تتمتع روسيا بصداقات متينة مع الكثير من الدول العربية وفي مقدمها مصر، خاصة بعد أن اهتزت ثقة الزعماء العرب في واشنطن التي باتت تحركاتها بالمنطقة مريبة وتصب في مصالحها الخاصة بشكل مباشر دون مراعاة مصالح الدول المحيطة، وهو ما دفع الدول العربية إلى تغيير وجهتها من خلال تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع روسيا وعقد شراكات تجارية وصفقات عسكرية، ومن هنا أصبح لموسكو دائمًا حضور ملموس في قضايا الشرق الأوسط. روسيا ومصر بدأ الرئيس "عبد الفتاح السيسى" اليوم الثلاثاء، زيارته الرئاسية الثالثة لروسيا، والتي تستغرق 3 أيام، حيث يلتقى بنظيره الروسى "فلاديمير بوتين"، بناء على دعوة الأخير للرئيس "السيسي" لزيارة موسكو، حيث حرص "بوتين" على دعوة "السيسى" لزيارة بلاده وسلمه الدعوة رئيس الوزراء الروسى إبان إفتتاح قناة السويس الجديدة. يزور الرئيس "السيسي" البرلمان الروسى "الدوما"، حيث يعقد لقاءً ثنائياً مع رئيس البرلمان "سيرجيه نارشكين"، يعقبه اجتماع موسع بحضور وفدي البلدين، كما يلتقي الرئيس بكل من وزير الصناعة والتجارة الروسي "دينيس مانتوروف"، ورئيس صندوق الاستثمار الروسي المباشر "كيريل ديمترييف"، لبحث سبل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين وزيادة الاستثمارات الروسية فى مصر. قال المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية السفير "علاء يوسف"، إن زيارة الرئيس إلى روسيا ستشهد عددًا من اللقاءات مع كبار المسئولين الروس، وعدد من رؤساء كبريات الشركات الروسية، كما ستبحث القمة المشروعات الروسية التي ستنفذها فى قناة السويس الجديدة فى إطار مشروع تنمية القناة، ومنها إقامة منطقة صناعية بمحور القناة، ومن المتوقع أن يتم بحث مساعدة موسكو للقاهرة فى بناء أول محطة نووية في مصر بمدينة لضبعة، الأمر الذى سيجعل القاهرة من الدول التي تمتلك هذه التقنية وسيحل مشكلة انتاج الكهرباء، كما أن هناك إرادة قوية من الجانب المصري لاستيراد الغاز المسال من روسيا لتكون هذه الخطوة مفيدة جدًا لكل من الجانبين الروسي والمصري على حد سواء، كما سيتم بحث اتفاقية التعاون الجمركي ومنطقة التجارة الحرة. القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك تفرض حضورها على القمة، ويأتي ملف الأوضاع في سوريا على رأس أجندة القمة المصرية الروسية، حيث أحاط وزير خارجية روسيا "سيرجي لافروف" وزير الخارجية المصري "سامح شكرى" بالجهود والأفكار المطروحة لحل الأزمة السورية مؤخرًا، ومن المتوقع أن يتم فتح الملف بشكل أوسع خلال لقاء "بوتين" و"السيسى"، نظرًا لأهمية الوضع فى سوريا وانعاكاساته الاستراتيجية على الأمن القومي المصري والروسي. تسعى مصر لكسب تعاون روسيا ومساعدة "بوتين" في الحصول على عضوية منظمة البريكس التى تجمع كل من الصينوروسيا والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، وهو التعاون المنتظر في الفترة المقبلة والذي سيُحدث تغيرا كبيرا فى شكل النظام العالمي القائم، نظرًا لقوة هذه الدول الخمس اقتصاديًا وسياسيًا. تعتبر روسيا من أبرز الدول التي أظهرت دعمًا ملحوظًا لمصر في الفترة الأخيرة وخاصة بعد ثورة 30 يونيو 2014، وهو ما جعل العلاقات بين البلدين تتطور بصورة واضحة، وتبادل الزيارات ينتعش بين المسئولين من البلدين، والتي كان آخرها مشاركة رئيس الوزراء "ديمتري مدفيديف" في مراسم حفل قناة السويس الجديدة، لتأتي الصفقات العسكرية والتبادلات التجارية والاقتصادية تتويجًا لسجل حافل من العلاقات الراسخة والمتميزة بين القاهرةوموسكو. روسياوالأردن