عزة عبد المنعم: الوزير حولنى إلى مسخة.. وأضحك عليَّ حرسه الخاص وأمن المتحف والموظفين.. وأطالب باعتذار رسمى لأنه أسس لسياسة عنصرية وانتهك خصوصيتى منى عزت: نتضامن مع الموظفة فى أى إجراء قانونى تتخذه.. وعزة نموذج صارخ لأشكال التمييز والعنف التى تواجهها النساء في سوق العمل "أنا بقى عندى مشكلة مع الموظفين التخان"! لن تسمع هذه الجملة سوى فى مصر، ولكن الكارثة أن تقال من وزير من المفترض أنه المسئول عن تنوير عقول هذه الأمة، وتكون نظرته للموظفين أو الأشخاص بهذا القدر من العنصرية والتمييز، فأولى سمات الشخص المثقف الإيمان بقبول الآخر أيًّا كان لونه أو عرقه أو عقيدته، ولكن من الواضح أن الدكتور عبد الواحد النبوى يحمل نفس الأفكار النمطية لهذا المجتمع، عندما واجه بهذه الكلمات عزة عبد المنعم أمينة متحف محمود سعيد بمحافظة الإسكندرية، ذلك الفنان التشكيلى الذي افتتن بالمرأة المصرية، وعبر عن جمالها الفاتن بخطوطه وألوانه الرائعة، وسافرت أعماله لكل دول العالم. "البديل" التقت عزة عبد المنعم، ورصدت معها المشكلة وتعرفت على مطالبها. تحكى عزة عبد المنعم – أمينة متحف محمود سعيد بمحافظة الإسكندرية – أنها كانت الزيارة الأولى لوزير الثقافة بعد توليه المنصب لمتحف محمود سعيد، الذى عملت فيه منذ عام 2007، بعد تخرجها في كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية وحصولها على المركز الأول على دفعة 2006. وأضافت أن "زيارة الوزير كانت يوم الأحد الماضي، وكانت مفاجئة؛ لتفقد أحول المتحف، وسألنى عن المكان ومواعيد العمل، ولو أن هناك طلبات للموظفين أو مشاكل خاصة بالمكان، وأجبت عن الأسئلة، ثم انتقل سيادته لاستكمال الجولة بالمتحف". واستكملت "عندما مر سيادته مرة ثانية، قررت أن أكلمه عن مشكلة مهمة جدًّا تتعلق بأن أى اقتراح أو مشكلة خاصة بالمكان أو بأحد الموظفين لا تحل إلا بأن يسافر الموظف نفسه بورقه مرة واثنتين وثلاثًا للقاهرة؛ بسبب المركزية التى يقوم عليها النظام. وبدأت أحكى له عن أحد النماذج لهذه المشكلة، وهى أننى حصلت على الماجيستير وأرسلت شهادتى وأوراقى بتاريخ 21-9-2014 لإدارة المتاحف الفنية، وتم استلامها، وبعدها تعرضت لتحقيق؛ لأننى لم أرسل الورق، لأنه ببساطة شديدة ورقى ضاع بعد ما استلمته الموظفة"! وأضافت عبد المنعم أنها أوضحت للوزير أنها أرسلت ورقها مرة ثانية لرئيس القطاع القانونى وقتها، وتم حفظ الموضوع والاكتفاء بلفت نظر، وأنها استسلمت للأمر الواقع، ثم أرسلته مرة ثالثة بعد استخراج أصل جديد للشهادة من الجامعة، وأرسلته بالفاكس، ثم يدًا بيد لشئون العاملين، وتكلمت تلفونيًّا مع الموظفة المختصة فى شئون العاملين أكتر من 10 مرات للمتابعة، وآخر كلامها أن رئيس القطاع لم يعقد اجتماعًا منذ شهر ونصف، وبالتالى لم يرَ ورقى، وهو حاليًّا استقال، وعليه فإني أنتظر رئيس القطاع الجديد! واستطردت قائلة للوزير "إن المبلغ الذى أطالب به وسيزيد لمرتبى شهريًّا هو بعد