تحتفل غالبية دول العالم بعيد العمال في مطلع شهر مايو من كل عام؛ كونهم أحد الركائز الأساسية في معادلة التنمية، لكن تظل المطالبة بحقوقهم عرض مستمر، فعلى الرغم من تباين مشاكل الدول ووضعها الاقتصادي، إلا أن حقوق العمال مازلت تتصدر المشهد. بدأت فكرة "يوم العمال" في أستراليا عام 1856، ومع انتشارها في جميع أنحاء العالم، تم اختيار الأول من مايو ليصبح ذكرى للاحتفال بحلول الدولية الثانية للأشخاص المشتركين في قضية هايماركت 1886، والتى وقعت نتيجة للإضراب العام في شيكاغو وإلينوى بالولايات المتحدة التي شارك فيها عموم العمال والحرفيين والتجار والمهاجرين في أعقاب الحادث الذي فتحت فيه الشرطة النار على أربعة من المضربين فتم قتلهم في شركة ماكورميك للحصاد الزراعى، وتجمع حشد كبير من الناس في اليوم التالى في ساحة هايماركت، وظل الحدث سلمياً إلى أن تدخلت الشرطة لفض الاحتشاد. وفي مصر يختلف شكل الاحتفال.. تولى حكم مصر 7 رؤساء منذ عام 1953 وحتي الآن، ولكل رئيس طريقة مختلفة في الاحتفال، وتدل بشكل أو بآخر علي أهمية الملف العمال في سياساته. محمد نجيب.. الظروف السياسية حالت دون الاحتفال بعيد العمال تولي اللواء محمد نجيب رئاسة مصر عقب ثورة يوليو 1952، بجانب الضباط الأحرار، إلا أن الاحتفال بعيد العمال كان صعبا في ظل الأحداث السياسية فى ذلك الوقت، خاصة أنها كانت في بداية الثورة، وفي ظل إلغاء دستور1923 والعمل بإعلان دستوري مؤقت. عبد الناصر.. سجل طويل من الانحياز للطبقة الفقيرة والعاملة جمال عبد الناصر "صديق العامل" له سجل طويل في الانحياز للطبقة الفقيرة والعاملة، فكان أول رئيس يذهب للعمال في مصانعهم، القائمة طولية من المصانع التي نشأت في عهده. بدأ الاحتفال بالعيد عام 1964فى ميدان الجمهورية، وتكرر المكان فى العام الذى تلاه، وفى 2 مايو لعام 1967، ألقى «عبدالناصر» كلمة الاحتفالية من منطقة شبرا العمالية. وفى أول احتفال بعد نكسة 1967، احتفل عبد الناصر بالعيد فى 1968 من مصنع كفرالدوار، ثم انتقل فى عام 1969 إلى مصنع الحديد والصلب بحلوان والذى مزج فى خطبته بالمناسبة بين الهم الخاص بالعمال والهم العام المرتبط بالوطن، حين طالبهم بالصمود لتحرير الأرض شبراً شبراً. السادات.. 11 خطبة للعمال علي خطى عبد الناصر بعد رحيل عبد الناصر، سار الرئيس الراحل محمد أنور السادات، على نهجه في الاحتفال بعيد العمال في المدن الصناعية كثيفة العمالة، مثل سفاجا وشبرا الخيمة وحلوان. خطب السادات 11 خطبة بشكل سنوى احتفالا بعيد العمال، حيث بدأ أولى خطبه بمدينة الحديد والصلب بحلوان تيمناً بسابقه عبد الناصر، ثم تنوعت أماكن الاحتفالات بعد ذلك بين سفاجا والعريش والإسكندرية والمحلة الكبرى، وفى عام 1979 بمدينة سفاجا، حتى وصل للعام 1981 واحتفل به بمدينة 15 مايو. واستخدم السادات الخطابات للرفع من روح المعنوية بالحديث عن بناء الجسور الجوية التي تم استخدامها في حرب 73 بعد أن دمرتها النكسة، كما عمل الرئيس السادات على الاحتفاء بالمدن العمالية فى خطاباته، ومثلما احتفل بإنشاء مدينة 15 مايو، قبل حادث اغتياله في عام 1981. مبارك.. شرد العمال بخصخصة الشركات "المنحة يا ريس".. جملة أصبحت أحد مظاهر احتفال الرئيس المخلوع حسني مبارك، والذي اتخد من قاعة المؤتمرات مقرا للاحتفال بعيد العمال الذي كان يجهز له الإجراءات الأمنية قبل الاحتفال بأيام، حتى أصبحت فيما بعد حاجزا بين رئيس الدولة والعامل. واستمر شكل الاحتفال مجرد شكل أو عادة يقوم بها الرئيس علي مدار 30 سنة، وشهدت أحوال العمال في عصر مبارك تدهورا كبيرا وإهمالا من جانب الدولة في حقوقهم بشكل غير مسبوق، وظهر ذلك جليًا في العقد الأخير من حكمه، وذلك بسبب انتهاج حكومات مبارك الخصخصة الذي شرد العديد من العمال، وأغلق العديد من المصانع، بالإضافة إلى زواج السلطة بالمال، مما أعطى الفرصة للكثير من الفاسدين السيطرة على الاقتصاد المصري وإهدار حقوق العمال، خصوصًا القطاع الخاص دون محاسبة. مرسي.. بين قصر القبة ومصنع حلون احتفل الرئيس المعزول محمد مرسي، في العام الذي قضاه رئيسا للجمهورية بعيد العمال فى قصر القبة، بعد يوم واحد من الاحتفال بالعيد داخل مصنع الحديد والصلب فى منطقة حلوان الصناعية يوم 30 إبريل 2013، وتضمن خطابه فى احتفالية قصر القبة زيادة منحة عيد العمال بنسبة 50%، قائلا: من يأخذ منكم منحة 100 جنيه فى هذه المناسبة سيأخذ 150 جنيها، ومن يأخذ 200 جنيه سيأخذ 300 جنيه. عدلي منصور.. التنصيب والاحتفال وخلال ولاية المستشار عدلى منصور كرئيس انتقالي للبلاد، انتقل مقر تنصيب الاحتفال إلى قصر الاتحادية، مساء يوم 29 إبريل للعام 2014. السيسي.. بعيدا عن العمال جاء الشكل الذي احتفل بها المشير السيسي بعيد العمال في أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس صادما للأغلبية، حيث إنها المرة الأولي للسيسي الذي يحتفل بها بالعمال، جاءت بعيدا عنهم وعن مصانعهم. وانتقد عدد كبير من القيادات العمالية الطريقة التي تمت بها إحياء الاحتفالية، حيث تصدر عدد من الوجوه القديمة التي أصبحت لا تمثل العامل في ظل الصدام بين العمال والأشخاص التي كانت تمثلهم.