أغلقت تركيا أبوابها أمام اللاجئين السوريين الفارين من ويلات الحرب في بلادهم، لتفتحه للتكفيريين والإرهابيين المنتمين ل"داعش" و"جبهة النصرة" ليعبروا حدودها من وإلى سوريا، لم يكن جديد خبر دعم تركيا للجماعات الإرهابية وفتح ممرات آمنة وسرية ليعبروا منها، بل وتسخير كل الإمكانيات لتدريبهم وتسلحيهم، فتركيا دائمًا هي الملاذ الآمن للإرهابيين. الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" المهموم دائمًا بتبرير كل تحركاته وأفعاله، والمنتقد كثيراً لسياسات الدول المحيطة، والمتدخل بإصرار في شئون دول حذرته من التدخل في شئونها، لم يكن مهتما هذه المرة بتبرير مرور الإرهابيين من أرض بلاده أو تسليحهم وتدريبهم، بل اعترف هذه المرة على لسان وزير خارجيته "مولود جاويش أوغلو" بأن "حياة بومدين" زوجة "أمدي كوليبالي" الذي قتل شرطية وأربعة أشخاص بفرنسا، دخلت من مطار اسطنبول قادمة من مدريد وأقامت في فندق هناك ومرت إلى سوريا عبر الحدود التركية في الثامن من الشهر الجاري. "حياة بومدين"، زوجة الفرنسي من أصل سنغالي "أميدي كوليبالي"، الذي نفذ عمليتين إرهابيتين، واحدة قتل خلالها شرطية فرنسية خارج باريس، والثانية احتجز فيها عدداً من زبائن وعمال متجر يهودي بالعاصمة الفرنسية، قتل 4 منهم ولقي حتفه عندما اقتحمت الشرطة المتجر عليه. "بومدين" التي تبلغ من العمر 26 عامًا، ذات الأصول الجزائرية، لم تظهر عليها أي علامات تدل على التشدد الديني، فالفتاة كانت تعيش حياة منفتحة أثناء عملها "كاشير" بأحد المحال التجارية، وقبلت أن تعيش مع صديقها "كوليبالي" فترة من الزمن في منزل واحد دون زواج. دخل صديقها "كوليبالي" السجن بتهمة السرقة عام 2005، وتعرف هناك على الأخوين "كواشي" منفذي "مذبحة شارلي إيبدو" لتنقلب حياته وصديقته رأسًا على عقب، وعندما خرج "كوليبالي" استطاع أن يؤثر على حياة صديقته "حياة"، فخلعت الملابس الغربية وتركت عملها وارتدت النقاب عام 2009، وفي عام 2010، ذهبت "بومدين" بصحبة صديقها، لزيارة الإرهابي المنتمي إلى القاعدة "جمال بغال"، الذي يقبع تحت الإقامة الجبرية في جنوبفرنسا. علاقة "كوليبالي" بالأخوين "كواشي" كانت وثيقة، ولم تكن زوجته "حياة بومدين" بعيدة عن كل هذا، بل كانت في قلب الأحداث، وتقول الشرطة الفرنسية إنها شاركت زوجها في مهاجمة رجال الشرطة، لتصبح على رأس لائحة المطلوبين في فرنسا، بل وربما في أوروبا، فكلما تقرب "كوليبالي" من الأخوين "كواشي" تقربت "بومدين" من زوجة "شريف كواشي"، حتى إنه رُصد بينهن حوالي 500 مكالمة هاتفية، في 2014، حسب قناة "CBS" الأمريكية. على الرغم من أن الشرطة الفرنسية أصدرت مذكرة تفتيش بحق "بومدين" لتحديد ما إذا كان لها دور في عملية "كوليبالي" وفي قتل شرطية في "مونروج" جنوبباريس، إلا أن الشرطة التركية كشفت عن مقطع فيديو تظهر فيه "بومدين" لدى وصولها إلى مطار اسطنبولبتركيا، فيما يبدو أثناء إنهاء إجراءات الدخول إلى تركيا في الثاني من الشهر الحالي دون أن تمنعها الشرطة التركية من دخول البلاد مبررة ذلك بأنها لم تتلق أي طلب من الحكومة الفرنسية لمنع "بومدين" من دخول البلاد. قال وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، "إن حياة بومدين زوجة آمدي كوليبالي، منفذ الهجوم على متجر في باريس دخلت تركيا في الثاني من يناير الجاري، قادمة من مدريد، وانتقلت إلى سوريا في الثامن من الشهر ذاته"، وأضاف "أوغلو" "الكاميرات الموجودة في المطار سجلّت وصول بومدين إلى تركيا في التاريخ المذكور"، موضحا أنها أقامت مع شخص آخر في فندق في منطقة "قاضي كوي" بإسطنبول، وأن المعلومات الواردة من هاتفها الجوال أظهرت عبورها إلى سوريا في الثامن من الشهر الجاري". من جانبها، أكد مصدر في وزارة الخارجية السورية، أن تركيا ما تزال تشكل المعبر الرئيسي لتسلل الإرهابيين الأجانب إلى سوريا وعودتهم إلى الدول التي انطلقوا منها في انتهاك فاضح لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، وقال المصدر إن "تحرك الإرهابيين عبر الأراضي التركية بهذه السهولة يبرهن مجددا على تواطؤ الحكومة التركية مع المجموعات الإرهابية المسلحة ويجعل من تركيا شريكا مباشرًا في سفك الدم السوري ودماء الأبرياء بأنحاء العالم". يبدو أن تركيا لم تستوعب الدرس جيدًا من فرنسا ولم تأخذ العبرة من أن السحر ينقلب على الساحر في كثير من الأحيان، ما يجعلها تواصل طريقها في دعم المجموعات الإرهابية والتصنع بمكافحته وعدم القدرة على ضبط حدودها أمام مرور العناصر الإجرامية، لكن الكل يدرك أن مرور عناصر "داعش" أو "النصرة" يتم بمعرفة إن لم يكن بإشراف المخابرات التركية.