تقسيم وتفتيت العالم العربي مخطط إسرائيلي قديم، وهو لا يقتصر على الدول المجاورة لفلسطينالمحتلة بل يمتد ليشمل العالم العربي والإسلامي. آخر فصول هذا المخطط انفصال الجنوب السوداني باستفتاء شعبي، وهو ما عملت الماكينة الإسرائيلية طوال عدة عقود للوصول إليه، وساعد على ذلك الكثير من الأخطاء السودانية والعربية بعدم الاهتمام بعلاج جذور المشاكل التي يعاني منها العالم العربي بالشكل الصحيح وبسط العدل ومحاربة الظلم، بجانب التنمية والتطوير السليم، والذي أفرز اليوم انسلاخ الجنوب السوداني وضبابية مستقبل الشمال، وانفجار الشارع التونسي والمصري، ومن ثم ليبيا وسوريا، حتى وصل الأمر إلى توترات تركية كردية على الحدود مع سوريا. وفي هذا السياق، قال موقع جلوبال ريسيرش البحثي، إن الأنظمة الاستبدادية الأكثر نفوذا في الشرق الأوسط تستعد لإطلاق أقوى الحروب لإعادة تشكيل المنطقة، فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الحرب بالوكالة ضد إيران، معلنا عن تعبئة عسكرية واسعة داخل إسرائيل، وتنظيم أكبر حملة سياسية من اليهود الصهاينة المتطرفين في واشنطن، والغرض من هذه الحملة هو إفشال الاتفاق الأمريكي الإيراني بشأن البرنامج النووي، وبدء حرب كبيرة في الشرق الأوسط. ويضيف الموقع، أنه في نهاية المطاف، يعتزم نتنياهو، إكمال الغزو واحتلال فلسطين وطرد الشعب الفلسطيني من وطنه، ومن أجل القيام بذلك، كان على القادة الإسرائيليين تدمير البلدان العربية الأخرى مثل العراق وليبيا وسوريا. ويشير الموقع إلى أنه في الوقت نفسه يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشن حرب كبرى ضد الشعب الكردي وتطلعاته لبناء دولته المستقلة، وقد وضح هذا بشكل كبير خلال الأحداث الأخيرة وتفجير "سوروج" الذي قامت به المخابرات التركية، حيث بعدها قامت القوات الجوية التركية بقصف الأكراد في العراقوسوريا، وهو الآن يقوم بتهجير المدنيين والمقاتلين الأكراد، في محاولة لاستعمار الحدود الشمالية السورية. ويرى الموقع أن حرب أردوغان المعلنة حديثا ضد الأكراد لها مكونات محلية وإقليمية، حيث ترغب تركيا في إخماد صحوة الأكراد التي حدثت خلال الانتخابات البرلمانية شهر يونيو الماضي، فهو يرغب في تشويه سمعتهم السياسية، لأنهم في الواقع سيقفون ضد رغباته الديكتاتورية في البرلمان. ويؤكد الموقع الكندي أن الغزو التركي لسوريا هو جزء من حملة توسيع الحدود التركية جنوبا وغربا، ومحاولة لشن الهجمات على الحكومة في دمشق وحلب، والآن يعول أردوغان، على اتفاقات بين تركياوالولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي، للتعاون العلني والسري ضد الأكراد وضد السيادة الوطنية السورية. ويوضح الموقع أن نتنياهو، يعمل بطرق معقدة، ولكن هدفه المباشر هو الاتفاق النووي الإيراني، فهو جزء من استراتيجية طويلة لتدمير إيران وإعادة تشكيل الشرق الأوسط، خاصة من اتجاه دول الخليج، مشيرة إلى أن جميع الأحزاب السياسية الإسرائيلية الرئيسة تؤيد هذه السياسة الخطيرة ضد إيران. من جانبه، يرى جيمس بيتراس، أستاذ متقاعد فى علم الاجتماع بجامعة بينجهامتون في نيويورك، مهتم بالقضايا السياسية في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، أن عنصرية نتنياهو، وأردوغان، هي المحرك الرئيسي لإشعال الحرب، فالرئيس التركي يسعى إلى اقتلاع الأكراد وتهميش الأقليات في تركيا، كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد دولة عرقية "نقية" يهودية، وكلاهما يعتمد على دعم الولاياتالمتحدة العسكري، وترسيم الحدود العربية في المنطقة من جديد، على الرغم من إظهار كراهية "شكلية" بينهما هي السبب وراء الغطرسة التي يتمتع بها الطرفان، لكن الولاياتالمتحدة تقف "وسيطا" وقادرة على ضمان الائتلاف بين شركائها. ووصف بيتراس، الرئيس التركي ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بأنهما "حاكمان من أكثر النظم استبدادا في الشرق الأوسط"، مشيرا إلى أنهما يعملان على إشعال الفتن والمعارك لإعادة تشكيل المنطقة، كما أكد الموقع أن الاحداث الدائرة في سوريا حرب أمريكية إسرئيلية بامتياز، وتعمل واشنطن على تنفيذها بكل الوسائل المتاحة والتي منها إرسال "فرق الموت" إلى سوريا لتنفيذ عمليات القتل الجماعي وتدمير البلاد، مؤكدا أن الأزمة في سوريا كانت وستظل بمثابة حرب أمريكية خاصة خططت لها الولاياتالمتحدة وتعمل على تنفيذها بكل الوسائل المتاحة أمامها، فواشنطن لا تستطيع أن تتسامح أو أن تتحمل أي حكومة مستقلة كالحكومة السورية، وتطالب دائما باتباع سياساتها الخاصة، وكل من يخالف الأوامر يكون هدفا يجب التخلص منه بأي ثمن حتى لو بشن حرب مباشرة عليه. ويوضح الموقع أن عمليات القتل الجماعي والتدمير الشامل ليست مسألة مهمة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، فكل ما يهم واشنطن هو الهيمنة الكاملة بلا منازع، مشيرا إلى أن المدنيين هم الهدف الرئيسي من هذه الأعمال، فقتل المدنيين الأبرياء هو سياسة الولاياتالمتحدة الرسمية، والحروب الإمبريالية التي تشنها واشنطن وحلفاؤها توصف بأنها "حروب تحرير" لكن كل ما تفعله هو الإرهاب، موضحا أن سوريا كانت آمنة قبل أن تقوم الولاياتالمتحدة بغزوها من خلال الحروب بالوكالة.