"المرأة الجديدة": خطوة إلى الأمام.. ولكن تحتاج إلى مزيد من التعديلات بخصوص دور حضانة للأطفال بالمنشآت اتحاد عمال مصر الديمقراطي: يجب إلزام الدولة لصاحب العمل بإعطاء ساعة الرضاعة للأم "القومي للمرأة": القانون يوفر الحماية لنساء القطاع الرسمى.. وماذا عن الظلم الذى تتعرض له العاملات بالقطاع الخاص؟ المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة: مد إجازة الوضع ل 8 أشهر اعتراف بدور المرأة فى التنمية الاقتصادية وتفعيل لمواد دستور 2014 لاشك أن قضية المرأة العاملة أصبحت ضرورة وليست رفاهية، فهي تساهم في الإنتاج القومي مثل الرجل، بل بلغت نسبة المشتغلات بالقطاع غير الرسمي لعام 2010 نسبة 46.7% مقابل 47.3 % للرجال، وبلغت نسبة المشتغلات بالقطاع غير الرسمي بدون أجر (2010) نسبة 60.3% مقابل نسبة 11.7% للرجال، وتقدر نسبة النساء المعيلات ب 35 %، وذلك وفق تقرير "وضع المرأة والرجل في مصر 2011″ الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وبناء على هذا الدور الذي تلعبه المرأة العاملة، واتخاذ الدولة التدابير الكافية لتمكينها من التوفيق بين الأسرة والعمل، أعلن الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري عن بعض ملامح قانون الخدمة المدنية، البديل عن قانون 47 لسنة 1978 الخاص بالعاملين المدنيين بالدولة، وأنه من المقرر إعطاء المرأة 4 أشهر بدلاً من 3 أشهر إجازة بأجر كامل (إجازة الوضع) فضلاً عن فتح فترة الإجازة إلى 8 أشهر، ولكن بنصف أجر وليست يأجر كامل، مشيرًا إلى أن مشروع القانون يراعي المرأة العاملة التي تمثل 50% من العمالة بالحكومة. وقالت مي صالح – الباحثة بمؤسسة المرأة الجديدة – إن التعديلات التي طرحتها وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري على قانون رقم 47 لسنة 1978 الخاص بالعاملين المدنيين بالدولة بشأن منح المرأة العاملة إجازة وضع 4 أشهر بدل 3 أشهر بأجر كامل هو بمثابة خطوة إلى الأمام؛ لأنه يمثل اعترافًا من الدولة بما تساهم به المرأة العاملة في الناتج والدخل القومي المصري، وأن مطالب النساء العاملات بحقوقهن ليست رفاهية، بل هي ضرورة تؤكد أهمية عدم فقدان نصف المجتمع كأيدٍ عاطلة عن العمل والمشاركة الحقيقية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة. وأضافت صالح أن التعديلات الخاصة بمد فترة إجازة الوضع لا تمثل منحة أو ميزة فقط للمرأة العاملة، بل هي قرارات من شأنها إقرار المصلحة الفضلى للطفل وفقًا للتعريف الدولي ومطالب منظمة الصحة العالمية بأهمية رعاية الأم لرضيعها خلال الأربعة أشهر الأولى وعدم تعرضه لأي غذاء خارجي من ألبان صناعية أو غير ذلك، بل يعتمد خلال هذه الفترة على لبن الأم فقط؛ حفاظًا على صحته، وذلك وفقًا لمعايير التغذية العالمية. وأعربت عن أن مؤسسة المرأة الجديدة بالتعاون مع عدد من الجمعيات الحقوقية عملت منذ فترة على أهمية إجراء تعديلات في قانون العمل الموحد 12 لسنة 2003 فيما يتعلق بحماية الأمومة والطفولة بمصر، والعمل على طرح رؤية جديدة لتهيئة ظروف عمل ملائمة للمرأة، وكانت من اهم بنودها مد فترة إجازة الوضع، وها هو يحدث خلال التعديلات الأخيرة لوزارة التخطيط، بالإضافة إلى تفعيل نص قانون إنشاء كل صاحب عمل في منشأته دار حضانة حال وجود 100 سيدة من النساء العاملات بها. وأوضحت صالح أن دور الحضانة تمثل أزمة تواجه المرأة العاملة، خاصة أن المنشآت الحكومية نفسها لا تطبق القانون وليس القطاع الخاص فقط، بل هناك منشآت يوجد بها أكثر من 300 عاملة، ولا توفر لهن المؤسسة حضانة واحدة لأطفالهن، مشيرة إلى أن "المرأة الجديدة" طرحت في تصورها لتطوير قانون العمل أن كل منشأة بها 50 عاملاً أو عاملة يلتزم صاحبها بتوفير دار حضانة، مشيرة إلى أنه تم إضافة "عامل" في هذا التعديل إقرارًا بمبدأ المساواة بين النساء والرجال في العمل، فضلاً عن وجود ظروف استثنائية لبعض الأزواج الرجال، وهي أن زوجاتهن ماتت أو في سفر أو مريضات، ومن ثم فهو يحتاج أن تتوفر لأطفاله أماكن آمنة لتركهم بها. وأضافت أن مقترح القانون أيضًا يطالب صاحب العمل حال تعذره في توفير دار حضانة داخل المؤسسة أن يقوم بالاشتراك للموظفين والموظفات في أقرب دار حضانة لموقع العمل، أو توفير عائد مائدي يعوض ما ستدفعه العاملات بالحضانة؛ لأنه إذا كانت العاملة تحصل على مرتب 1000 جنيه وقيمة الاشتراك بالحضانة 500 جنيه، فلن يتبقى لها ما تدبر به حياتها الأسرية