تحتل العلاقات الصينيةالإيرانية مكانة خاصة في الساحة الدولية، حيث تلعب الاعتبارات المحلية والإقليمية دورها في إبراز هذه المكانة وتطويرها بالعديد من المجالات خاصة الاقتصادية، فعلى الرغم من أن التقارب بين إيرانوالصين متواريًا إلى حد ما عن أنظار الكثيرين، إلا أنه لا يمكن إنكار تشابك المصالح بين البلدين. وصل وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" إلى طهران الأحد، في إطار جولة يقوم خلالها بزيارة كل من باكستان والإمارات وإيران في الفترة ما بين الخميس إلى الاثنين، وتعتبر زيارة وزير الخارجية الصيني إلى إيران هي الأولى منذ سبعة أعوام، وتأتي عقب زيارة قام بها وزير الخارجية الإيراني إلى بكين للمشاركة في مؤتمر حول أفغانستان. زيارة "وانغ يي" إلى إيران جاءت لهدف إجراء مباحثات مع المسئولين الإيرانيين تتمحور حول شئون العلاقات بين البلدين، وسبل تمتين الأواصر وتعزيز التعاون على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، إضافة إلى التباحث في أهم القضايا الدولية والإقليمية، كما أنها تعتبر تلبية لدعوة رسمية من وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف". بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الصينوإيران رسميًا عام 1971، واتسمت بالتعاون الوثيق في المجالات التجارية والاقتصادية والتكنولوجية، وكان الأهم من ذلك التعاون في المجال العسكري أثناء الحرب العراقية الإيرانية، حيث زودت الصينإيران بالسلاح بمختلف أنواعه في الوقت الذي رفض الغرب تزويدها به. موافقة الصين على قرار مجلس الأمن رقم 1929 الذي يفرض عقوبات جديدة على إيران عام 2010، اعتبرتها تحليلات عديدة أن العلاقات الصينيةالإيرانية سوف تأخذ منحنى مختلف على إثر هذه الموافقة لتصبح الدولتين في موقعين متعارضين، إلا أن العكس تمامًا هو الذي حدث، فقد ازدادت قوة العلاقات بين البلدين أكثر مما كانت عليه قبل إصدار القرار الدولي، وهو ما خيّب آمال الكثيرين في العالم بشكل عام وفي الغرب على وجه التحديد. بالرغم من رفض الصين المعلن لامتلاك إيران السلاح النووي، إلا أنها تميل إلى التمسك بالنهج التفاوضي مع طهران، رافضة أي تصعيد عسكري وغير محبذة أية عقوبات مرتفعة السقف ضدها، ويستند هذا الموقف الصيني علي حزمة من الاعتبارات، تتصدرها بالطبع المصالح المشتركة مع إيران، والتي يأتي في القلب منها أمن الطاقة والأمن الاقتصادي للتنين الصيني، حيث تتخوف بكين من أن يفضي تشديد العقوبات علي إيران إلي الإضرار بأمن الطاقة الصيني أو انسداد أسواقها أمام المنتجات العسكرية والمدنية الصينية، وعلاوة علي ذلك، تحاول بكين توظيف الورقة الإيرانية لتقوية الموقف التفاوضي الصيني في مواجهة الولاياتالمتحدة، ومساومتها حول حزمة القضايا الخلافية العالقة بين الجانبين. على الجانب الآخر، تعد العلاقة الإستراتيجية التي تربط بين إيرانوالصين أحد العوامل التي تنطوي على تأثير بالغ الأهمية في التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يشكل مصدر إزعاج للعديد من الدول الإقليمية والدولية بشكل عام، والولاياتالمتحدة بشكل خاص التي ترى في هذا النوع من العلاقات تهديدًا لأمن واستقرار المنطقة، وكذا إخلالًا بالتوازنات القائمة فيها، ما يعني بالتأكيد تهديد مصالحها الحيوية في هذه المنطقة. قال وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" إن المباحثات مع نظيره الصيني "وانغ يي" تناولت المفاوضات النووية مع مجموعة 5+1 بشكل مفصل، مبديًا اهتمامه بالدور الصيني في هذه المباحثات للتوصل إلى اتفاق، وأضاف "بحثنا القضايا الثنائية والعالمية إلى جانب القضية النووية، كما تطرقنا إلى الأرضيات المناسبة لتطور العلاقات بين طهرانوبكين"، وتابع "تبادلنا وجهات النظر بشأن المحادثات بين إيران ومجموعة 5+1، ونهتم بدور الصين في التوصل إلى حل سلمي جيد للقضية النووية الإيرانية، ونأمل أن تكون الإرادة متوفرة لدى الطرف الآخر للتوصل إلى اتفاق نووي". من جهته، أعرب "وانغ يي" عن سعادته البالغة لزيارته إلى طهران، وقال إن إيران بلد قوي في المنطقة وتعتبر حليفا إقليميا للصين، وأكد على ما قاله "ظريف" من أن "المفاوضات فرصة تاريخية للتوصل لاتفاق"، مشيرًا إلى أن الصين تعتقد بحل سلمي للقضية النووية الإيرانية، وأن التوصل إلى اتفاق نووي يصب في مصلحة الشعب الإيراني والمنطقة، موضحا أن الصين لا ترحب بتمديد آخر للمفاوضات النووية مع إيران. من جانبه وصف السفير الصيني في إيران "بانغ سين" أمام ملتقى تعزيز العلاقات الإيرانيةالصينية الذي أقيم في السفارة الصينيةبطهران الشهر الماضي، العلاقات بين بلاده وإيران بالتاريخية والتعاون فيما بينهما ب"الجيد" فيما يخص قضايا المنطقة كالأزمة في سوريا ومكافحة الإرهاب والوضع في أفغانستان والمساعدة على إقرار السلام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أعلن السفير الإيراني في الصين "علي اصغر خاجي"، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ مستوى 52 مليار دولار منذ 21 مارس 2014.