المدينة الباسلة، ثالث مدينة في مصر اقتصاديًا بعد القاهرة والإسكندرية، مدينة ساحلية تقع شمال شرق البلاد، وتطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط، عند مدخل قناة السويس، يحدها شمالًا البحر المتوسط، ومن الشرق محافظة شمال سيناء ومن الجنوب محافظة الإسماعيلية ومن الغرب محافظة دمياط. تبلغ مساحة مدينة بورسعيد حوالي 1351.14 كم2، ويبلغ عدد سكانها بحسب تعداد عام 2010 ما يقارب 603,787 نسمة، كما تقسم مدينة بورسعيد إلى ستة أحياء إدارية هي حي الجنوب، حي العرب، حي المناخ، حي الضواحي، حي الزهور، حي الشرق، بالإضافة إلى مدينتي بور فؤاد والفرما. تضم بورسعيد العديد من المعالم المميزة، أهمها ميناء بورسعيد، الذي يعد ثاني الموانئ في مصر نظرًا لموقعه الموجود عند مدخل قناة السويس الشمالي، ومبنى هيئة قناة السويس والذي يعد أحد أهم الآثار الإسلامية في بورسعيد، وفنار بورسعيد القديم. بالإضافة إلى العديد من المتاحف مثل متحف بورسعيد الحربي، الذي يوثق لحقبة العدوان الثلاثي على المدينة، ومتحف بورسعيد القومي والذي يعرض آثارًا من مختلف الحقب التاريخية المصرية، فضلًا عن تاريخ بورسعيد منذ إنشائها سنة 1859 وحتى العصر الحديث، ومتحف النصر للفن الحديث. بدأ العمل على إنشاء بورسعيد على يد والي مصر الخديوي سعيد، ذلك يوم الاثنين الموافق 25 أبريل سنة 1859، عندما ضرب فرديناند ديلسبس أول معول في الأرض معلنًا بدء حفر قناة السويس.. هنا يبدأ تاريخ المدينة الباسلة. أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب الجزء الأول من موسوعة «تاريخ بورسعيد»، المكونة من أربعة أجزاء، إعداد ضياء الدين حسن القاضي، بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة، تستهل الموسوعة بأكثر من تقديم للكاتب جمال الغيطاني، والمؤرخ الدكتور يونان لبيب رزق، والكاتبة سكينة فؤاد. وكتب الغيطاني في تقديمه "الكتاب الذي يقع في ألف صفحة تقريبًا موسوعة ليس للمدينة فقط ولكن للقناة نفسها ووقائع احتفالات افتتاحها الأول والعمل خلال حفرها ويتضمن صوراً نادرة لم أرها في أي كتاب آخر إنه يليق بالمناسبة حقاً، وإصداره سيكون عن أبرز الأحداث". ينقسم الجزء الأول لثمانية أبواب الباب الأول بعنوان "بورسعيد قديمة قدم الزمان"، ويتحدث عن مدينة تنيس ومدينة تونة والفرما وبيلوز، والباب الثاني "قناة الفراعنة"، والباب الثالث "كيف كان الاتصال بين الشرق والغرب قبل شق القناة"، أما الباب الرابع فيتناول الأفكار والمشروعات الخاصة بوصل البحرين، والباب الخامس "بورسعيد وحفر قنال السويس"، والسادس يتحدث عن حفلات افتتاح قناة السويس، أما الباب السابع جولة في مدينة بورسعيد، وأخيرًا الباب الثامن نضال شعب مصر عبر التاريخ، كما يضم الجزء الأول مجموعة صور نادرة لمدينة بورسعيد وأهم الأحداث. رغم حداثتها النسبية احتلت بورسعيد منذ نشأتها مكانة بارزة وسط المدن المصرية، بل لا نبالغ إذا قلنا وسط المدن العالمية أيضًا، إذ كانت دائمًا من أول المدن تمتعًا بالخدمات ووسائل الحضارة والتمدين، إذ كانت بورسعيد ثالث مدينة بمصر تشهد عرضًا سينمائيًا بعد القاهرة والإسكندرية، وكان ذلك في العام 1898. كما دخلتها الكهرباء عام 1891، وهو تاريخ مبكر وسط مدن العالم حيث دخلت الكهرباء نيويورك على سبيل المثال قبل هذا التاريخ بتسع سنوات فقط. لم تقتصر مقومات بورسعيد كمدينة عالمية منذ نشأتها على ما تمتعت به من وسائل مدنية وحضارية، فحسب بل امتدت أيضًا لتشمل الطابع الثقافي للمدينة حيث اتسم مجتمع بورسعيد بطابع كوزموبوليتاني، إذ سكنها العديد من الجنسيات والأديان خصوصًا من دول البحر المتوسط، وأغلبهم من اليونانيين والفرنسيين بجانب المصريين في تعايش وتسامح، وكان يسكن الأجانب حي الإفرنج (حي الشرق حاليًا)، بينما كان يتركز المصريون في حي العرب. في وصف واضح لحيوية مجتمع بورسعيد، قال روديارد كبلينغ: إذا أردتم ملاقاة شخص ما عرفتموه وهو دائم السفر، فهناك مكانين على الكرة الأرضية يتيحا لكم ذلك، حيث عليكم الجلوس وانتظار وصوله إن عاجلا أو اّجلا وهما:موانيء لندن وبورسعيد. تفاعلت بورسعيد مع الأحداث التاريخية والوطنية التي شهدتها مصر في العصر الحديث منذ نشأتها حيث دخل الاحتلال البريطاني مصر من بورسعيد عام 1882، وطوال مدة الاحتلال البريطاني لمصر كانت بورسعيد احدى مواطن المقاومة في مصر، وخصوصًا بعد اشتعال مدن القناة بالمقاومة للوجود البريطاني بعد الغاء معاهدة 1936، غير أن الحدث الأبرز في تاريخ المدينة يبقى صمودها في مواجهة العدوان الثلاثي، والذي شنته دول بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر عام 1956، ردًا على تأميم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لقناة السويس، وهو ما أهلها لحمل لقب المدينة الباسلة، واتخاذ يوم 23 ديسمبر من كل عام عيدًا قوميًا للمدينة "عيد النصر"، وهو اليوم الذي يوافق تاريخ جلاء آخر جندي بريطاني عن المدينة عام 1956. استمرت رحلة بورسعيد في مواجهة العدوان على مصر حيث توقف العدوان الإسرائيلي على مصر في حرب 1967، على حدود بورسعيد الشرقية، بعد احتلال الشطر الآسيوي من مصر ممثلًا في كامل أرض سيناء باستثناء بور فؤاد والتي عجز الجيش الإسرائيلي عن التوغل فيها. بعد انتصار مصر في حرب أكتوبر عام 1973 بدأت الحياة تعود لبورسعيد عام 1975، وهو نفس العام الذي أعيد فيه افتتاح قناة السويس للملاحة بعد توقفها في أعقاب حرب 1967. في عام 1976 أصدر الرئيس محمد أنور السادات قرارًا بتحويل المدينة إلى منطقة حرة، وهو الأمر الذي جعل المدينة جاذبة للسكان من جميع أنحاء مصر.