بشكل عام. ومن جانبها قالت سحر عثمان – نائب رئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطي – إن الاتحاد أرسل خطابًا لوزارة التخطيط فيما يتعلق بتعديلات واقتراحات على قانون 74 لسنة 1978، ولم يتم الرد عليهم، فضلاً عن أن الوزارة لم تطرح تعديلات القانون للحوار المجتمعي، معربة عن أن مد فترة إجازة الوضع للمرأة العاملة هو خطوة إيجابية تحتاج إلى استكمال بعدة خطوات خاصة فيما يتعلق بساعة الرضاعة التي لا تحصل عليها الأمهات العاملات. وأضافت أن السيدات العاملات يتعرضن لمضايقات تخص ساعة الرضاعة، خاصة في ظل غياب توفير دار حضانة للطفل داخل منشأة العمل، أو ابتعاد مقر المنشأة عن منزل الموظفة، مشيرة إلى أن هذه الصعوبات تمثل حائلاً في قيام المرأة بمسئوليتها والتوفيق بين دورها كعاملة ومسئوليتها كأم وترعى الأسرة. وطالبت عثمان بأهمية تخصيص ميزانية محددة لدعم الأمومة والطفولة بمصر عبر برامج وخطط واضحة المدى واستراتيجيات يتم تطبيقها على أرض الواقع. فيما ترى هالة عبد القادر – المدير التنفيذي للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة – أن هذه التعديلات هي شكل من أشكال تفعيل نصوص دستور 2014، خاصة المادة 11 فيما يتعلق باتخاذ الدولة التدابير اللازمة للمرأة العاملة، حيث نصت المادة على أن "تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف وتكفل تمكينها من التوفيق بين واجباتها في الأسرة ومتطلبات العمل، بالإضافة إلى التزام الدولة بتوفيق الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا". وطالبت عبد القادر بمزيد من التعديلات المنصفة لحقوق المرأة العاملة، ومنها زيادة عدد مرات إجازات الوضع بثلاث مرات بدلاً من مرتين؛ حتى لا يكون ذلك إجبارًا للمرأة على الحمل لمرتين فقط؛ مما يمثل تحكمًا وتقييدًا في حياتها الزوجية، والعكس صحيح حال زيادة عدد المرات دون الحصول على إجازة كافية أو تعرضها للخصم من الراتب، وهو ما يشكل خطرًا على حياتها المهنية؛ لذا لزم التوازن بثلاث مرات فقط. وأثنت المدير التنفيذي للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة على القرارات الخاصة بتعديل مد فترة إجازة الوضع إلى 8 أشهر بنصف الأجر، معربة عن أن هذه الفترة لا تمثل رفاهية للمرأة، بل هي بصدد عمل لا يقل أهمية عن مواظبتها على العمل، فهي تربي الأجيال، ومن ثم فهذه الإجازة تمثل خدمة تقوم بها المرأة للمجتمع، فرعاية الأطفال وتنشئتهم بطريقة صحيحة تمثلان خدمة للمجتمع، ومن ثم على الدولة أن تتحمل مسئوليتها تجاه النساء العاملات أيضًا في إجازتهن. وتقول ابتسام أبو رحاب – عضو المجلس القومي للمرأة وعضو الهيئة الحاكمة في الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة بإقليم العالم العربي – إن هذه التعديلات رغم إيجابيتها إلا أنها سوف تخدم قطاعًا محددًا من النساء العاملات بالدولة أو القطاع الحكومي، ومن تحرم منها الملايين من العاملات بالقطاع غير الرسمي والذي تقدر فيه النساء بالملايين أيضًا، اللاتي يحتجن لحماية، حيث صاحب العمل يتحكم في إجازاتهن ولن يعطيهن أكثر من شهر كإجازة وضع وليس 4 أشهر مثل تعديلات قانون 74، معربة عن أن الجميع سمع عن حالات الفصل التعسفي التي تتعرض لها النساء أثناء إجازات وضعهن، بالإضافة إلى أن فرص النساء في القطاع غير الرسمي ليست سهلة في الحصول على إجازات وضع وساعة رضاعة أو وجود دار حضانة ترعى أطفالهن بالمؤسسات، مناشدة المسئولين أاهمية الوصول لحلول تحمي النساء العاملات في القطاع الخاص وتمكنهن من التوازن بين استيفاء مطالب الأسرة والعمل. وأضافت أبو رحاب أن تمكين المرأة من رعاية طفلها خلال الأربعة الأشهر الأولى ضرورة لا غنى عنها، بل من حق الطفل، فالتعديلات لا تمثل منحة للمرأة العاملة، بل هي تأكيد حقيقي ووعي من الدولة بأهمية الدور الذي تلعبه الأم في تنشئة جيل متماسك صحيًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا. وأكدت أبو رحاب أن المرأة العاملة في مصر مظلومة وتقع عليها أعباء كثيرة جدًّا، فهي تعمل داخل المنزل وخارجه لساعات طويلة، فهي وزيرة مالية المنزل الذي تعيش معاناته اليومية لغلاء الأسعار وسوء الأوضاع المعيشية، وضغوط العنف الموجه ضدها خارج وداخل المنزل، سواء من عنف أسري أو تحرش جنسي في الشارع أو العمل، ومع كل ذلك عليها أن تتحمل مسئولية تربية الأطفال وحدها، والنجاح في إدارة المنزل وتحقيق مكاسب عملية في آن واحد.