خصم الضرائب والتأمينات 86 جنيهًا، وأعتقد أن هناك مبلغًا آخر يسمى منحة يقدر ب 4 جنيهات! بالإضافة لتعديل درجتى الوظيفية إلى الدرجة الثانية؛ لأن الماجيستير يضيف سنة للأقدمية". وأكدت أمينة متحف محمود سعيد أن ذلك هو الحوار الذى دار بينها وبين الوزير، وكانت في انتظار سماع رد لمشكلتها، ولكنها فوجئت برد الوزير، وهو قوله "أنا بقى عندى مشكلة بخصوص الموظفين التخان"! مشيرة إلى أن الوزير التفت إلى مديرة المركز قائلاً "خليها تطلع وتنزل السلم كل يوم عشرين مرة عشان تخس، وبعدين أنا دخلت كان المكتب مقفول، لا تكون كانت بتاكل جوا ولا حاجة". فما كان من مديرة المركز إلا أن ترد مستجيبة لوزير الثقافة قائلة "اوعى تكونى جايبة بطاطس محمرة جوا". وأوضحت عزة أن كل ذلك الحوار كان يقال مع ضحك الوزير وضحك مديرة المركز، مصحوبًا بضحك الموظفين والأمن وحتى الأمن الخاص بالوزير، مشيرة إلى أنها صبحت في لحظة أداة تسلية لكل الموجودين. وأضافت عزة أنها ردت على الوزير قائلة "هو الشكل من شروط وظيفتى هنا؟ ما حدش قال لى يا أفندم. أنا بقالى هنا أكتر من سبع سنين وأنا من أوائل الخريجين وسيادتك دخلت مكتبى وما لقتش أكل، واتفضل فتشه بنفسك. وعلى كل الأحوال أنا عندى مشكلة عن الناس اللى بتتعب ومش بتاخد حقها". فرد الوزير قائلاً "آه.. عشان التمانين جنيه يعنى؟"، والتفت لموظف بجواره، وقال له "خد اسمها"، وأثناء مغادرته لم ينسَ أن ينادى عليَّ مرة ثانية من مسافة أربعة أمتار أو أكتر، ويقول لى "عزة.. يلا بقى، لفى فى الجنينة عشان تخسى زى ما اتفقنا". وتابعت "إلا أننى رديت عليه وقلت بصوت عالى "لا أنا مبسوطة بنفسى كده، ومش هاخس. يا ريت سيادتك كمان تكون مبسوط". وعقبت "تكرر نفس الضحك مرة ثانية من الموظفين الموجودين والأمن وكأنى أراجوز أو مسخة"! واختتمت عزة عبد المنعم كلامها قائلة "مطالبى لها شقان الأول هو الحصول على اعتذار رسمى من وزير الثقافة على ما صدر منه من كلمات غير لائقة، والتى تمثل كلامًا غير مهنى على الإطلاق يؤسس للسياسات العنصرية داخل المؤسسات الحكومية، وهو انتهاك لمساحتى الشخصية وحقى فى الخصوصية، ولن أستطيع تقبل هذا الموقف على أنه عادى ضمن سلسلة الإهانات والانتهاكات التى أصبحت تواجه كل إنسان وخاصة المرأة المصرية؛ لأن الإهانة هذه المرة ليست معاكسة فى شارع، ولكن صدرت من رجل يمثل الأمل فى رعاية الثقافة والفنون فى بلدى، وتبقى كارثة أن تفكيره وحكمه على الناس يكون بأشكالهم وليس بكفاءتهم وإمكانياتهم، ويكون منهجه فى التعامل مع مرءوسيه السخرية والإهانة". وتابعت "أما المطلب الثانى فهو بحث مشكلة المركزية التى لا تخصنى بمفردى، بل يعانى منها جميع الموظفين بالإسكندرية، والروتين الذى يسيطر على تنفيذ أى إجراءات تخص العمل وربطها بضرورة السفر إلى القاهرة، وصرف مستحقاتى المادية والأدبية فيما يتعلق بحصولى على درجة الماجيستير، ولو أن الوزير يرى أن مبلغ المنحة أو العلاوة وهو 80 جنيهًا تافه