يضيف المستوطنون اليهود جريمة جديدة إلى سجل جرائمهم المليء بالانتهاكات والاعتداءات على المساجد والكنائس في الأراضي المحتلة، اعتداءات تدل على وحشية المستوطنين وعنصرية قياداتهم. أضرمت العصابات التي تطلق على نفسها اسم "تدفيع الثمن"، والتي تحظى بدعم مالي وقانوني من قبل حكومة الاحتلال، النار في كنيسة "الخبز والسمك" الأثرية الواقعة على ضفاف بحيرة طبريا، والتي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الرابع الميلادي، وكتب المستوطنون المتطرفون الذين دأبوا على تكثيف اعتداءاتهم تحت مسمّى "سياسة تدفيعِ الثمن"، عبارات عنصرية على جدران الكنيسة التي تعرّضت لأضرار جسيمة بعدما أتى الحريق على جميع محتوياتها. قال شهود عيان إن "النيران أتت على قاعات الصلوات والاستقبال والمخازن، كما تسببت بأضرار جسيمة للكنيسة"، لافتين إلى أن "عددًا من الأشخاص أصيبوا بالاختناق خلال محاولتهم إطفاء النيران قبل وصول طواقم الإطفاء". تعليقًا على هذه الجريمة العنصرية قال أمين عام التجمع الوطني المسيحي "ديمتري دلياني"، إن "الاعتداء على الكنيسة في طبريا جاء ترجمة عملية لمواقف حكومة الاحتلال التي تتحمل كامل المسئولية عن هذه الجريمة الإرهابية"، وأشار إلى أن "حكومة الاحتلال تقدم الدعم المادي لمجموعات الإرهاب اليهودي، من خلال توفير موازنات للمؤسسات والمدارس الدينية التي تحتضنهم، إضافة إلى أنها توفر لعناصر وقيادات مجموعات الإرهاب اليهودي تغطية سياسية، وتوفر لهم حماية قانونية من خلال رفض الكنيست اليميني اعتبار هذه المجموعات إرهابية بالرغم من أن جميع عناصر تعريف الإرهاب تتوفر في جرائمها". من جانبها أدانت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، إضرام مجموعة من المتطرفين النار بكنيسة "الخبز والسمك"، وأكدت الهيئة مواصلة سلطات الاحتلال ومتطرفيها انتهاك حرمة المقدسات المسيحية والإسلامية في المدينة المقدسة وسائر الأراضي الفلسطينية، واليوم باحراق الكنيسة دون اعتبار لحرمة الأديان وأماكن العبادة. وحذرت الهيئة من استمرار التطرف والتعنت الإسرائيلي، مؤكدةً على وجود مخطط إسرائيلي عنصري متطرف، يهدف إلى إقامة حرب دينية بين المسلمين والمسيحيين من جهة واليهود من جهة أخرى، وتحويل الصراع القائم من صراع سياسي إلى صراع ديني بحت، وشدد الأمين العام للهيئة "حنا عيسى" على أن استمرار انتهاك حرمة المقدسات وتدميرها ما هو إلا تمهيدًا للقضاء على كل المقدسات وتهويد الأراضي الفلسطينية، وهذا ما يجعل السكوت عن هذه الجريمة نوعًا من التواطؤ معها أو المشاركة فيها. وطالب "عيسى" بضرورة حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية من جرائم الاحتلال، محذرًا من خطورة هذه الانتهاكات المتواصلة والمكثفة التي يتمادى بها المستوطنين المدعومين من الاحتلال، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل التزامته الأخلاقية من أجل إنهاء الاحتلال والضغوط عليه لإيقاف تلك الممارسات والمخططات التهويدية، كما حملت الهيئة حكومة الاحتلال وحاخاماته المسئولية الكاملة عن هذه الأعمال والانتهاكات، مشيرةً إلى الفتاوى المتواصلة التي تصدر عن حاخامات اليهود والتي تدعو إلى قتل العرب مسلمين ومسيحيين في فلسطين. من جانبها، اعتبرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني جريمة الاعتداء على الكنيسة ما هو إلا "عملًا ارهابيًا عقابيًا" على سياساتها وموقفها الرافض للتهويد، وأعربت الجبهة عن استنكارها الشديد من ظاهرة الاعتداءات على المقدسات سواء المسيحية أو الإسلامية، مضيفة أن الاعتداء على الكنيسة جاء ترجمة عملية لمواقف حكومة الاحتلال التي تتحمل كامل المسؤولية عن هذه الجريمة الإرهابية. وحذرت الجبهة من وجود مخططات يجري الإعداد لها من قبل قادة المستوطنين والجماعات اليهودية المتطرفة تتمثل في مزيد من الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية، إضافة إلى الاعتداء على المواطنين، مؤكدة أن ما يحدث يعتبر خرقًا صريحًا وواضحًا للمعاهدات والمواثيق الدولية ولقواعد القانون الدولي والإنساني. وطالبت الجبهة الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية وكافة المنظمات الحقوقية بضرورة التحرك الجاد والفوري للجم المستوطنين ووقف جرائمهم الإرهابية بحق المقدسات في فلسطين، مشددةً على ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي للحد من السياسة العنصرية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وأماكنه الدينية المقدسة. تعتبر الكنيسة التي تم الاعتداء عليها اليوم مقصدًا مهمًا للسائحين والحجاج المسيحيين، حيث أنها قد بنيت فوق مكان قد شهد معجزة إطعام المسيح "عيسى" لخمسة آلاف شخص احتشدوا لسماع عظاته، بكمية قليلة من الطعام الذي تضاعف بفضل المعجزة، وكانت الكنيسة قد شهدت في أبريل من العام الماضي اعتداء آخر، حيث قام مجهولون بإلحاق أضرار بأحد الصلبان المرفوعة في فناء الكنيسة وعدد من المقاعد.