الصراعات العرقية المتواصلة في جنوب السودان كان لها أثر قوي ومباشر على العاملين في منظمة “أطباء بلا حدود”. فقد اجتاح المقاتلون اثنين من مستوصفات المنظمة في ولاية جونقلي، المضطربة واضطر أكثر من مئة وخمسين من العاملين بهما إلى الفرار إلى منطقة الأدغال. المنظمة لم تتمكن من الاتصال سوى بعشرين من موظفيها وليس لديها معلومات عن باقي العاملين ، حسبما قال أحد كباء موظفي المنظمة الإقليميين. انضم موظفو “أطباء بلا حدود” لعدة آلاف من المدنيين من بلدة بيبور معقل جماعة مورلي العرقية، التي فرت من هجوم شنه آلاف من قبائل لو نوير العرقية مدججين بالسلاح مطلع هذا الأسبوع . أحد أسباب الصراع هنا هو غارات السطو على قطعان الماشية. وقال جان مارك جاكوبس نائب مدير “أطباء بلا حدود في جنوب السودان: “آلاف المدنيين فروا إلى الأدغال وبحاجة لمساعدات طبية وإنسانية.. ينتابنا شعور بالقلق ممزوج بالإحباط لعجزنا عن تقديم المساعدة”. وأضاف: “مستوصفاتنا في المنطقة أضيرت ونهبت وباتت غير قابلة للاستخدام”. “لقد فر الناس إلى الأدغال، لكننا لا نعلم أين هم والموقف متوتر..لا نستطيع إرسال فريق للبحث عن المواطنين في ظل عدم توافر أي ضمانات بتأمين فريقنا”. وتقول المنظمة إنها قلقة من أن طول بقاء المدنيين في الأحراش يزيد من خطورة الأمراض والإصابات التي يتعرضون لها. وقال جاكوبس “إن منظمة أطباء بلا حدود هي الجهة الوحيدة التي توفر الخدمات الطبية في المنطقة.. والآن بعد توقف مستوصفاتنا عن العمل، لا تتوافر أي خدمة صحية من أي نوع للحالات العادية أو حتى لمن يصابون خلال الاشتباكات”. ويوضح جاكوبس “عندما تحاول أن تتخيل حياة أشخاص في الأحراش الآن..(عليك أن تدرك) إنهم يعيشون على الكفاف ..فمثلا هم ينامون دون ناموسيات التي تعد ضرورية للغاية لمنع انتشار مرض الملاريا الذي ينقل عادة عن طريق لدغات البعوض . وأوضح أن “أطباء بلا حدود” توفر الرعاية أيضا لمرضى السل، وهو وباء معد آخر، كما تعكف على تنظيم مشروعات للسيدات الحوامل، لأن معدل الوفيات أثناء فترة الحمل والولادة مرتفع للغاية في جنوب السودان، إلا أن هذه البرامج توقفت هي الأخرى. ويقول جاكوبس الذي يعمل مع المنظمة منذ أكثر من ست سنوات، في مجال توفير المساعدات الإنسانية في العديد من البلدان: “ينتابنا القلق حيال كل مريض..إذ ينبغي أن نتمكن من توفير العلاج له”. وقال إنه يصعب معرفة إلى متى سيستمر الوضع الراهن، معربا عن قلقه على أولئك المحتاجين للمساعدة. وتابع “كلما طالت المدة .. كلما زاد الموقف خطورة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في الادغال..نريد العودة للمنطقة في أقرب وقت ممكن”. “نأمل أن يكون الخبر القادم.. هو أننا نستطيع العودة”.