يلتقي الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" اليوم الثلاثاء ملك الأردن "عبد الله الثاني"، وأوضحت الدائرة الصحفية التابعة للكرملين أن المحادثات بين "بوتين" و"عبد الله الثاني" ستتناول مسائل تعزيز العلاقات الثنائية، كما سيوليان اهتمامًا خاصًا لتنفيذ المشاريع الثنائية ذات الأولوية، بما في ذلك الخطط لبناء أول محطة كهرذرية في أراضي الأردن والتي تتولى شركة "روس أتوم" الروسية تشييدها، وأوضحت الدائرة الصحفية للكرملين أنه من المخطط إنجاز تشييد المحطة بحلول عام 2020، وبعد تشغيل المحطة من المقرر أن تبلغ نسبة الطاقة النووية بالأردن نحو 15%، أما قيمة المشروع فتقدر ب5.4 مليارات دولار، كما سيتبادلان الآراء بشأن أهم القضايا المدرجة على الأجندة الإقليمية والدولية، بما في ذلك التصدي لتنظيم "داعش" الإرهابي وتسوية الأزمة السورية وعملية "السلام" الشرق أوسطية. روسيا والإمارات يلتقي الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" اليوم الثلاثاء أيضًا، ولي عهد أبو ظبي "محمد بن زايد آل نهيان"، وأوضحت الدائرة الصحفية التابعة للكرملين، أنه من المتوقع أن يشهد اللقاء الذي سيعقد على هامش منتدى "ماكس" الدولي للطيران في ضواحي موسكو، استعراضًا للمسائل الملحة فيما يخص التعاون الثنائي بين روسيا والإمارات، وخاصة التعاون في مجالي الاستثمارات والطاقة، بالإضافة إلى تبادل الآراء بشأن سبل ضمان الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يولي الطرفان اهتمامًا خاصًا بالتعاون الثنائي في مجال الطاقة، حيث يوجد مشروعًا كبيرًا لشركتي "روس نفط" و"كريسنت بتروليوم" لتطوير حقل نفطي في إمارة الشارقة، كما تجري "روس نفط" مفاوضات مع شركة إماراتية أخرى هي "مبادلة للبترول" حول تطوير حقلين في سيبيريا الشرقية. الدبلوماسية الروسية لم تكتفِ روسيا بتعزيز علاقتها مع الدول العربية فقط، بل سعت أيضًا إلى التوسع وتكوين علاقات متينة مع دول العالم القوية، فالدبلوماسية الروسية دائمًا ما تذهب نحو تجديد دماء العلاقات الخارجية والاستراتيجية لبلادها، وتحقيق توازان فى خريطة العلاقات من خلال سحب البساط من تحت أقدام أمريكا حتى لا تصبح الحليف المسيطر في الشرق الأوسط، وقد ساعدها على ذلك نفور بعض الدول العربية من سياسة أمريكا المهيمنة على الشرق الأوسط وتحركاتها العدوانية في المنطقة خلال الفترة الأخيرة، وتدخلها في شئون الكثير من الدول العربية. تملك روسيا علاقات قوية مع إيران، وأخرى تاريخية مع سوريا، كما أن روسيا تحاول دائمًا أن تكون قبلة المصالحة في المشكلات الإقليمية وخاصة تلك التي تدور بمنطقة الشرق الأوسط، فتحاول دائمًا ألا تفقد الصفة الدبلوماسية لها مع أي من الأطراف المتصارعة، وهو ما يجعلها على اتصال دائم بكل الأطراف المتناحرة فى اليمن والعراق وسوريا. سعت السعودية مؤخرًا إلى تكوين علاقات قوية مع روسيا خاصة بعد إبرام أمريكا اتفاق نووي مع إيران، وعلى الرغم من محاولات واشنطن الحثيثة لتبديد مخاوف القادة الخليجيين إلا أن هذا الاتفاق شكل أزمة ثقة بين الطرفين، وهو ما دفع السعودية إلى محاولات تعزيز علاقاتها مع روسيا برعاية مصرية لتعتمد على السلاح الروسي المتطور لتسليحها، حيث تظهر مؤشرات تشير إلى تكوين تحالف ثلاثي بين مصر والسعودية وروسيا، وهو ما يجعله من أهم التحالفات فى العالم، حيث يجمع بين مصر كأكبر دولة عربية وأقوى جيش عربى، والسعودية كأغنى دولة نفطية تقود دول الخليج العربي، مع روسيا أكبر دولة نووية وأحد أكبر مصدر للسلاح المتطور في العالم.