تعتبر العلاقات الروسية الصينية واحدة من أهم العلاقات على المستوى الدولي، نظرا لأهمية الدولتين، فكلتاهما عضو فى النادي النووي الدولي، وهما أيضا من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ولهما حق الفيتو، وهما الأقدر على منازعة الولاياتالمتحدة على قمة النظام الدولي ولو بعد حين وتنفرد كل منهما بميزات خاصة فروسيا وريثة الاتحاد السوفيتي التي ورثت عنه إخفاقاته وانهياراته، ولكنها لم ترث عنه مكانته كقوة عظمى، وهي تسعى الآن لاستعادة مكانته المفقودة تلك، ولديها من الإمكانيات والقدرات السياسية والاقتصادية والعسكرية ما يؤهلها لتكون لاعبا فاعلا ومؤثرا في النظام الدولي فقد استفادت روسيا من تجربة الانهيار السوفيتي وأعادت بناء نفسها من جديد، ولكنها اصطدمت بعالم أحادى القطبية سمته الأساسية الهيمنة الأمريكية، ولكنها تتفق مع الصين على ضرورة سيادة نظام دولي متعدد الأقطاب، سمته الأساسية ديمقراطية العلاقات الدولية، أما الصين فهي العملاق الصاعد من شرق آسيا المنطلق بقوة نحو قمة النظام الدولي، وهى قوة متنامية سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وهدفها النهضة والتقدم والوصول إلى مكانة لائقة على المسرح الدولي. كلتا الدولتين لديهما من القوة والقدرة التى تمكنهما كلٍ على حدة من لعب دور أكثر قدرة على مستوى النظام الدولي، الصين تواجه أمريكا في شرق آسيا، بينما روسيا تواجهها في شرق أوروبا، لذلك يبدو أن تأمين حدودهما الخلفية مع بعضهما البعض أفضل استراتيجية، مما ينبئ بتغيرات استراتيجية كبرى ستشهدها العقود القادمة. ووسط انخفاض سعر النفط وانهيار الروبل الروسي، تسعى الصين لمساندة روسيا، حيث قال موقع "جلوبال ريسيرش" البحثي إن الصين تدخل في تحد مباشر مع سياسة قوى حلف الناتو والولاياتالمتحدة لتقويض الروبل وإفلاس الاقتصاد الروسي، حيث تعهدت بكين بتمديد المساعدات المالية إلى موسكو، فقد أكد "وانغ يي" وزير الخارجية الصيني، على ضرورة المساعدات المتبادلة بين موسكووبكين، وذلك في تصريحات حول أزمة العملة الروسية التي شهدت تراجعا حادا بنسبة 45% في مقابل الدولار الأمريكي هذا العام. ويضيف "يي":" روسيا لديها القدرة والحكمة للتغلب على الصعوبات القائمة في الوضع الاقتصادي، وإذا كان الجانب الروسي يحتاج للمساعدة، سوف نقدمها في حدود قدراتنا"، ويشير الموقع الكندي إلى تصريح وزير التجارة الصيني "جاو هو تشينغ" والتي أكد فيها على تعزيز العلاقات مع موسكو في مجال الطاقة والتصنيع، حيث هناك توقعات بوصول التجارية الصينية الروسية إلى 100 مليار دولار هذا العام، على الرغم من أزمة الروبل. ويلفت الموقع إلى اقتراح "جاو" باستخدام العملة الصينية اليوان أو الرنمينبي، والابتعاد عن استخدام الدولار أو اليورو، خلال التعاملات التجارية مع روسيا، من جانبها أوضحت الأكاديمية الصينية للعلوم الاحتماعية أن المساعدات الروسية يمكن أن تمر من خلال منظمات مثل منظمة شنغهاي للتعون أو منتدى بريكس، في استبعاد للولايات المتحدة وأوروبا. ويؤكد "جلوبال ريسيرش" أن العروض الصينية تقطع الحرب الأمريكية الأوروبية الإمبريالية على الاقتصاد الروسي، فهي ترغب في معاقبة موسكو لمعارضتها إعادة هيكلة الاستعمارية الجديدة على أوراسيا، ويضيف الموقع الكندي أنه ردا على الدعم الروسي للرئيس السوري "بشار الأسد" ضد حرب الناتو بالوكالة، وأيضا ردا على الموقف الروسي على ما يحدث في أوكرانيا، تسارع قوى الناتو إلى تضيق الخناق على الاقتصاد الروسي، واضطرت موسكو لتخفض عائدات النفط تماشيا مع انخفاض أسعار النفط العالمية وانهيار الروبل. ويوضح الموقع الكندي أن بكين توافق على التحديات العالمية وترمي بطوق النجاة إلى روسيا، حيث إن احتياطات العملة الصينية تبلغ 3.89 تريليون دولار، وهي الأكبر في العالم، وتسمح لبكين بسداد ديون روسيا بسهولة، موضحا أن الصراعات الاقتصادية تنفجر بين القوى الكبرى نتيجة أزمة النفط، ومحرك الأقراص الامبريالية في أوراسيا، مما يدفع العالم لمرحلة متقدمة من الأزمة الرأسمالية العالمية وزيادة خطر الحروب العالمية. ويعتقد الموقع الكندي أن المساعدات المالية الصينيةلروسيا قد تؤدي إلى تفاقم الصراع الأمريكي مع الصين، حيث حاولت واشنطن محاصرتها عسكريا من خلال التحالف مع اليابان واستراليا والهند، سواء على الصعيد الاقتصادي أو العسكري.