في واقعة تبدو الأغرب في مجتمعنا الحديث، شنت الدكتور بثينة عبدالله كشك، مدير مديرية التربية والتعليم بالجيزة، حملة لحرق كتب التراث الإسلامي المتواجدة بإحدى مدارس المحافظة "فضل الحديثة"، بدعوى أنها تحرض على العنف والتطرف، برغم احتواء المحروقة على كتاب الشيخ علي عبد الرازق «الإسلام وأصول الحكم» الصادر عام 1925، الذي أحدث ضجة حين صدوره؛ لأنه رفض فكرة الخلافة الإسلامية ودعى إلى مدنية الدولة، إضافة إلى كتاب «جمال الدين الأفغاني» لعثمان أمين، أحد العقول الليبرالية، وثالث لعلاج المخدرات أصدره المجلس القومي لمكافحة الإدمان. مكتبة الإسكندرية وكتب ابن رشد.. أشهر المحارق تعد محرقة مكتبة الإسكندرية من أشهر محارق الكُتب التى شهدتها المُدنُ الإسلامية والعربية، وغيرها مثل محرقة مكتبات "الموصل وديالى" فى العراق، كما يعد «فضائل الأنصار وأهل المدينة» أشهر كتاب تم حرقه فى التاريخ الإسلامى؛ لما وجده الحارق من عدم وجود فضل للأنصار في الفتوحات الإسلامية. علاوة على حرق كتب القاضي ابن رشد عام 1198، في ساحة أشبيلية، لخلاف سياسي مع الخليفة المنصور، الذى استغل فلسفة الأول واتهامه بالخروج عن صحيح الدين، وحُرقت مؤلفاته، وتم ترحيله شخصيًا إلى خارج البلاد. كما تجمع 70 ألف ألمانيّ في أحد ميادين، ليشهدوا محرقة كبرى لآلاف النسخ من الكتب، التي كان من بينها كُتب ألمان، لكنهم في وجهة نظر زعيم الطلاب النازيين «معاديين للروح الألمانية» ومن ثم يجب التصدي لهم، كما أعد الألمان قوائم سوداء للكتب غير الألمانية، وخرجت حوالي عشرين مدينة ألمانية في محارق مشابهة لمحرقة ميدان برلين تكرر نفس الحادثة. معلمو «فضل الحديثة»: رفضنا حرق الكتب.. ونقاضي «التعليم» قال يوسف الديب، ممثل المعلمين بمجلس الآباء والأمناء بمدارس فضل الحديثة، إن مجلس المدرسة رفض حرق الكتب وسجل اعتراضه، لكن من نفذ الأمر وكيل وزارة التربية والتعليم وأصر على ذلك، مضيفا أن المجلس رفع قضية على وكيل وزارة التربية والتعليم، إضافة إلى شكوى رسمية لوزارة التربية والتعليم. وأوضح "الديب" ل"البديل"، أن المدرسة لم يكن لها يد فيما حدث، ولا تريد إخفاء أي كتب أو حرقها، لكن ما حدث كان بأمر وزارة التربية والتعليم. والد أحد التلاميذ: بصدد تجميع توكيلات لمقاضاة وكيل «التعليم» من جانبه، طالب عادل النادي، مدير عام تفتيش سابق بالأزهر الشريف ووالد أحد تلامذة المدرسة، مجلس الآباء بتجميع توكيلات لمكتب محاماة من أجل مقاضاة وكيل وزارة التربية والتعليم لاتهامها علنا للمدرسة بالإرهابية، بعدما تخرج منها الطبيب والمهندس والمعلم. كما طالب بمقاضاة مدير المدرسة المعين من قبل الوزارة؛ بتهمة ترويع الأبناء من خلال إشعال حريق داخل المدرسة وإشاعة الفوضى بين الطلاب وتشويه سمعة مدرستهم بأنها إرهابية. طبيب نفسى: واقعة حرق الكتب جريمة ترسخ العنف لدى التلاميذ على الجانب الآخر، قال جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إن ما حدث من قبل وزارة التربية والتعليم والمدرسة، جريمة وحرب نفسية في حق البلد والطالب، وإن حرق الكتب ليس الوسيلة المناسبة لتجديد الفكر وتنقيحه مما يشوبه. وأضاف "فرويز"، أن واقعة حرق الكتب ترسخ لدى نفسية الطالب أن العملية التعليمية لا تساوي شيئا، كما تؤثر على الروح المعنوية والهوية بينه وبين المعلم والمدرسة. واختتم بأن هناك حالة نفسية تدعى "الولع بالحرق"، تدفع الفرد إلى حرق أي شىء كلما شعر بالغضب والضيق، وهذا ما ينطبق على جميع الطلاب الذين شهدوا الواقعة، كما أنه يرسخ سلوك العنف داخل الذهن.