الأهالي: القرية حارة سد وتحاصرها الأمراض والأزمات المحافظ: خاطبنا "النقل" لإنشاء كوبري يربط قرى شرق وسمالوط.. والوزارة وافقت تصوير محمد حكيم: أحالت المشكلات والأزمات قرية «بني خالد»بمركز سمالوط بالمنيا إلى سجن كبير بعد أن حاصرتها الأمراض، إلى جانب الفقر الضارب بجذوره في كل بيت، وتتفاقم مشكلات القرية، وسط تجاهل المسؤولين، رغم صيحات الأهالي من حين لآخر. «البديل» عاشت يومًا كاملًا داخل القرية، التقت أهليها، ورصدت صور المعاناة التي يعيشونها يوميًّا. يعد الوصول إلى القرية والخروج منها الأمر الأكثر صعوبة على الأهالي والوافدين؛ لعدم وجود سيارات مخصصة، ف«التوك توك» و«المعديات النيلية»، الوسيلتان الوحيدتان، حيث يلزم استقلال "توك توك" للوصول إلى المعدية النيلية التي تقل الأهالي إلى داخل القرية، وهو أمر مكلف ماديًّا إضافة لمخاطر الوسيلتين، وما سببته المعديات بالأخص في غرق العشرات خلال الأشهر القليلة الماضية. يقول مصطفى متولي، أحد شباب القرية: أجرة «التوك توك» 5 جنيهات، وجنيه واحد للمعدية النيلية، وهي تكاليف باهظة لا يتحملها المواطنون، مضيفًا أن المعديات النيلية تسببت في أكثر من حادثة غرق لقي العشرات مصرعهم على إثرها، ولا تزال تلك المعديات تعمل في انتظار مزيد من الكوارث بحق البسطاء. وكان قد لقي نحو 37 شخصًا مصرعهم غرقًا عقب استقلالهم معدية «أولاد علي» لتشييع جنازة متوفاة، في 10 أكتوبر الماضي، بعدها سقطت سيارة من أعلى المعدية ذاتها يوم 27 يناير الماضي، مما تسبب في غرق مواطن يدعى "وائل سيد كامل"، وإصابة آخر. وتبين أن «البوابات الخلفية المتحركة» السبب الرئيس في تكرار حوادث المعديات، حيث لا يهتم رواد تلك المعديات بإغلاقها، وهي من أهم عوامل الأمن والسلامة، وتبين أن من بين محاضر المخالفات 42 محضرًا خاصًّا بعدم توافر أدوات الأمن والسلامة، بجانب غياب الرقابة على المعديات، وعدم وجود طاقم البحارة بكامل قواه البشرية، وعدم التزام الطاقم والمستقلين بالقوانين المنظمة للسير الملاحي. ورصدت عدسة «البديل» ضيق شوارع القرية وحواريها، فمعظمها لا تزيد مساحتها على متر ونص المتر، مما يصعب وصول سيارات الإسعاف والإطفاء حال حدوث طارئ، ما يضطر الأهالي لنقل المرضى بواسطة «التوك توك»، و«التروسيكل»، والدراجات البخارية، في مشاهد غير آدمية، كما أنه في أوقات المساء لا تتوافر وسائل المواصلات للتنقل إلى المدينة. ومن داخل منزل أحد المواطنين بالقرية رصدت الجريدة احتراق منزله، جراء تسرب غاز ناجم عن أنبوبة بوتاجاز، تسببت في حرق الأثاث المنزلي ومحتويات الأسرة وممتلكاتها بالكامل، وقال الأهالي: الحادثة كادت تطيح بعدة منازل وتصيب أعدادًا كبيرة بالحرق والموت، لولا تدخلهم سريعًا لإخماد النيران، ولأن سيارات الإطفاء لم تتمكن من الوصول للمنزل. خلف منازل القرية، يوجد طريق غير ممهد مطل على شاطئ نهر النيل، يلزم للوصول إليه المرور بأكثر من 12 حارة ضيقة، اقترح الأهالي تمهيد الطريق ورصفه، ومنع الحواجز والأسوار