منذ عدة سنوات بدأت أولى خطوات تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، بحيث يتم تقسيم عدد من الدول العربية إلى دويلات صغيرة متناحرة، ونظرا لما تمثله سوريا من قوة في محور المقاومة والممانعة، كانت على رأس قائمة الدول المستهدفة، ومن هنا وصل إلى سوريا ما يسمى ب"الربيع العربي" على هيئة ثورات واحتجاجات غاضبة تطالب بإسقاط النظام هناك. مع الشهور الأولى من اندلاع الأزمة السورية خرجت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية تؤكد بأن سقوط نظام الرئيس "بشار الأسد" أو بالأحرى تدمير الدولة السورية لن يستغرق سوى عدة شهور، قال البعض إنها لن تتجاوز نصف العام، هذه التصريحات التي صدرت عن قيادات جهاز الموساد والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وجهاز المخابرات الأمريكية لم تتحقق حتى الآن رغم مرور نحو أربع سنوات على اندلاع الأزمة السورية. عدم تحقق هذه التوقعات الاستخباراتية القائمة على مخططات صهيوأمريكية بمعاونة عربية إقليمية، أصاب القيادات الأمنية في تل أبيب وواشنطن على حد سواء بحالة من الهوس، اتضحت بشكل جلي خلال العام الماضي أو الشهور الأخيرة منه على وجه التحديد، فلم تعد إسرائيل تتكتم عن العلاقات التي تربطها بالجماعات المسلحة التي تقاتل الجيش السوري هناك، وكذلك واشنطن سعت كثيرا لتزويد الجماعات المسلحة بالأسلحة والعتاد تحت توصيف "معارضة معتدلة" و"أسلحة غير فتاكة". في هذه الأثناء يدور الحديث عن حل سياسي للأزمة السورية، بدأت الخطوات الأولى لإتمامه بجهود روسية مصرية، تسعى لجمع المعارضة والحكومة السورية حول مائدة واحدة، للإتفاق على سبيل الخروج من الأزمة الراهنة في دمشق، وربما الأسابيع القليلة المقبلة ستشهد طفرة في ملامح التقارب بين المعارضة والحكومة السورية بترتيب من القاهرة وموسكو. في ظل الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش السوري وقواته الباسلة على أرض المعركة ضد الجماعات المسلحة التكفيرية، أصبحت الكفة تميل دون شك لصالح الحكومة والدولة السورية، وتؤكد أن حضارتها العريقة ستظل صامدة أبد الدهر، هذه الانتصارات الأخيرة تقول إلى المخططات الصهيوأمريكية وكل أولئك الذين يتبنون تنفيذها موتوا بغيظكم، ولن تفلح مخططاتكم، وستبقى سوريا بجيشها وقياداتها شوكة تؤرقكم تأبى الانكسار أو الاهانة. أدركت القوى الغربية والإقليمية مؤخرا بعد أربع سنوات من المحاولات الفاشلة المتكرة أن سوريا لن تنكسر وهي أقوى من تلك المخططات التي تحاك ضدها من أجل تدميرها وتفكيكها، ومن ثم تأمين حليف واشنطن الأول في منطقة الشرق الأوسط ،إسرائيل، التي لا تتوقف عن التربص والاعراب عن انزعاجها من وجود علاقات وطيدة بين محور المقاومة (إيرانوسوريا وحزب الله) في المنطقة، خاصة خلال الشهور القليلة الماضية التي حسمت الأمر لصالح سوريا وجيشها. التخوف الإسرائيلي لا يتوقف عند خطأ تقيمات الاستخبارات التي تدعي بأنه أقوى جهاز في المنطقة، بل تتمثل في انعكسات هذا الانتصار على الوضع الأمني بالجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان بعد الانتصار في دمشق، لا سيما وأن الجبهة الجنوبية مع غزة تشهد عدة اضطرابات متكررة بين الحين والآخر. الانتصار السوري يبعث برسالة إلى تلك الأجهزة الأمنية في إسرائيل وأمريكا وحلفائها بمنطقة الشرق الأوسط، ويقول لهم موتوا بغيظكم بعدما فشلت مخططاتكم الهدامة، موتوا بغيظكم وأنتم ترون سوريا صامدة تواجهكم جميعا لا يساندها سوى رجال أوفياء فطنوا منذ البداية إلى مخططات التفتيت والتقسيم، وأعدوا قوتهم لمواجهة قوى الاستكبار العالمية.. هذا الانتصار السوري سيفرض وقائع جديدة خلال المرحلة المقبلة.. سوريا ستنطلق نحو البناء والإعمار.