الشائع أن الرئيس المخلوع كان يتسم بقدر هائل من الغباء والبلادة والعناد والبلاهة، لكن الواقع يؤكد أن تلك كانت سمات نظام بأكمله، وليست فقط سمات رئيس. ليس من المعروف ما إذا كان المخلوع يختار رجاله بهذه الصفات، أم انه كان «يبهت» عليهم في مراحل لاحقة، لكن المؤكد أن كل «رجال الرئيس» كانوا يتسمون بذات السمات، العناد والبلاهة والغباء والبلادة. ألم تكن تلك سمات أحمد عز وهو يتباهى بما يعتقده عبقرية في إدارة الانتخابات، بينما كانت تلك «العبقرية» هي «القشة التي قصمت ظهر مبارك» (مع الاعتذار للبعير)؟ وألم يكن هذا هو حال السفاح حبيب العادلي وهو يعترف –في حوار تلفزيوني قبل الثورة بأيام قليلة- (أيوه بنراقب التليفونات واللى خايف ما يتكلمش)؟ لن نستطرد طويلا في تتبع سمات وصفات كل «رجال الرئيس»، حتى نصل إلى المشير محمد حسين طنطاوي وزير دفاع مبارك وباقي أعضاء مجلس مبارك العسكري. لقد اختار المخلوع وزير دفاعه ورئيس أركانه وجميع اللواءات الذين يحكمون مصر الآن (ع الفرازة)، وإذا كانت طبيعة عملهم العسكري قد دفعت بهم إلى مؤخرة المشهد الذي احتل مقدمته عائلة مبارك ومن حولهم باقي أفراد العصابة القابعة الآن في سجن طره، بحيث لم يتسن للعساكر استعراض مواهبهم وعرض سماتهم، فإن تكليفهم بإدارة شئون البلاد، قد دفع بهم إلى مقدمة المشهد، ليختبروا مدى ذكائهم، ولنتأكد أنهم يشاركون رئيسهم ورجاله ذات السمات. هل يستدعى الأمر إنعاش الذاكرة؟ ليكن، هذه بعض النماذج. عسكري برتبة لواء عضو في المجلس الأعلى يبرر دهس مدرعات الجيش للمتظاهرين أمام ماسبيرو قائلا إن قائد المدرعة كان مرتبكا!! قائد مدرعة مفترض أنه مدرب ومؤهل لمواجهة عدو على الحدود يرتبك فيدهس عشرات المدنيين يا سيادة اللواء؟ على مدى عشرة أشهر يتحدث عساكر مبارك عن «طرف ثالث» وراء كل أحداث الفوضى والفلتان الأمني وقتل المصريين، دون أن يفكر أيا منهم أنه حتى من يصدق «حدوتة» الطرف الثالث سوف يطالبهم بالإمساك به وتقديمه للمحاكمة!! ببساطة لأن التفكير يتناقض مع البلادة والبلاهة والغباء. النماذج أكثر من أن تعد وتحصى، لكن أكثرها فجاجة وجلافة كان بيان العسكر رقم 90. يتساءل العسكر في بيانهم بالنص «أليس من حقنا الدفاع عن ممتلكات الشعب المصري العظيم...»، وقبل أن تتساءل بينك وبين نفسك عما إذا كان الدفاع عن ممتلكات الشعب هو واجب العسكر ومبرر وجودهم في الحكم، وليس حقا لهم يمكن أن يمارسوه، ولهم أن يتنازلوا عنه، تقفز إلى الذهن أسئلة كثيرة، منها: أين كان هؤلاء العساكر عندما كان قائدهم الأعلى (لن أقول «السابق» فلست متأكدا من ذلك) ينهب ممتلكات الشعب، ويوزعها على «الحبايب والخلان»؟ ألم يكن هؤلاء العساكر يؤدون التحية العسكرية وينحون أمامه؟ ماذا فعل العساكر الذين يتحدثون اليوم عن «حماية ممتلكات الشعب» عندما استباح جمال وعلاء وسوزان مبارك وزكريا عزمي وأحمد عز «ممتلكات الشعب»؟ وإذا كان كل «رجال الرئيس» قد نالهم من «الحب جانب»، فهل كان المشير وفريقه ولواءاته استثناءً؟. أظن أنه لو كان أيا من عساكر المجلس الأعلى قد «فكر» في هذه الأسئلة لاستحى من طرح السؤال «أليس من حقنا الدفاع عن ممتلكات الشعب المصري العظيم...»، وإن كنت أشك كثيرا في أن «التفكير» يمكن أن يتوافق مع البلاهة والبلادة، بدليل أن العساكر يرفقون بيانهم بفيديو يقولون عنه «هذه هي صورة المخطط الذي يتم تنفيذه وهى تسجيلات خاصة بنا وسيتم نشر مزيد من الفيديوهات تباعا...»