المنزلية التي تقطعه، كي يتمكنوا من السير بسهولة إلي المعديات، وكي يسهل على السيارات الوصول للمنازل، خاصة أن الأمر لا يكلف كثيرًا من الوقت والجهد والمال، غير أنه سيوفر عليهم مشقة الانتقال، وتفادي أي طارئ، فضلًا عن تسيير مهمة نقل المرضى وكبار السن. واتهم الأهالي أصحاب المصالح الشخصية، بالوقوف أمام تمهيد الطريق ومنع المسؤولين من اعتماده، وخصوا باتهامهم عمدة القرية، لإقامته سورًا يقطع الطريق من منتصفه، خاصة مع علمه بمطلب الأهالي وشكواهم التي سبق وأن تقدموا بها للمحافظة والوحدة المحلية لتمهيد الطريق. «نفسنا نتنفس هوا».. قالها عدد من الأهالي تعليقًا على طبيعة عملهم بمحاجر الحجر الجيري، ونظرًا لتواجد مصنع الأسمنت الأبيض وما يصدر عنه من انبعاثات في صورة أدخنة بيضاء وأوبئة متطايرة، أصابت الجميع بأمراض الصدر والرئة والجرب، كما أصابت الزروع والنخيل، وتضرر منها كل مولود رضيع. ويقول ربيع حسنين: حلم الهجرة عن القرية يراود أبناءها كافة، ممن ساعدتهم إمكاناتهم المادية بعد رحلة عمل طويلة، وذكر عددًا من الأهالي اشتروا منازل خارج القرية وهجروها بعد عودتهم من ليبيا ودول الخليج. وعن طبيعة القرية يقول الأهالي: الفقر ضارب بجذوره في كل بيت لانتشار البطالة بصورة فجة، وما أوجدته من تسرب عدد كبير من التعليم، وبالتالي فإن الجبل المصدر الوحيد للدخل، ومن يواصل أسبوعًا من العمل داخل الجبل لا يقوى على العمل للأسبوع التالي، وقال هاشم سيد: بعد سن الأربعين لا يقوى أي شخص على تحمل مشقة العمل بالجبل، وضرب مثلًا بنفسه، حيث إنه يعمل حاليًا بائعًا بسوق الخضار؛ هربًا من نار الجبل بحد وصفه. وتسبب غياب خدمات الصرف الصحي في نزوح سيدات القرية إلى شواطئ النيل لتنظيف أغراضهم من أوان وملابس، مما يهدد أطفالهم الصغار بالغرق، وقالت سمية عبد الراضي: "دخلولنا الصرف واحنا مش هنرمي في النيل.. لكن دلوقت هنروح فين ونيجي منين". واشتكي عدد من الأهالي قدم منازلهم، مما يهدد بسقوطها فوق رؤوسهم، في حين عدم امتلاكهم نفقات هدمها وإعادة بنايتها، وكذا عدم قدرتهم شراء قطع أرض أو منازل أخرى لضيق أحوالهم المعيشية، وطالبوا المحافظة بتوفير وحدات سكنية بديلة، ومقايضتهم بتلك المنازل. وقال اللواء صلاح الدين زيادة، محافظ المنيا: المحافظة خاطبت وزارة النقل لإنشاء كوبري علوي يربط قرى شرق ومدينة سمالوط، والوزارة وافقت على إدراج كوبري علوي على النيل، ضمن مقترح الخطة الاستثمارية 2017 2022 لهيئة الطرق، بتكلفة تقديرية تصل إلى 750 مليون جنيه. وكانت الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري تفقدت موقع الكوبري المقترح، الواقع على بعد حوالي 20 كم شمال كوبري المنيا وعلى بعد حوالي 30 كم جنوب كوبري بني مزار، وأعلنت الوزارة وقتها أنه على الرغم من كون ذلك لا يتفق مع خطة الوزارة بأن تكون المسافات البينية بين الكباري على النيل في حدود 50 كم، إلَّا أن الهيئة أدرجت الكوبري مراعاة للصالح العام، عقب تكرار حوادث المعديات.