على الرغم من الإدانات المتواصلة للانتهاكات الصهيونية التي تمارسها إسرائيل طوال الوقت، والاستهداف المباشر للفلسطينيين سواء بالاعتقال والتعذيب أو القتل، إلا أن القيادة الصهيونية لم تنظر إلى هذه الإدانات بجدية، بل أصبحت الانتهاكات الصهيونية تتناسب طرديًا مع الإدانات الفلسطينية والعربية والمطالبات الدولية بمحاسبة الكيان الصهيوني. في خطوة جديدة أجلتها القيادة الصهيونية لفترة خوفًا من انعكاساتها، أقر البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" قانون التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام، حيث تصدر الائتلاف اليميني بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، نقاش برلماني امتد لوقت طويل، وخرج في النهاية بإقرار القانون بموافقة 46 عضوًا، ومعارضة 40 عضوًا في الكنيست المؤلف من 120 مقعدًا، وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أصدرت مشروع القانون منتصف الشهر الماضي. تقدم بمشروع القانون وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، من حزب الليكود، حيث تشعر إسرائيل بالقلق منذ وقت طويل بسبب إضراب الأسرى الفلسطينيين في سجونها، مما قد يؤدي إلى وفاتهم ويفجر موجات من الاحتجاج في الضفة الغربيةالمحتلةوالقدسالشرقية، وهو المبرر نفسه الذي لجأ إليه أردان عند تقديم مشروع القانون، حيث قال إن الأسرى معنيين بتحويل الإضراب عن الطعام إلى عملية انتحارية من نوع جديد يهددون فيها إسرائيل. بموجب هذا القانون وبعد المصادقة عليه، فإنه يسمح للسلطات الإسرائيلية إطعام الأسير المضرب عن الطعام بشكل قسري، إذا تعرضت حياتهم للخطر، بعد تصريح من قبل طبيب يؤكد فيه بأنه دون إطعامه فإن حياته يتهددها الخطر خلال وقت قصير، أو قد يصاب بإعاقة خطيرة غير قابلة للعلاج. الخطوة الإسرائيلية الجديدة قوبلت بالرفض التام ليس من أعضاء الكنيست العرب واليساريين فحسب، بل حتى الجمعية الطبية الإسرائيلية رفضته، حيث تعتبر التغذية القسرية شكلا من أشكال التعذيب وتراه ينطوي على مخاطر من الناحية الطبية، وهو ما دفعها إلى حث الأطباء الإسرائيليين على عدم الامتثال للقانون، لأنه يتنافى مع أخلاق مهنة الطب. بدورها أكدت منظمة الدفاع عن الحقوق المدنية في إسرائيل، أن إطعام الأسرى بالقوة أمر محظور إذا لم تتخذ هذا القرار "لجنة طبية مستقلة وبما يحترم الحقوق المشروعة للمريض"، وسبق للسلطة الفلسطينية أن دعت المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لمنع عمليات الإطعام القسري للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وحثت وزارة الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي على محاسبة كل من يشارك في تشريع وتنفيذ قانون الإطعام القسري للأسرى المضربين عن الطعام. إقرار القانون الصهيوني يأتي في الوقت الذي يعالج فيه 80 أسيرًا فلسطينيًا في المستشفيات الإسرائيلية بعد تدهور حالتهم الصحية إثر إضرابهم عن الطعام، فيما حذرت جمعيات حقوقية من إمكانية تدهور حالتهم الصحية لإضرابهم عن الطعام منذ 55 يومًا، وغالبية الأسرى المضربين هم قيد الاعتقال الإداري، ويرفضون تناول الطعام احتجاجًا على احتجازهم بدون محاكمة. يذكر أن التشريع يعود إلى يونيو من عام 2014، عندما صوت عليه الكنيست الإسرائيلي على خلفية إضراب جماعي عن الطعام قام به أسرى فلسطينيون في السجون الإسرائيلية، لكن البرلمان حل قبل أن تنتهي آلية إقرار المشروع. في الوقت نفسه لم تتوقف إسرائيل عن إجراءاتها الهادفة إلى التوسع الاستيطاني والاستيلاء على رقعة أكبر من الأراضي الفلسطينية، ففي الوقت الذي تطالب فيه المجتمعات الدولية الكيان الصهيوني بوقف هذا الزحف الهادف إلى تهويد الأرض الفلسطينية، تفاجئ الحكومة الإسرائيلية الجميع ببناء وحدات استيطانية جديدة. بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، أعلن أنه سمح ببناء 300 وحدة استيطانية فوراً في "بيت إيل" شمال رام الله في الضفة الغربية، كما أعلن أيضًا عن موافقته على مخطط لبناء أكثر من 500 وحدة استيطانية في القدسالمحتلة. الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ندد بالقرار الإسرائيلي، وقال "إنني أدين إعلان إسرائيل مصادقتها اليوم علي بناء نحو 300 وحدة سكنية في مستوطنة بيت أيل بالضفة الغربية، وكذلك التخطيط لبناء ما يقرب من 500 وحدة أخرى في عدد من المستوطنات في القدسالشرقية"، وأردف قائلًا "أكرر أن المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي، وتعيق تحقيق السلام، ولا يمكن أن تتفق مع نية إسرائيل المعلنة إزاء مبدأ حل الدولتين، وإنني أحث حكومة إسرائيل علي وقف هذه القرارات بما يصب في مصلحة السلام واتفاق الوضع النهائي فقط". من جانبها قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تشعر "بقلق عميق" ازاء قرار الحكومة الإسرائيلية بناء مستوطنات جديدة، وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر، "لا تزال الولاياتالمتحدة تنظر إلى المستوطنات على أنها غير شرعية ونعارض بشدة خطوات توسيع البناء في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية"، وأضاف "التوسع الاستيطاني يهدد حل الدولتين ويشكك في التزام إسرائيل بحل الصراع من خلال التفاوض". وصفت منظمة التحرير الفلسطينية القرار بأنه "جريمة حرب"، ودعا عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة واصل أبو يوسف، إلى إعادة إحياء المبادرات الدولية لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، شرط التزام الجانب الإسرائيلي بتطبيق القرارات الدولية، وعلى رأسها وقف الاستيطان.