الأوقاف تركته لتصرف المواطنين بلا إمام ولا خطيب.. ووكيل الوزارة: حاضر هشوفه يعتبر من أقدم مساجد الإسكندرية، أثيرت حوله الأقاويل والأساطير بين أهالي حارة البلقطرية بالإسكندرية، حول أصل تسميته وكيفية تشييده، لكنها مجرد أقاويل لا أساس لها من الصحة. ظل مسجد أبو علي، الذي بني عام 678ه إلى يومنا هذا، يستند على عامود واحد فقط، وبلا إمام أو خطيب أو خادم، وتتساقط الأمطار فوق رؤوس المصلين من أسقف غير عازلة. قال محمد بدر فهمي، 31 سنة ويعمل مشرف مبيعات: بدأت الصلاة بمسجد أبو علي عام 1996 ويروي أن موقع المسجد كان جزءًا من البحر، ولم تكن هناك أرض ثابتة وإسفلت، حتى إن الإسكندر الأكبر لم يكن بنى الإسكندرية بعد، وكان "أبو علي" رحالة غادر المدينة بعد بنائه المسجد. وعن المشكلات التي يعاني منها مسجد "أبو علي" قال فهمي: إنه المسجد الوحيد الذي يستند على عامود واحد فقط، والأعمال الترميمية تكون بالجهود الذاتية لأهل الحي، بينما لا تأتي هيئة الآثار إلَّا زيارات، تصور وتمشي، على حد قوله، مشيرًا إلى أنهم رمموا المسجد، لكن الأملاح التي أصابت سطحه جراء الأمطار أصابته بالتشققات في قشرة قبته الداخلية، وثقوب تسببت في تسرب قطرات مياه الأمطار على رؤوس المصلين في فصل الشتاء، مضيفًا: "ومهما عملنا فيه بيتآكل الطوب تاني". بينما شكا فهمي من افتقار المسجد للأئمة والخطباء إلَّا في أيام الجمعة ووقفات العيدين الفطر والأضحى، فإن مديرية الأوقاف توفر خطيبًا، أما في صلوات التراويح فإن الإمام يكون من المصلين، مشيرًا إلى أن والده كان يعمل في خدمة المسجد وكان يخاطب المديرية لتوفير خطباء وأئمة وكانت توفرها أحيانًا، مضيفًا: وبعد وفاة والدي توليت أنا تقديم المخاطبات، والرد "هنبعت لك" ولم يأتِ أحد، ويعمل عمي بخدمة المسجد؛ لأن الخادم المعين لا يأتي إلَّا مرة واحدة أسبوعيًّا. وأضاف فهمي أنه خصص مصلى للسيدات منذ 6 سنوات، بعد تجاهل وزارة الأوقاف التكييفات، المصاحف، السجاد، مقاعد، تنجيد المقعد الأثري، وغيره من متطلبات المسجد، فهي من الجهود الذاتية للمواطنين، متسائلًا: إيه الفرق بينه وبين المساجد الأخرى التابعة للأوقاف؟ وقال محمد السعيد متولي، أحد سكان حارة البلقطرية: الأهالي وجدوا اللافتة الأصلية للمسجد المدون عليها تاريخ إنشائه أثناء قيامهم بعمارته حديثًا، بينما قال بدوي علي بدوي: الكُهنة بتترمي وبتلم فئران، وعملنا غرفة لرمي الخردة، ومفتش الآثار بيدون الحاجات اللي الأهالي بتجيبها تبرعات وبيقولوا عليها عهدة ويسجلوها عندهم". وتابع محمد السيد سعد، من رواد المسجد: ناس متطوعة شغالة على ترميم المسجد وحمايته، لو حنتكل على الأوقاف والآثار مفيش حاجة هتتغير، بنجمع بعض ونرممه كل سنة.. أغلب الوقت أنا اللي بصلي بيهم، كل اللي بنطلبه إمام يصلي بينا ويراعي مصالح المسجد". وأضاف أن آخر عامل انتدبته مديرية الأوقاف لخدمة المسجد لم يأتِ منذ الأسبوع الأخير من شهر شعبان، بينما يقبع عم محمد وهو أحد المواطنين على خدمته كمتطوع، ويؤذن