الفن الشعبي أو الفن الفلكلوري، يعرفه البسطاء على أنه الطريق لحفظ التراث، خلاله تتعرف على الحياة الفكرية، والروحية، والاجتماعية لأسلافنا الأقدمين، يطلعنا على الخلفية التاريخية لآدابنا الشعبية المعاصرة، وما تحوي من تضمينات أسطورية شائعة فيها، ترجع في صميمها إلى تلك الآداب الشعبية التاريخية. أما رجال علم الاجتماع فيعتبروه إنتاج تلقائي ارتجالي فردي، يقره المجموع ويستسيغه وتحفظه وتتوارثه الأجيال، حتى يصير جزء ثقافي في العقل الجمعي، بل يصل الأمر بأن يحفظ كموروث بيولوجي من أصل ثقافي. تتعدد صور الفن الشعبي بين مسموع ومرئي، ويظهر جليًا في أهازيج وهدهدة ومناغاة الأم لرضيعها، وحكاوي الأجداد للأحفاد، وأساطير الأمم، وأغاني الأفراح، ويدخل في ذلك الغناء والإنشاد الديني، وأناشيد التحميس التدريبي الرياضي والعسكري والملاحم والقصص، وجميع ما يسمع من غناء تراثي، لا يدعيه مؤلف أو ملحن، يشجي أذن الجميع، ويحرك المشاعر مسموعًا، ومنه ما يقر العين مرئيًا من تراث معماري شعبي، وزي شعبي، أو تلك الأعمال التي رسمتها ريشة الفنان أحمد عبدالوهاب الدندراوي، في أحدث معارضه «بدايات شعبية». يفتتح قطاع الفنون التشكيلية، معرضًا بعنوان "بدايات شعبية"، للفنان أحمد عبدالوهاب الدندراوي، في السادسة مساء اليوم، بمركز كرمة بن هانئ الثقافي، بمتحف أمير الشعراء أحمد شوقي، ويستمر حتى 20 مايو الجاري. يضم المعرض مجموعة متميزة من لوحات الفنان التي عبر من خلالها عن تجربته الفنية، التي اجتهد فيها لإبراز التراث الشعبي المصري الأصيل، المنتمي بنقاء لبيئته المحلية والذاكرة الجمعية الشعبية، طارحًا عدد من الموضوعات الاجتماعية والإنسانية التي تُخاطب وجدان المُتلقي وتداعب ذاكرته البصرية، بارزًا في الوقت نفسه جانبًا من هموم واهتمامات الإنسان المصري البسيط في علاقاته بذاته وبمحيطه. تتميز أعمال "الدندراوي" بثراء السطح من حيث المواضيع التي تطرحها وبِلُغة فنية سلسة بعيدة عن التأويلات، لغة مستنبطة من موروث الوجدان المصري من الفن الفطري فجاءت أعماله في إيقاعات لونية وتشكيلية تتناغم في جمالياتها مع ما تطرحه من موضوعات هي من صميم البيئة والطبيعة المصرية الشعبية البسيطة التي أثرت الفنان وظهر مشغوفًا بها.