تمكن الحزب الجمهوري الأمريكي من إلحاق هزيمة نكراء بالديمقراطيين الذين ينتمي إليهم الرئيس الحالي "باراك أوباما" في انتخابات التجديد النصفي بالكونجرس الأمريكي، وسط مؤشرات قوية على تراجع شعبية "أوباما"، خاصة في ظل الإستراتيجية الغير واضحة التي يتبعها في منطقة الشرق الأوسط وموقفه من الأزمة السورية، فضلا عن سياساته الضعيفة حيال الأزمة الأوكرانية. يرى كثير من المحللين أن سيطرة الحزب الجمهوري على الكونجرس في هذه الانتخابات انعكاس لسياسة أوباما الفاشلة والغير واضحة، وتأكيدًا على أن القرار الأمريكي سيأخذ طابعا من التغيير خلال المرحلة المقبلة، قد يكون أسوأ بالنسبة لعدد من قضايا الشرق الأوسط على خلفية تشدد الحزب الجمهوري نحو المنطقة العربية عامة والقضية الفلسطينية بشكل خاص. في ما يخص القضية الفلسطينية، فأنه من المتوقع أنها لن تأخذ مسارًاً جديدًا فالفلسطينيون لم يلمسوا فرقًا في منسوب الانحياز لإسرائيل أو اختلافاً في كيفية التعامل بين الجهوريين والديمقراطيين نحو قضيتهم الوطنية، وإن كان الجمهوريون أقرب إلى تل أبيب من الديمقراطيين، حيث دعم رئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو" مرشحهم "ميت رومني" في الانتخابات الأخيرة ضد "باراك أوباما"، لكنه خسر الانتخابات في نهاية الأمر. أما الأزمة السورية فإنه عقب فوز الجمهوريين سوف تتجه السياسة الأمريكية نحو التدخل أكثر في الأزمة ودعم الجماعات المسلحة ضد الحكومة السورية، لا سيما وأن الكثير من أعضاء الحزب الجمهوري يؤيدون فكرة تسليح المعارضة السورية وتدريبها من أجل مواجهة النظام السوري وإسقاطه، كما أن الحزب طالب أكثر من مرة بالتصويت في الكونجرس على التدخل العسكري في سوريا، ولقد رأينا مرارًا قادة من الكونجرس يمثلون الحزب الجمهوري يجتمعون بعناصر من أولئك الذين يعرفون بالمعارضة السورية، وعلى الأرجح أن السياسة الأمريكية في سوريا سيطرأ عليها قدراً من التغيير لصالح نزعات التدخل والعسكرة، بدل البحث عن حلول سياسية ما لم يأخذ الرئيس الأمريكي في فترة العاميين المتبقيين من حكمة موقفًا آخر نحو مبادرة لتسوية سياسية للأزمة السورية. تأثير فوز الجمهوريين في التجديد النصفي بالكونجرس على إيران وما يخص ملف المفاوضات الجارية بين طهران والدول الست الكبرى حول برنامج إيران النووي سيضع المزيد من العراقيل أمام هذه المساعي الهادفة إلى التوصل لاتفاق نهائي بين طهران والمجتمع الدولي، حيث بعد هذا الفوز سيعمل الكونجرس الأمريكي بعد سيطرة أصدقاء إسرائيل على عرقلة أية محاولة لإتمام صفقة تفاهمات مع إيران لأن الجمهوريون في العادة أقرب إلى الموقف الإسرائيلي حيال إيران، لكن أوباما يتمتع بصلاحيات تنفيذية تمكنه من إتمام الاتفاق مع إيران. في هذا السياق يقول السفير "عادل العدوي" مساعد وزير الخارجية الأسبق إن فوز الجمهوريون بالأغلبية في الكونجرس الأمريكي يؤكد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بدأ يفقد شعبيته تدريجيًا بعدما ظهر بوضوح ضعف قراراته في الفترات الأخيرة على المستوى الخارجي وهو ما ظهر جليا في فقدان الثقة حتى من النواب التابعين لحزبه الديمقراطي بعدما لم يدعو أحدًا منهم الرئيس الأمريكي أثناء فترة الدعاية الانتخابية، مؤكدًا أن الديمقراطيين كانوا متأكدين أن أوباما سيكون هو السبب في خسارتهم للانتخابات. وأضاف «العدوي» في تصريحات خاصة ل«البديل» أنه على رغم من الإصلاحات الاقتصادية التي قام بها الرئيس الأمريكي داخليًا، إلا أن أداءه الخارجي كان مضطربا وهو أحد أهم الأسباب التي أدت إلى خسارة حزبه بالانتخابات، مؤكدًا أن هذه النتيجة ستؤثر على تحركات أوباما وسياسته خلال العامين القادميين لحين انتهاء فترته الرئاسية. وحول انعكسات هذا الفوز على القضية الفلسطينية، شدد «العدوي» على أنه دائمًا ما تتوقف القضية الفلسطينية على العمل الجاد عبر التعاون مع الشعب الفلسطيني بالمنطقة وهو ما لا تتعامل به الإدراة الأمريكية في كل المراحل، مؤكدًا أن هذه النتيجة لا تؤثر على سياسة واشنطن الضعيفة نحو فلسطين بل بالعكس من الممكن أن تأخذ طابع غير جيد لتشدد الحزب الجمهوري نحو فلسطين وعلاقاته الجيدة مع الكيان الصهيوني. وفي ما يتعلق بانعكسات هذه النتائج على ترشح وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "هيلاري كلينتون" في الانتخابات الرئاسية، قال السفير العدوي إن سياسة كلينتون تتشابه كثيرًا مع سياسة أوباما لأنهم نفس الحزب وبشكل كبير نفس التوجه السياسي، مؤكدًا أن فشل الديمقراطيين وأوباما في الفترة الأخيرة بشكل عام سيؤثر بالسلب على الدعاية الانتخابية لوزيرة الخارجية السابقة كلينتون. من جانبه قال السفير "عبد الرؤوف الريدي" مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر السابق بواشنطن إن مركز الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" سيضعف تدريجيًا، خاصة بعد فوز الجمهوريين بالأغلبية في انتخابات التجديد بالكونجرس، مضيفًا أن سياسة أوباما الخارجية بدأت تتخبط وبصفة خاصة بعد دخوله في الحرب على «داعش» دون إستراتيجية واضحة، فضلا عن موقفه من الأزمة السورية، وأكد "الريدي" على أن الجمهوريين ليس لديهم مرشح قوي ليخوض الانتخابات الرئاسية القادمة على عكس الديمقراطيين الذين قد يخوضون المعركة بوزيرة الخارجية السابقة "هيلاري كلينتون".