، هذه إذن تسجيلات خاصة بالعساكر ولديهم المزيد منها، فهم لم يأخذوها من فضاء الانترنت، بل قاموا بتصويرها لحسابهم، وهو ما يعنى –ببساطة- أنهم كانوا على علم مسبق بوقوع جرائم، ثم أنهم بدلا من التخطيط للتصدي لها قرروا تصويرها، وعندما تكون النية مبيتة لتصوير «الجريمة»، فهذا بدوره معناه أنهم وفروا «للمجرم» كل الظروف المناسبة لإتمام جريمته كاملة حتى يتسنى لهم تصويرها. ثم أن العلم المسبق بوقوع جرائم والاستعداد لتصويرها، يعنى من ناحية أخرى أن ثمة قناة اتصال بين الفاعل والعسكر، فهل ذهب المعتصمون أمام مجلس الوزراء إلى العساكر وقالوا لهم (تعالوا صورونا إحنا هنحرق مجلس الشعب والمجمع العلمي)؟ من الذي أبلغ العساكر بهذه الجرائم؟ ثم قولوا لنا أيها الجنرالات هل الدفاع عن «ممتلكات الشعب» يعنى توجيه خراطيم المياه على الناس في الشارع بينما النيران تلتهم المجمع العلمي إلى جواركم؟ ولئن أردنا أن نهبط إلى مستوى ذكاء العساكر، وفهمهم لمعنى حماية «ممتلكات الشعب»، فمن الطبيعي أن نسألهم هل قمتم بتصوير قائدكم الأعلى وهو ينهب ممتلكات الشعب ويوزعها على أفراد عصابته؟ أما ثالثة الأثافي فهي أن يتحول بعض عناصر الجيش المصري الوطني إلى برابرة يجردون نساء مصر من ملابسهن ثم يسحلوهم في الشارع، ولا أعرف ما إذا كان هذا يندرج أيضا تحت عنوان «حماية ممتلكات الشعب» لكنني أعرف بيقين أن هذه الفتاة التي جردها البرابرة من ملابسها هي أنقى وأطهر وأشجع من كل تلاميذ مبارك، حيث وقفت في وجوهكم تقول لكم «لا»، بينما انتم انحنيتم وأديتم التحية العسكرية للفاسد السفاح قائدكم الأعلى، كنتم شهودا خانعين على فساد مبارك، وربما مشاركين فيه أيضا، بينما كانت هذه الفتاة، التي أصبحت رمزا لمصر الشريفة الطاهرة، شاهدا عليكم وعلى قائدكم الأعلى. أخشى ما أخشاه أن تكون التجربة الليبية قد أثارت انتباه المشير ونالت إعجابه، فقرر أن يحيل الجيش الوطني إلى «كتائب طنطاوي»، على غرار «كتائب خميس القذافي» و«كتائب سيف الإسلام القذافي»، وإلا فمن أين جاء بهؤلاء البرابرة يعرون ويسحلون أطهر وأشرف نساء مصر؟ هل هؤلاء البرابرة الذين قتلوا أنقى وأنبل من أنجبتهم مصر، وبينهم شيخ جليل وطالب طب، ينتمون إلى جيش مصر الوطني العظيم، أم أنهم نواة «كتائب طنطاوي»؟ وهل يقبل الجيش المصري العظيم أن يتحول إلى «كتائب قطاع خاص»؟ تلغرافات: ** إلى أطهر وأنقى النساء: كشف البرابرة عن جسدك، لكن شرفك بدا أعلى كثيرا ممن قاماتهم. في اللحظة التي انكشف فيها جسدك الطاهر كان علم مصر يستره ويحميه، فازداد طهرا وشرفا ونقاء. كنتِ، ومازالت وستبقين، رمزا لشرف مصر وطهرها ونقائها، الذي لن يستطيع هؤلاء البرابرة السفلة أن ينالوا منه. ** إلى د. كمال الجنزورى: عندما كنت رئيسا لوزراء مبارك قررت، عام 1996، بيع شركة النيل لحليج الأقطان بالأمر المباشر بحوالي 219 مليون جنيه، بينما كانت قيمتها في ذلك الوقت تتجاوز 217 مليار جنيه، فهل مثلك مؤهل للحكم على الثوار الذين خلعوا رئيسك (السابق)؟ ** إلى من أدمنوا العبودية: صدعتم رؤوسنا وأنتم تبحثون عن (أختي كاميليا)، وأقمتم الدنيا ولم تقعدوها لأن واحدة تعرت بمحض إرادتها ونشرت صورها في صفحتها على الانترنت، فلماذا خرستم وأنت ترون برابرة طنطاوي يجردون فتاة من ملابسها ويسحلونها والعالم كله يشاهدها؟ لقد حرركم الجيل الشاب، ومنه هذه الفتاة، من عبودية أمن الدولة، فلماذا تحولتم بمحض إرادتكم عبيدا عند عساكر مبارك؟ ألا تستطيعوا أن تتحرروا من عبوديتكم وتعيشوا أحرارا؟. ** إلى تلاميذ مدرسة البنا-بديع: كان عمر بن الخطاب يخاف أن يسأله الله عن بغلة تعثرت في العراق، فهل تعتقدون أنتم أن الله سوف يسألكم عن عدد مقاعد مجلس الشعب؟ أين أنتم من تعرية نساء مصر وسحلهن في الشوارع؟ أين أنتم من اغتيال الشيخ الجليل عماد عفت وطالب الطب النبيل علاء عبد الهادى؟ أين أنتم من محاولات اغتيال أنقى شباب مصر وتلويث أطهر نسائها؟ أم أنكم مازلتم ترفعون شعار طز في مصر، وتسيرون على غيكم في عقد الصفقات، من حسن عبد الرحمن إلى عمر سليمان إلى عساكر مبارك؟ [email protected]