعتباره محطة لإطلاق الاتهامات والكوارث الاجتماعية، مفهوم خاطئ. وتابعت "نصير": "حث الإسلام على عدم الإسراف فى الطلاق، وطالب المسلمين على اتقائه ما استطاعوا إليه سبيلا"، لافتة إلى ضرورة بناء صرح الحياة الزوجية على أُسس قوية ودعائم ثابتة، على الدين والأخلاق ومراعاة مبدأ التكافؤ بين الطرفين والعائلتين، فالزواج السليم أساس الأُسرة الصالحة، التى هى أساس المجتمع الصالح، فإن صلحت الأسرة صلُح المجتمع كله. وأوضحت "نصير" أن حل مشكلة الطلاق يتخلص في أمور بسيطة، أهمها التمسك بالقيم والأخلاق، ويكون أساس الاختيار السليم الدين والخلق، مناشدة وسائل الإعلام بضرورة تخصيص مادة إعلامية للشباب المقبلين على الزواج تكون تحت إشراف مختصين في المجال النفسي والديني.