السيد للصلاة ويؤم المصلين في صلاة المغرب، ويؤمهم آخر في صلاة التروايح، ولا يسأل عن المسجد سوى هيئة الآثار فقط.. واستنكر رشاد علي إسماعيل، 58 اعتراض الآثار على انتزاع شجرة ونخلة لا تطرحان تسقطان على المصلين الأتربة والأوراق وكادت تحرر محضرًا ضدهم، رغم أنها لا تقوم بدورها. يعتقد أهالي حارة البلقطرية الشهيرة ب"حارة البطرية" أن المسجد بني فوق البحر، وسمي على اسم صاحب المسجد الذي انتهت رحلته في هذا الموقع، فقال إسماعيل: أثناء إبحار أحد البحارة بقاربه تصادف حدوث نوة شديدة، وكان على وشك الهلاك، وانتهى به المطاف في هذا الموقع من البحر، فقرر إنشاء مسجد فوقها ونسب اسمه إلى إليه "أبو علي". إلَّا أن محمد متولي، مدير عام الشؤون الأثرية بالإسكندرية، أكد أن المتداول عن قصة إنشاء المسجد مجرد أساطير "ألف ليلة وليلة" على حد وصفه، موضحًا أنه أنشئ ليكون مدرسة لتعليم القرآن والحديث على المذهب الشافعي وأطلق عليه آنذاك اسم "دار الحديث التكريتية" نسبة إلى مؤسسها عبد اللطيف التكريتي، وبدأت فيها بالفعل الشعائر الدينية. وأضاف متولي ل"البديل" أن الآراء تضاربت حول شخصية "أبو علي"، فبعضهم يرى أنه اسم المسؤول عن عمارة المسجد وتجديده، بينما يرى آخرون أنه أحد الأعيان المشرفين على إعماره. وأضاف بشأن الترميم:المسجد يقع تحت الإشراف الأثري والهندسي لهيئة الآثار الإسلامية، إلَّا أن الإنفاق عليه وفقًا للقانون، فهو يقع على عاتق وزارة الأوقاف وليس الآثار، مضيفًا أنه سيوافق على الترميمات اللازمة وندب مهندس ومشرف من الآثار للإشراف عليها، بعد تقديم شيخ المسجد طلبًا للهيئة بما يحتاجه، وفي حال توافر الإمكانيات لديهم فإنه سيبدأ في عمله على الفور. وأشار إلى أن المسجد بني عام 1279 ميلادية، الموافق 678 هجرية، أي منذ 736 عامًا بحارة البلقطرية التابعة لحي الجمرك، ومن ضمن عناصره ومكوناته الباب الخشبي بالواجهة الجنوبية الغربية بشارع قبو الملاح، وهو بسيط الصنع مكون من درفتين وحالته جيدة، وآخر بالواجهة الشمالية الشرقية بشارع أبو علي، وهو خشبي أيضًا وبحالة جيدة، وثالث بالواجهة الشمالية الغربية من درفتين، ورابع بمدخل بيت الصلاة بدرفتين أيضًا ونافذتين خشبيتين عرض كل منهما متر، وارتفاعها متران ومكونة من درفتين وبهما حواجز حديدية للحماية. وأضاف متولي أن المنبر مصنوع من الخشب البسيط وهو حديث الصنع، بينما هناك لوحتان أساسيتان مصنوعتان من الرخام، أولهما بمدخل بيت الصلاة وتحمل تاريخ تأسيسه 678ه، وترددت الأقاويل بأنها أثرية ومأخوذة من مسجد آخر، وثانيهما وضعت أسفل اللوحة القديمة وتحمل اسم المدرسة، مؤكدًا أن كلتيهما بحالة جيدة. وفيما يتعلق بأعمدة المسجد، قال: أحدها يوجد ببيت الصلاة وترتكز عليه عقود تحمل القبة، وآخر حول المئذنة، وثالث مصنوع من الجرانيت الأحمر أمام بيت الصلاة. وكان رد صبري عبادة، وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، عما يعانيه المسجد من ضعف إمكانيات وحاجته للترميم وتعيين إمام: "حاضر هشوفه".