تنطلق العلاقات بين مصر والإمارات من مبادئ وثوابت ووصية الشيخ "زايد بن سلطان آل نهيان" الذي رأى في مصر امتداداً للعروبة وسنداً لها وقال "نهضة مصر نهضة للعرب كلهم، وأوصيت أبنائي بأن يكونوا دائماً إلى جانب مصر"، وهو ما أكده حاكم الإمارات "خليفة بن زايد آل نهيان". يرجع تاريخ العلاقات المصرية – الإماراتية إلى ما قبل عام 1971 الذي شهد التئام شمل الإمارات السبع في دولة واحدة تحت قيادة "زايد آل نهيان"، وقد دعمت مصر إنشاءها وأيدت بشكل مطلق الاتحاد الذي أسسته، وكانت مصر من بين أولى الدول التي اعترفت بالاتحاد الجديد فور إعلانه ودعمته دوليا وإقليميا كركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة لقوة العرب، ومع انطلاق ثورة 25 يناير التي أدت إلى تنحي الرئيس الأسبق "حسني مبارك" عن السلطة، شهدت العلاقات الثنائية فتورًا عزته بعض المصادر الدبلوماسية إلى التقارب المصري الإيراني، ومع قدوم حكم الإخوان المسلمين ساءت العلاقات أكثر، لكنها عادت إلى دفئها بعد انطلاق ثورة 30 يونيو وانتخاب "السيسي" رئيسا للبلاد. وصل الرئيس "عبد الفتاح السيسي"، مساء السبت الماضي، إلى العاصمة الإماراتية "أبو ظبي" في أول زيارة رسمية، وكان في استقباله ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة "محمد بن زايد" ونائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "محمد بن راشد آل مكتوم"، وتدوم زيارة "السيسي" يومين، يعقد خلالها مباحثات مع قادة دولة الإمارات، ويشارك في افتتاح قمة عالمية للطاقة. استقبل "آل مكتوم" و"محمد بن زايد" في قصر المشرف الرئيس "السيسي"، ولدى وصوله جرت مراسم استقبال رسمية في ساحة القصر حيث توجه الرئيس و"آل مكتوم" إلى منصة الشرف وعزفت الموسيقى السلامين الوطنيين لمصر والإمارات، فيما أطلقت المدفعية 21 طلقة تحية لضيف البلاد. اصطحب "محمد بن راشد آل مكتوم" الرئيس "السيسي" إلى القاعة الرئيسية في قصر المشرف حيث صافح الرئيس مستقبليه من الشيوخ والوزراء وكبار المسئولين من مدنيين وعسكريين فيما صافح الجانب الإماراتي كبار المسئولين المرافقين للرئيس "السيسي"، وعقد الطرفين جلسة مباحثات تناولت العلاقات الثنائية العريقة بين البلدين الشقيقين، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتم خلاله استعراض تطورات الأوضاع في المنطقة، وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الأزمة السورية، والأوضاع في كل من ليبيا واليمن والعراق. زار "السيسي" مسجد وضريح "زايد آل نهيان"، كما التقى عددا من رجال الأعمال المصريين في أبو ظبي وشدد خلال الاجتماع على أن مصر تحتاج في المرحلة الحالية إلى جهود كافة أبنائها من المستثمرين المصريين، من خلال تنفيذ مشروعات تتيح فرص عمل جديدة للشباب، وتساعد على دعم الاقتصاد المصري، مشيراً إلى ضرورة مواصلة الحكومة سياستها نحو تدريب العمالة المصرية وإعدادها للعمل بالخارج، كما وجه الرئيس في نهاية الاجتماع الدعوة للحضور للمشاركة في فعاليات مؤتمر شرم الشيخ خلال شهر مارس المقبل. التقى الرئيس مجموعة من كبار ممثلي الشركات الإماراتية وبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وزيادة الاستثمارات الإماراتية في مصر، حيث استعرض الرئيس الخطوات والإجراءات الجارية لتوفير مناخ جاذب للاستثمار وتذليل العقبات البيروقراطية، كما زار "السيسي" معرض لشركة الجرافات البحرية التي ستقوم بعرض أنشطتها في إطار مشروع قناة السويس الجديدة. شارك الرئيس "السيسي" في افتتاح الدورة السنوية الثامنة من القمة العالمية لطاقة المستقبل، ضمن أسبوع أبو ظبي للاستدامة، وتجمع القمة عددا من زعماء الدول والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، لمناقشة التحديات المرتبطة بالطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، وقال السفير "إيهاب حمودة" سفير مصر لدى الإمارات، إنه تم تخصيص الكلمة الرئيسية في قمة "طاقة المستقبل" للرئيس "السيسي". قال الرئيس "السيسي" في كلمته، إن هناك إستراتيجية لتحويل مصر إلى مركز محوري لتجارة الطاقة، حيث تتوافر البنية التحتية، وعلى رأسها قناة السويس، أهم ممر ملاحي عالمي، خاصة في ظل التوسعة التي تتم بها حاليا، وأكد أن محدودية مصادر مصر من الطاقة تحتم عليها التوسع في الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مشيرا إلى تنفيذ عدد من المشروعات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية. اعتبر سفير الإماراتبالقاهرة، ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية "محمد بن نخيرة الظاهرى"، أن الزيارة التاريخية الرسمية الأولى للرئيس المصري لدولة الإمارات تحظى باهتمام غير مسبوق من قبل رئيس الإمارات "خليفة بن زايد آل نهيان"، وقال أن مشاركة السيسي تأتي بعدما استعادت مصر مكانتها الإقليمية والدولية، وقبيل انعقاد القمة العربية في القاهرة مارس المقبل، والمؤتمر الاقتصادي "مصر المستقبل" الذي سيعقد خلال الفترة ذاتها، واللذان يحتلان درجة عالية من اهتمام البلدين، لما لهما من تأثير على مستقبل مصر والمنطقة العربية خلال الفترة المقبلة.