وليست له قيمة، فهو يمثل قيمة لى، فقد أنفقت على رسالة الماجيستر 15 ألف جنيه، وعليَّ أن أطالب الحكومة بزيادة راتبي". ومن جانبها أعلنت منى عزت – مدير برنامج المرأة والعمل بمؤسسة المرأة الجديدة – أن المؤسسة تعلن تضامنها الكامل مع الزميلة عزة عبد المنعم فى الحصول على حقها واتخاذها للإجراءات التى تراها مناسبة لرد اعتبارها، معربة عن أنه من المدهش ألا يهتم وزير الثقافة بالمشكلة الأساسية التى تواجهها الموظفة، من صعوبة حصولها على الترقى أو حافز الامتياز بعد أن حصلت على درجة الماجيستير، واكتفى فقط بالتعليق برأيه فى الموظفين ورفضه للتخان، فى الوقت الذي لا يمكن للوزير القيام فيه بمثل هذه التصرفات او التفوه بهذه التعليقات لو أن الموظف رجل. مضيفة أن الوزير تعامل مع الموظفة بنفس نظرة المجتمع التقليدية للمرأة وأنها كائن ضعيف ليس لها قدرة على المقاومة أو أخذ حقوقها، وأنها عادة سوف تصمت وتخاف على وظيفتها. وأوضحت عزت أن عزة عبد المنعم من حقها رفع قضية للحصول على حقها بشأن الترقى بعد حصولها على الماجيستير، خاصة فى ظل قانون الخدمة المدنية الجديد الذى لم يأتِ منصفًا على الإطلاق، بل ألغى الحقوق السابقة التى كان يحصل عليها حاملو الدرجات العلمية من ماجيستير ودكتوراه، فبعد أن كانوا يحصلون فى القانون القديم رقم 47 لسنة 1978 على حافز وزيادة فى المرتب، تم إلغاء هذا الحافز مع قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015. وأضافت أن إحدى المشكلات التى تواجه المرأة العاملة من قانون الخدمة المدنية الجديد أن ذلك القانون ربط عملية الترقى عبر لجنة تنظر لتقارير الموظف ومدى كفاءته وحضوره للتدريبات، مشددة على أن هذه الشروط فى ظل بيئة عمل لا تحمى النساء ولا تتبع سياسات تشغيل قائمة على إدماج النوع الاجتماعى، سوف تقلل من الفرص المتاحة للنساء فى الترقى. وأشارت مديرة برنامج المرأة والعمل إلى أن الإحصائيات الرسمية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء 2012 تكشف مدى التمييز الذى تلقاه النساء فى سوق العمل واتساع الفجوة النوعية فى الأجور لصالح الرجال بنسبة 14% ، كما تبين من الإحصائيات أن نسبة الرجال فى المناصب القيادية 68% والنساء 31%، وكلما ارتفعت الدرجات العليا، قل عدد النساء. وأكدت عزت أن عزة عبد المنعم أمينة متحف محمود سعيد نموذج صارخ لأحد أشكال التمييز الذى يواجه النساء فى سوق العمل وسيطرة النظرة الثقافية الذكورية على بيئة العمل، والتى جاءت من أعلى سلطة فى الوزارة، وهو وزير الثقافة شخصيًّا، فضلاً عن استجابة كل الموظفين المحيطين حول الوزير بمن فيهم المديرة السيدة لكلماته غير اللائقة، وتحول الأمر إلى مشهد ساخر من الزميلة. واختتمت عزت كلامها بأن مؤسسة المرأة الجديدة بصدد إعداد ورقة نقدية لقانون الخدمة المدنية من منظور النوع الاجتماعى والإشكاليات التى تواجه النساء من تطبيق هذا القانون، وإعلان الحكومة باللائحة التنفيذية للقانون.