كلماتها تشبهنا، في سطورها نرى تجاربنا، نستعيد ذكرياتنا، نهرب بها إلى عوالم نعجز عن الرحيل إليها، أنها الرواية لاسيما العربية، عن غيرها من ألون الأدب الأخرى، بها نقتلع أنفسنا ونتحرر من قيودنا، وعلى إثر هذا خصصت القاهرة ملتقى يحمل اسمها، انطلق لأول مرة عام 1998 إلا أنه توقف في 2010، وها اليوم يعود من جديد بعد 5 سنوات من الجمود تحت عنوان «تحولات وجماليات الشكل الروائي»، إذ انطلقت أولى فعالياته صباح اليوم- الأحد، من خشبة المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية. يشارك بالملتقى لفيف من النقاد والروائيين من معظم البلدان العربية والغربية، منها: تونس، المغرب، الجزائر، أريتريا، السودان، السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين، سلطنة عمان، الأردن، العراق، سوريا، لبنان، ليبيا، اليمن، الولاياتالمتحدة، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، بالإضافة إلى عدد كبير ممن الروائيين والنقاد المصريين. شهد حفل الافتتاح كلمات لعدد من النقاد والروائيين، إذ قال الناقد الدكتور صلاح فضل: بهذا الملتقى تستأنف القاهرة دورها التأسيسي، مشيرًا إلى أن التوافق الزمني بين إقامة المؤتمر الاقتصادي المنعقد حاليًا بمدينة شرم الشيخ، وانطلاق ملتقى الرواية العربية اليوم بالقاهرة، يعد توازن مدهش بين المادة والروح داخل الجسد المصري. محاولات لم الشمل العربي التي يشهدها ملتقى الرواية العربية، استعادة من ذاكرة «فضل» مرحلتان عصيبتان اختل فيهما نبض الحياة في قلب مصر؛ الأولى النكسة السوداء عام 67، مخلفة وراءها جرحًا غائرًا في الثقافة المصرية، لدرجة أن جوائز الدولة لم توزع في عامها، وحتى الآن نوزع الجوائز بأثر رجعي فما زال الجرح في نفوسنا لم يندمل بعد، المرحلة الثانية ما حدث عقب ثورة 25 يناير وقفز الجماعات الإسلامية عليها، وأصابتنا بحالة انتكاس روحي، لكننا استطاعنا التخلص من هذا الكابوس واستعادنا ثورتنا من جديد. ينتقل مؤلف «الإبداع شراكة حضارية»، من العوائق السياسية التي عرقلة الثقافة، إلى حالة الإبداع العربي لاسيما عالم الرواية، قائلًا: من يقول أن موجات التنوير والثقافة قد انتكست فهو لا يعرف عن الواقع شيئًا، فالنهضة الثقافية العربية مرت بثلاث مراحل بدأت مع المبشرين أمثال رفاعة الطهطاوي، ثم المفكرين في النصف الأول من القرن العشرين، إذ تم التأسيس للاعتماد على العقل النقدي وإيقاظه من سباته، كما ظهر الاهتمام بالعلوم الإنسانية والتطبيقية لنتحول من عصر الخرافة إلى عصر العلم، مع إعلاء قيم الحرية إبتداءٍ من احترام حرية العقيدة وصولًا لتقدير حرية التعبير والإبداع، إلى أن ظهر جيل المبدعين وهم المثقفون المتواجدون حاليًا على الساحة العربية. أهدى القائمون على ملتقى الرواية العربية نسختة السادسة، لاسم الكاتب الراحل فتحي غانم، وتقديرًا لدوره الأدبي الذي أثرى به الحياة الثقافية، خصص القائمون فقرة خاصة لزوجته الدكتورة زبيدة عطا للحديث عن مشوار الراحل الأدبي، فقالت «الأديب يظل حيًا لا يموت، مادام كتبه وأعماله مقروءه ومتداولة، زوجي فنان وأديب عشق الأدب وعمل بالصحافة وتقلد بها العديد من المناصب، لكنه اعتبر الأدب حبه الحقيقي، كانت رواياته دومًا عن الإنسان المصري وتحولاته السياسية والاجتماعية عبر الفترات الزمنية المختلفة، فهو لم يسعى لسلطة يومًا ما بل على العكس إذ كلفته مقالاته الاستبعاد عن مجلة روزاليوسف لفترات، كما أنه كان حريصًا حتى آخر لحظة في عمره ألا ييدو أمام الناس ضعيفًا، فتحي غانم سيظل في قلبي وفكر قراءه». النسخة السادسة من ملتقى الرواية العربية، هي الأولى منذ 5 سنوات، شيئًا بعث الأمل والسعادة في نفوس الأدباء والنقاد العرب، فقال الدكتور محمد عفيفي- الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة: سعيد بعودة الملتقى بعد 5 سنوات من الغياب هو ما يعد عودة لمصر نفسها، هنا نستعيد عنوان رواية توفيق الحكيم «عودة الروح»، ونقول أن الروح مصر عادت من جديد. ترصد الدورة الحالية للملتقى مدى تفاعل الأدب والأدباء مع التغييرات السياسية والمعيشية التي أحدثتها ثورات الربيع العربي وما أعقبها من أحداث؛ ومدى دور المثقف في إحداث هذه التغيرات، ويتناول الملتقى عددًا من الإشكاليات المتعلقة بفن الرواية العربية من خلال عدد من المحاور الرئيسية التي تناقش على مدار أيام الملتقى. من المحاور العامة التي يناقشها الملتقى «الرواية وحدود النوع، اللغة في الرواية، تطور التقنيات الروائية، الفانتازيا والغرائبية، الرواية والتراث، الرواية والفنون، شعرية السرد، القمع والحرية، تقنيات الشكل الروائي والرواية ووسائط التواصل الحديثة». ومن أجل الدراسة المتعمقة وطرح الرؤى المختلفة حول حالة الرواية العربية سوف يتضمن الملتقى تنظيم خمس موائد مستديرة تتناول كل واحدة منها قضية من القضايا الإشكالية، وهي: الرواية والخصوصية الثقافية، الرواية الرائجة، الظواهر الجديدة في الرواية العربية، الرواية والدراما وجماليات الواقع الفانتازي. هذا ويقام على هامش الملتقى عدد من الأنشطة المصاحبة منها: تنظيم معرض للكتاب لإصدارات وزارة الثقافة، بالإضافة إلى بعض دور النشر الخاصة؛ كما يتم تنظيم عروض سينمائية لأعمال الراحل الكبير فتحي غانم.