أثار حكم محكمة استئناف القاهرة، بأن النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة ليستا من الهيئات القضائية ولا ينطبق عليهما قانون السلطة القضائية ويعامل أعضاؤهما معاملة الموظفين العموميين العاديين، حالة من الغليان داخل أروقة القضاء مجددًا، خاصة بين أعضاء النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، معتبرين القرار انتقاصًا من شأنهم. الأزمة انفجرت بعد ثورة يناير.. ودستور 2014 حسمها الأزمة ليست وليدة اليوم، لكنها انفجرت بعد ثورة 25 يناير، والشروع في كتابة دستور جديد، ومع انتهاء المسودة الأولى له، لم تذكر النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، بأي شىء كهيئات قضائية، أو حتى الإشارة إلى قانون يختص بتشكيلهما، الأمر الذي دفعهم وقتها إلى الاعتصام وتعليق حضورهم جلسات المحاكم، لكن في نهاية المطاف، وصّفوا فى دستور 2012 بالهيئة القضائية، ولكنه تم تعطيل العمل بالدستور فيما بعد. وظهرت الأزمة مرة ثانية، عقب انتهاء لجنة «نظام الحكم» ب«لجنة ال50» لتعديل الدستور من مواد فصل السلطة القضائية، بعد إجراء تعديلات في صياغة المواد الخاصة بالمحاماة، وتحويل النيابة الإدارية من هيئة إلى جهة قضائية، الأمر الذي لاقى اعتراضا من قبل مجلس الدولة، وقالوا وقتها، كيف يتم منحهم اختصاصات لم تكن لهما من قبل، وقامت لجنة العشرة بحذفها في تعديلاتها. إلا أن دستور 2014 الذي وضعته لجنة الخمسين، جاء ليؤكد في المادة196 أن "قضايا الدولة، هيئة قضائية مستقلة، تنوب عن الدولة فيما يرفع منها أو عليها من دعاوي، ويكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية". كما ذكرت المادة197 أن "النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تتولى التحقيق في المخالفات الإدارية والمالية، ويكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية". وزير العدل: "قضايا الدولة" أعرق هيئة قضائية في مصر وفي أكتوبر 2013، أكد المستشار عادل عبد الحميد، وزير العدل وقتها، أن هيئة قضايا الدولة تعد هيئة قضائية، وذلك خلال مراسم حلف اليمين القانونية لأعضاء هيئة قضايا الدولة الجدد دفعة 2009، بحضور المستشار عزت عودة، رئيس هيئة قضايا الدولة. ووجه «عبد الحميد» كلمة إلى الأعضاء الجدد عقب إجراءات حلف اليمين، حثهم فيها على التمسك بالتقاليد القضائية العتيدة لهيئة قضايا الدولة، ودعاهم إلى الفخر بالانتماء إلى هيئة قضايا الدولة، التي وصفها بأسبق وأعرق هيئة قضائية في مصر، حيث أنشئت عام 1875 بمسمى لجنة قضايا الحكومة، ثم تم تغيير مسماها إلى هيئة قضايا الدولة. النيابة الإدارية: المشرع أضفى الصبغة القضائية لنا لصد تغول السلطة التنفيذية ومن جانب النيابة الإدارية، نص التعريف الخاص بها عبر موقعها الرسمي، بأن دستور 2014 أكد أن النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة، وذلك بالمادة 197، وتتولى التحقيق فى المخالفات الإدارية والمالية، وكذا التى تحال إليها، ويكون لها بالنسبة لهذه المخالفات السلطات المقررة لجهة الإدارة فى توقيع الجزاءات التأديبية، ويكون الطعن على قراراتها أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة، كما تتولى تحريك ومباشرة الدعوى التأديبية أمام محاكم مجلس الدولة، وذلك كله وفقا لما ينظمه القانون ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى، ويكون لأعضائها الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية، وينظم القانون مساءلتهم تأديبيا. وأشار الموقع الرسمي، إلى أن المشرع الدستورى، قصد إضفاء الصبغة القضائية لهيئة النيابة الإدارية فى دستور 2014 في المادة 197 "النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة"، وكان ذلك لضمان حيدتها واستقلالها عن أي تأثيرات خارجية وضمانة للموظف العام من تعسف الجهة الإدارية ضده، فكانت النيابة الإدارية ولا تزال ليست فقط لمحاسبة الموظف العام فى تقصيره فى أداء عمله ولحماية المال العام من العبث به، لكن أيضا ضمانة للموظف العام من تغول سلطة الإدارة تجاه حقوقه التى نظمها القانون، فهى الملجأ للموظف العام فى حالات سلب حقوقه المشروعة والاضطهاد من جانب جهة الإدارة، ولهذا كان لزاما على المشرع أن يعطى أعضاء النيابة الإدارية كافة الحصانات والضمانات المقررة للسلطة القضائية؛ تسهيلاً لأداء أعمالهم وضمانة لهم من تغول السلطة التنفيذية في أعمالهم. «استئناف الإسكندرية»: «الدستورية» أكدت صفة الهيئة القضائية لأعضاء النيابة الإدارية وقضايا الدولة يقول المستشار عبد الفتاح محمد مراد، الرئيس بمحكمة الاستئناف العالى بالإسكندرية، إن هناك اعتقادا سائدا بين القضاة بأن أعضاء النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، لا يجب أن يكونوا ضمن الهيئات القضائية ويطبق عليهم قانون السلطة القضائية، حيث لم يكتسبا الخبرة القضائية الكافية لذلك، وهو اعتقاد خاطئ بالطبع ومرفوض. وأضاف "مراد" أن هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، يضمان أعضاء وشخصيات قضائية على أعلى مستوى لا يقلون شيئًا عن باقي القضاة، كما أن مستواهم التعليمي على أعلى الدرجات، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية العليا كان لها حكم شهير في القضية رقم 2 لسنة 26 قضائية، بتفسير نص الحكم الإدارى سنة 2004 برئاسة المستشار ممدوح مرعي، والذي نص على: "بعد الاطلاع على نص الفقرة الثانية من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لسنة 2000، قررت المحكمة أنه يقصد بعبارة "الهيئات القضائية" الواردة بنص الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون رقم 73 لسنة 1956 المشار إليه، كل هيئة يسبغ عليها الدستور أو القانون الصادر بإنشائها أو تنظيمها صفة "الهيئة القضائية" وتنضم بهذه الصفة إلى تشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية، ويصدق ذلك على هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية".