أثار حادث الاعتداء على صحيفة "شارلي ايبدو" في فرنسا الخلافات مجددًا بين تنظيمي داعش والقاعدة، بعدما تبرأت الأخيرة من داعش، وثار تنظيم البغدادي على أساليب القاعدة، فهل يختلف التنظيمان حقًا أم أنهما واحد وهناك حقائق غائبة؟ فور وقوع الحادث تبارى تنظيما "القاعدة" و"داعش" في تبنى الهجوم على المجلة الفرنسية الساخرة ، حيث أعلن عضو بارز في تنظيم القاعدة باليمن الجمعة أن مجموعة تابعة له نفذت هجوما ضد المجلة "انتقاما لشرف" النبي محمد (ص)، فيما تبنى "داعش" الهجوم أيضا، حيث أعلن الشيخ أبو سعد الأنصاري، مسؤول أئمة ، بما يعرف بالدولة الإسلامية خلال خطبة صلاة الجمعة أن "عمليات فرنسا هي رسالة لكل دول التحالف الدولي وستتكرر في كل من بريطانيا وأمريكا". بحسب كل المؤشرات استطاع داعش عن طريق نشاطه المنظم والضخم على شبكات التواصل الاجتماعي أن يقوم بتجنيد بعض الشباب ونشر دعايته المتطرفة، كما تمكنت داعش من منح مقاتليها الحماسة والإصرار اللتين لم تنجح التسجيلات الصوتية للظواهري في إحداثها على حد وصف الفينانشال تايمز الأمريكية في وقت سابق. نشأة «داعش» وبدء الخلاف مع القاعدة ظهر «داعش» في العراق والشام للمرة الأولى في (ابريل) 2013، وقدم على انه نتيجة اندماج بين تنظيمي "دولة العراق الاسلامية" التابع ل "القاعدة" و"جبهة النصرة" السورية، إلا أن الأخيرة رفضت الاندماج على الفور، ما تسبب في اندلاع معارك بين الطرفين في (يناير) 2014. وكان "داعش" يعمل في بداياته بالعراق تحت إسم "جماعة التوحيد والجهاد" ثم تحول إلى تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" بعد تولي ابو مصعب الزرقاوي قيادته في 2004 ومبايعته زعيم "القاعدة" السابق اسامة بن لادن. وفى عام 2006 تم مبايعة «بن لادن» من معظم التنظيمات التكفيرية، وكان من بينهم «داعش» وتولى أمرتهم الشرفية أبو «مصعب الزرقاوي» وأمرتهم الفعلية «أبو عمر عبد الله البغدادي»، وأعلن المجلس البيعة لزعيم تنظيم «القاعدة»، وبعد مقتل «الزرقاوي» في أواخر 2006 تولى مكانه «أبي حمزة المهاجر» والذي أعلن عن حل مجلس شورى المجاهدين وانضمام أعضائه تحت لواء تنظيم جديد حمل أسم «دولة العراق الإسلامية» والذي اعتبره «أبو حمزة» تمهيد لإقامة الخلافة، اتخذ التنظيم من مدينة "بعقوبة" العراقية عاصمة ل«الدولة» وتم إعلان «أبوعمر البغدادي» أميراً للتنظيم وكذلك تجديد البيعة ل«أسامة بن لادن». وفي فبراير من العام الماضي كانت هناك علاقات بين القاعدة وداعش، حتى انقطعت بسبب اعتراض "داعش" علناً على سلطة زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري ورفض الاستجابة لدعوته إلى التركيز على العراق وترك سوريا لجبهة "النصرة". الاختلافات الاستراتجية كان محور خلاف أعضاء التنظيمين الإرهابيين حول مدى التأثير والهيمنة على الحركات "الجهادية" العالمية، وعلى التمويل وعلى إمكانية كسب مقاتلين جدد، وأيضا المكانة والهيبة بين صفوف المليشيات المتطرفة. في هذا السياق، تشبّه البروفيسور كاثرين براون، خبيرة شؤون الإرهاب في كلية "كنغ" في لندن، تنظيمي القاعدة و"داعش" بشركات عالمية تحاول أن تكسب المجموعات المحلية لأجندتها الأيديولوجية وإلى الجهاد العالمي، فتنظيم القاعدة مثلا ينضم إليه عدة مجموعات، كتنظيم "القاعدة في شمال المغرب" وتنظيم " القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، وكذلك حركة الشباب الصومالية التي أعلنت ولاءها لقائد تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. أما "داعش" فيضم مجموعة "أنصار بيت المقدس" في شبه جزيرة سيناء ومجموعة "جند الخليفة" في الجزائر، والتي قتلت أحد الرهائن الفرنسيين في سبتمبر الماضي، والفرق بين التنظيمين يكمن في طموحاتهما، تنظيم القاعدة مثلا لم يذكر إطلاقا أنه يريد الحكم والسلطة، كما توضح البروفيسور كاثرين براون، أما "داعش" فيطالب علنا بالحكم ويطلب من المجموعات الأخرى بأن يكونوا جزءا من نظامه الجديد. في شمال سوريا وفي غرب العراق استطاع تنظيم "داعش" أن يحتل منطقة جغرافية وأن يؤسس فيها نظام حكم شبيه بالدولة، وطالب أبو بكر البغدادي بزعامة العالم الإسلامي بإعلانه الخلافة، وهذا لم يصله أو يطلبه تنظيم القاعدة الأم إطلاقا. الفرق الثاني بين التنظيمين يكمن في الاستراتيجية، حسب الخبيرة براون، قيادة تنظيم القاعدة المركزية قررت عدم الخوض في نزاعات دولية مع الدول وحكامها في شمال إفريقيا وفي الشرق الأوسط، وتركزت حرب تنظيم القاعدة ضد "العدو البعيد" الولاياتالمتحدة وحلفائها، أما تنظيم "داعش" فيهاجم مباشرة جميع الدول في محيطه ولا يقوم بأية هجمات في أوروبا ولا في والولاياتالمتحدة. داعش تنظيم مثالي للإرهابيين يقول السفير «رؤوف سعد» سفير مصر السابق بروسيا إن داعش تختلف عن القاعدة، حيث أصبح الأول يمثل الجو المثالي للجماعات المتطرفة بعدما ظهر بموجة جديدة من الإرهاب ليس من النوع التقليدي وجدت السبل اللازمة لذلك من عسكريين قدامى في حالة العراق أو من تمويلات وخلافه من المساعدات في حالات أخرى، مضيفًا أن الخطير فى هذا الموضوع هو مشاركة مجموعات فى هذه التنظيمات ليست كالمجموعات التقليدية التي كانت تنضم في السابق كالفقراء وخلافة، إنما نتاج طبقة متوسطة تميزت بالمشاركة الاجتماعية عن طريق سهولة شبكات التواصل الاجتماعي .