في ظل الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة والمعاناة التي يعيشها أهالي القطاع يوميًا سواء بسبب نقص الأغذية أو الماء أو الكهرباء وانهيار الخدمات الصحية، جاء إعلان "الأونروا" عن تقليص خدماتها الموجهه للاجئين الفلسطينيين لتزيد المعاناة وتضاعف الحصار. حذرت وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين "الأونروا" في تقرير تم رفعه للأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون"، من أنه ما لم يتم الحصول على تمويل بكامل قيمة العجز المالي الذي تعاني منه الوكالة والبالغ 101 مليون دولار بحلول منتصف الشهر الجاري، فإن الأزمة المالية قد تجبر الوكالة بتعليق الخدمات المتعلقة ببرنامجها التعليمي إلى أن يتم تأمين المبلغ بأسره، وهو ما يعني تأخير بدء السنة الدراسية لنصف مليون طالب وطالبة مسجلين في حوالي 700 مدرسة إلى جانب ثمانية مراكز مهنية منتشرة في الشرق الأوسط. ويفيد التقرير أنه نظرًا للوضع الحالي، ومع تطبيق الإجراءات التقشفية والإدارية الصارمة، فإن الوكالة ستكون قادرة على الاستمرار بتقديم خدماتها في مجالات إنقاذ الحياة وحماية اللاجئين الأشد ضعفًا من الصعوبات الشديدة والمحافظة على الصحة العامة والسلامة حتى نهاية العام. وأعرب المفوض العام للأونروا "بيير كرينبول"، عن قلقه العميق من أنه "قد يكون مطلوبًا اتخاذ هذه الإجراءات في حين لا تزال الحاجة لخدمات الوكالة ضرورية للاجئي فلسطين وفي الوقت الذي يتمتع به التعليم باعتراف عالمي باعتباره ضروريًا من أجل التنمية البشرية الشاملة"، وأضاف بأن "ما يستدعي القلق على وجه الخصوص هو أن تلك الإجراءات قد تكون ضرورية في وقت تتزايد فيه الأزمات في سائر أرجاء الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي يعد فيه دور الأونروا هامًا بشكل متزايد". انطلقت مسيرات حاشدة فى مختلف مناطق قطاع غزة، وذلك بدعوة من حركة "حماس"، تنديدًا بسياسة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وقراراتها بتقليص خدماتها المقدمة للاجئين بسبب أزمتها المالية، حيث انطلقت المسيرات التى شارك فيها أنصار حركة حماس ومعلمو وكالة "الأونروا" والطلبة، من أمام المساجد المركزية فى قطاع غزة، وتوجهت صوب مقرات "أونروا"، وسط حالة من الغضب والتنديد بالقرارات الصادرة مؤخرًا من الوكالة، وردد المشاركون هتافات مناوئة ل"أونروا" وسياساتها التى اعتبروا أنها بمثابة تعد على حقوق اللاجئين، خاصة القطاع التعليمي، داعيين إدارة الوكالة الدولية للتراجع فورا عن تلك السياسة. شاركت العشرات من النساء في قطاع غزة بوقفة نظمتها حركة "حماس"، ورفعت المشاركات في الوقفة التي أقيمت أمام مقر تابع غربي مدينة غزة، لافتات كتب على بعضها، "ما هو مصير أبنائنا؟"، و"نطالب بحقوقنا المشروعة"، و"تقليص الخدمات يزيد من الحصار"، وقالت مسئولة الحركة النسائية في حركة حماس "رجاء الحلبي"، "جئنا اليوم لنقول للأونروا كفى انتهاكًا لحقوق اللاجئين الفلسطينيين"، وأضافت "من حق اللاجئ أن يعيش بكرامة، من خلال التزام الاونروا بتقديم كافة الخدمات له، فالتقليص مخالفة واضحة لقرارات الأممالمتحدة واتفاقيات وقواعد القانون الدولي والإنساني". على صعيد متصل؛ شهدت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان اعتصامات منددة بقرار الوكالة تأجيل العام الدراسي بسبب نقص التمويل، ورفع المئات من اللاجئين في مدينة صيدا اللبنانية، شعارات ترفض تأجيل افتتاح السنة الدراسية، وقال رئيس الاتحاد "موسى نمر"، "إن قضية اللاجئين خط أحمر ولا يمكن لأحد أن يتخطاها". بدوره حذر المجلس التشريعي الفلسطيني من تقليص خدمات وكالة "الأونروا"، وقال نائب رئيس المجلس التشريعي "أحمد بحر"، "مُضي الأونروا في مخططاتها من تقليص للخدمات من شأنه إحداث انهيارات إنسانية واجتماعية وصحية في أوساط اللاجئين الفلسطينيين، وحدوث انفجار شعبي لا يمكن السيطرة على آثاره وتداعياته بأي حال من الأحوال"، وأضاف "على الجهات المانحة الرئيسية للأونروا أن تتحمل مسئولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين من حيث الالتزام بتقديم الدعم المالي لها، وعدم ترك ملايين اللاجئين نهبًا للجوع والفقر والمرض والتشريد". وفي السياق نفسه، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي "خالد البطش"، "إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين تقود معركة ضد شعبنا الفلسطيني عبر تقليص الخدمات"، وأضاف" تقليص خدمات أونروا سياسي بامتياز، وخطوة لتصفية القضية الفلسطينية وحق العودة". من جانبها؛ أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، تقليص خدماتها الطبية، نتيجة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، مؤكدة أن الفترة الحالية التي تمر فيها هي الأسوأ في تاريخ القطاع الصحي، نتيجة سياسة إدارة الظهر للمرضى ومعاناتهم من قبل حكومة التوافق الوطني، وقال الناطق باسمها، "أشرف القدرة"، "إن الوزارة أعلنت وقف خدمات الولادة الآمنة في عيادة بيت المقدس شمال قطاع غزة، وتقليص خدمات الرعاية الأولية في دير البلح والنصيرات نتيجة العجز في الأدوية والمستلزمات الطبية"، وذكر أن الوزارة مضطرة لتقليص الخدمات الصحية لاحتواء الأزمة وإبقاء الخدمات الأساسية لأطول فترة ممكنة، مشددةً على أن تآكل المخزون الاستراتيجي للأدوية ينذر بخطر كبير. تقليص خدمات "الأونروا" تحت مبرر نقص التمويل يأتي في إطار سياسة تأمرية للولايات المتحدةالأمريكية، والتي تعتبر الداعم الأكبر للوكالة، لفرض المزيد من الضغوط والمعاناة الإنسانية على اللاجئين الفلسطينيين وهو ما يخدم الكيان الصهيوني، حيث يدفع المفاوض الفلسطيني إلى القبول بأقل الحلول مع المفاوض الصهيوني تحت ضغط إنهاء المعاناة الإنسانية، فتكون الغلبة للقرارات الإسرائيلية وتقف السلطة الفلسطينية عاجزة عن اتخاذ قرارات مصيرية.