حذرت وزارة الأوقاف مرارًا وتكرارًا، عبر بياناتها الرسمية وتصريحات وكلائها في المحافظات، أعضاء «الدعوة السلفية» من اعتلاء المنابر في الماضي، مؤكدة أنها لن تخضع لأي ابتزاز أو محاولات للحشد ضدها، حيث لم يعد مقبولاً وجود سلطات موازية للدولة، ومحذرة من أي محاولة لاختراق مساجدها والعمل على توظيفها سياسيًا أو حزبيًا أو لمصالح انتخابية. إلا أن «الأوقاف» ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، فتحت أبواب مساجدها على مصرعيها بالأمس أمام الدعوة السلفية للخطابة فيها واعتلاء المنابر وتصدير أفكارها، التي طالما كانت الوزارة تنتقدها وتصفها بالمتطرفة والتكفيرية، الأمر الذي يضع العديد من علامات الاستفهام حول القرار وموعده. صفقة الخطابة بين «السلفية الأوقاف» تمت في أغسطس 2014 بدأ الأمر بصدور قرار رسمي من وزارة الأوقاف في شهر أكتوبر 2014 بمنع غير الأزهريين من اعتلاء المنابر وعدم ارتداء الزي الأزهري إلا بقرار من المشيخة والوزارة والحصول على ترخيص للخطابة، أعقبه العديد من المشادات الكلامية بين الوزارة وقيادات الدعوة السلفية، وصولًا إلى صدور بيان رسمي من "السلفية" في شهر أغسطس 2014 يفيد انتهاء أزمة منع شيوخها من الخطابة بالمساجد، باتفاق مع وزارة الأوقاف على عودة قياداتها للمنابر وعلى رأسهم الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، مقابل معاونتها في التصدي لخطر الأفكار التكفيرية ومنهج "داعش" بتنظيم سلسلة محاضرات وخطب للرد عليه. الأمر الذي نفاه وقتها الشيخ محمد عبد الرازق، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، قائلا إن الوزارة لم تعقد أي صفقات مع أحد، وتحذر من المتاجرة بالدين أو باسمها، خاصة من الأذرع السياسية أو الدعوية التي تتبع الأحزاب، وتسعى لتحقيق مكاسب انتخابية ولو على حساب أمننا القومي. كما خرج الدكتور صبرى عبادة، وكيل وزارة الأوقاف، في أكثر من لقاء إعلامي، يؤكد فيه أن تصريح الخطابة لن يتم السماح به للسلفيين، واصفًا اياهم بالعناصر المتشددة والعنصرية في أفكارها وصاحبة عقيدة فاسدة. وأضاف "عبادة"، أن الدعوة السلفية، من أراقوا الدماء باسم الإسلام، في إشارة إلى تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن الشيخ محمد عبد الرازق أصدر بالأمس تصريحا رسميا منافيا تمامًا لما قاله بالماضي، بأن ياسر برهامي، ويونس مخيون، رئيس حزب النور يحق لهما إلقاء الخطبة في المساجد التابعة للأوقاف بعد حصولهما على ترخيص بالخطابة واجتيازهما الاختبارات المقررة، وأكد أنهما تعهدا بالالتزام بالخطبة الموحدة في المساجد، وعدم استخدام المنابر للدعاية الانتخابية. https://www.youtube.com/watch?v=oi973Af3OMs الهلالى: القرار يصنع دواعش جدد وبداية الوصاية السلفية الدينية قال الدكتور سعد الدين الهلالي، رئيس قسم الفقة المقارن بجامعة الأزهر، إن قرار "الأوقاف" بتمكين السلفيين من الصعود للمنابر مرة أخرى تحت بند مواجهة الجماعات المتطرفة والإرهابية، أول الطرق لصناعة "داعش" جديد في مصر تحت اسم "السلفيين"، بعد جعلهم حماة الدين في مصر، وأن الكتاب والمثقفين والمسلمين فشلوا في مواجهة التطرف. وأضاف "الهلالي" أن القرار يعد انتكاسة بعد سنة صمدت الدولة خلالها في وجه السلفيين، وبداية للوصاية الدينية الجديدة، ويبدو أن المسئولين فهموا عبارة الرئيس في المولد النبوي عندما قال "نريد ثورة في الخطاب الديني" خطأ، واعتقدوا أن السلفيين هم أصحاب تلك الثورة، لا المصريين جميعًا. وأوضح أن صدور القرار بالتزامن مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، يثير الشكوك حوله، حيث سيستخدمها هؤلاء في الحديث عن أنهم أصحاب الوصاية في دخول المسلمين للنار أو الجنة، مضيفا: «خطابهم قائم على الحشد والوصاية، فلا نريد تجنيد المسلمين في المساجد، وأتخوف من بداية التفرقة والعنصرية بين المسلمين سني وشيعي، وأصحاب الكتاب يهودي ومسيحي». مفاجأة.. «برهامي ومخيون» لم يخوضا اختبارات الخطابة ومن جانب آخر، أكد مصدر بالدعوة السلفية، أن الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، ويونس مخيون، رئيس حزب النور، لم يتقدما إلى اختبار وزارة الأوقاف للحصول على تصريح الخطابة، ولم يخوضا الامتحان من الأساس، وأن مشايخ وأعضاء "السلفية" يمارسون الدعوة والخطابة منذ سنوات مرورًا بأزمة المنع من الصعود للمنابر، وكانوا يلقون خطبهم ومحاضراتهم في المساجد دون الحاجة إلى الحصول على أي تصاريح رسمية، والأمر كان قائم على أن "الأوقاف" لم تقاوم الضغوط واضطرت إلى التراجع عن قرارها السابق بمنعهم من الخطابة. وأشار إلى أن "برهامي" ألقى محاضرة بمسجد التنعيم بمرسى مطروح يوم الجمعة الماضية، بعنوان "خطر التكفير"، دون أن يحصل على التصريح أو كارنية الخطابة رسميًا من الدولة.