لا شك في أن تراكم وتفاقم المشكلات في قطاع غزة وما يخرج به المسئولين الإسرائيليين كل يوم من تصريحات تتوعد بعدم إقامة دولة فلسطينية ولا تقسيم للقدس ولا عودة للاجئين، كلها تعزز حالة الانقسام الفلسطينية وتؤدي لاستمرار المناكفات والتحريض والتحريض المضاد وعدم تحقيق المصالحة، فأصبح العدو الصهيوني كالعادة منهمك في استغلال هذه الانقسامات والمشاكل لتنفيذ خطته والاجهاز على القدس، لكن زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني "رامي الحمد الله" لقطاع غزة أعطت بعض الأمل للفلسطينيين في أن تجلب لهم حلولاً لأزماتهم المستمرة منذ أعوام. وصل رئيس الوزراء الفلسطيني "رامي الحمد لله"، الأربعاء الماضي إلى قطاع غزة في زيارة تستمر 3 أيام في إطار محادثات المصالحة الوطنية وجهود إعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية، وجاء "الحمد الله" على رأس وفد حكومي قادما من الضفة الغربية عبر معبر بيت حانون "ايرز"، وتأتي زيارته تعزيزًا لجهود الحكومة الفلسطينية في دفع عجلة إعادة الإعمار والعمل من أجل فتح المعابر. هذه هي المرة الثانية التي يزور فيها "الحمد الله" قطاع غزة بعد إعلان الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" عن تشكيل حكومة التوافق الوطني، في يونيو العام الماضي، حيث زار "الحمد الله" قطاع غزة في أكتوبر الماضي قبيل انعقاد مؤتمر المانحين في القاهرة، لكن زيارته لم تحقق شيئاً على الأرض، وبقي الانقسام الفلسطيني الداخلي قائماً، ومن المفترض أن تلعب الحكومة دوراً رئيسياً في إعادة إعمار قطاع غزة المدمر بعد الحرب الاسرائيلية الدامية التي استمرت حوالي خمسين يوماً، وخلفت آلاف الشهداء والجرحى من المدنيين. كما تأتي زيارة "الحمدالله" لغزة بعد أن توترت العلاقة بين حركتي حماس وفتح في نوفمبر الماضي، حيث كان من المقرر أن تكون هذه الزيارة في 8 نوفمبر الماضي، إلا أن حادث تفجير عبوات ناسفة أمام أكثر من عشرة منازل ومكاتب لقيادات من حركة "فتح" في القطاع، جعل حركة "فتح" تتهم "حماس" بالتخطيط لهذه التفجيرات، مما أدى إلى تعقيد العلاقات. أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية أن الزيارة تأتي ل"طي صفحة الانقسام الفلسطيني"، هذه الجملة التي يرددها المسئولين من الطرفين فيضع الشعب أمل عليها في أن تحل مشاكله إلا أن الخلافات بين الطرفين تعود من جديد لتعصف بكل الأمال في الوحدة الوطنية. الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء الفلسطيني أعدها الكثير من المسئولين ناجحة وحققت أهدافها، حيث أخذت خطواتها الأولى في التخفيف من معاناة الفلسطينيين في القطاع. بحثت الفصائل مع رئيس الحكومة عدداً من المشاكل والقضايا التي تهم المواطنين، وتم الاتفاق على وضع حلول لبعضها، لاسيما إلغاء ضريبة "البلو" على السولار الصناعي الخاص بمحطة توليد الكهرباء، وناقش الاجتماع ملفات الموظفين والمعابر والكهرباء واعادة اعمار قطاع غزة والمصالحة الوطنية. وفي أول خطوة عملية لحل إحدى أزمات غزة، وافق "الحمد الله" على إعفاء وقود محطة توليد الكهرباء من الضريبة، في سبيل عودة عمل محطة التوليد من جديد، لتقليص عدد ساعات قطع التيار عن السكان، وسيعرض "الحمد الله" موافقته على اجتماع حكومته الثلاثاء القادم برام الله لإقراره بشكل رسمي. كما أعلن المسئولين أنه تم التوصل إلى "اتفاق مبدئي" بين رئيس حكومة التوافق الفلسطينية وحركة "حماس" على تولي الحكومة مسئولية الإشراف على معابر قطاع غزة، وتشير المعلومات إلى أن الطرفين توصلا إلى رؤية خاصة تمكن حكومة التوافق من تسلم المعابر، واتفقا على أن تتم مناقشة الأفكار التي طرحت وحظيت بترحيب من الطرفين في أوقات لاحقة، وستكون في البداية أساس عمل اللجنة الفنية. وفي شأن إعادة الإعمار، كشف وزير العمل الفلسطيني عن توقيع حكومته "اتفاقات حول الإعمار مع دولة الكويت ب200 مليون دولار، والسعودية ب500 مليون دولار، وقطر بمليار و470 مليون دولار"، منوهاً إلى أن السعودية "ستحول الدفعة الأولى البالغة 82 مليون دولار في منتصف أبريل 2015″، وأفاد بأنه سيتم "الشروع في إعمار البيوت المدمرة، وإعادة تشغيل المنشآت المختلفة التي توقفت عن العمل بسبب العدوان الإسرائيلي من خلال الاتفاقات سابقة الذكر، والتي ستجلب المزيد من فرص العمل لأهل غزة"، متوقعاً أن تظهر نتائج ما تم الاتفاق عليه خلال اجتماعَي الحكومة مع حركتي حماس وفتح خلال شهرين من الآن. أما في ما يتعلق بمشكلة رواتب موظفي غزة الحكوميين، فقد تم توقيع اتفاقاً جديداً سيحل مشكلة الموظفين، وهو عبارة عن خليط من مشروع حكومة التوافق، واتفاق المصالحة، والورقة السويسرية، واتفاق القاهرة، حيث يعاني 40 ألف موظف في غزة من عدم تلقيهم رواتبهم منذ تولي حكومة التوافق مهامها، والتي شُكلت بناءً على اتفاق المصالحة الموقع بين حركتي فتح وحماس في 23 أبريل 2014. على الرغم من تصريحات المسئولين بأن الاجتماعات كانت ذات طابع إيجابي وهناك تفاؤل بأنها ستحقق نتائج جيدة، إلا أنه لم تخلو من بعض الاشتراطات بين الطرفين والشد والجذب، وهو ما ينذر بعدم تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، حيث قالت حركة حماس إن تصريحات "الحمد الله" "لم تقدم جديداً لحل مشاكل القطاع وفيها تكريس لسياسة التمييز بين الموظفين"، وبما أن "الحمد الله" كان قد اشترط تسلم المعابر قبل حل مشاكل سكان القطاع، فقد عبر الناطق باسم حماس "سامي أبو زهري" عن رفض حركته لما أسماها "لغة الاشتراطات المسبقة".