"الجامع الأزهر الشريف"، إصدار جديد يوثق تاريخ وعمارة وفنون أعرق مسجد في مصر خلال ألف عام، تحول فيها من مسجد للصلاة إلى أحد أبرز وأشهر الجامعات الإسلامية في العالم. ويذكر الكتاب أن أعمدة الجامع "جلبت من مبان سابقة على الإسلام امتازت بتيجانها المزخرفة"، وأن بناءه تأثر "إلى حد كبير" بتخطيط مسجد عقبة بن نافع بمدينة القيروان التونسية ومسجد الزيتونة بالعاصمة التونسية، لكن الجامع الأزهر شيد بأيدي بنائين مصريين ومواد وتقنيات مصرية. الكتاب يقع في 786 صفحة من القطع الكبير، كما يعد ثمرة مشروع بحثي قامت به مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع مشيخة الأزهر، وأعد مادته محمد السيد حمدي وشيماء السايح بإشراف خالد عزب وراجعه محمد كمال الدين إمام، أما التصميم الداخلي للكتاب فلكل من هبة الله حجازي وجيهان أبو النجا. قال أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في تصدير الكتاب، إن الأزهر عبر تاريخه ظل منارة تعليمية وثقافية أسهمت في تنوير الأمة واستعصائها على الذوبان والتلاشي أمام تقلبات التاريخ واضطراب الحضارات، مضيفا أن هذا الكتاب باكورة إنتاج مركز دراسات الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي المعاصر بمكتبة الإسكندرية. وتنفيذا لأمر المعز لدين الله الفاطمي بدأ القائد جوهر الصقلي تشييد الجامع الأزهر عام 970 ميلادية في العام التالي لوضع حجر الأساس لمدينة القاهرة. واستغرق بناء المسجد نحو 28 شهرا. الكتاب يوضح لنا أن المسجد في البداية لم يحمل اسم "الجامع الأزهر" وإنما "جامع القاهرة" وإنه ينسب إلى بنت النبي محمد وأم الإمام الحسين السيدة فاطمة الزهراء، التي ينتسب إليها الفاطميون، كما قيل إنه حمل هذا الاسم تفاؤلا بما سيكون له من الشأن والمكانة بازدهار العلوم فيه، لكن الجامع الذي تبلغ مساحته حاليا 11500 متر مربع ويعد الآن رمزا للإسلام السني في العالم شاهد على تقلبات سياسية كان لها تأثير كبير في تغير المذهب الديني الرسمي في مصر. يسجل الكتاب أن مؤسس الدولة الأيوبية صلاح الدين الأيوبي الذي حكم بين عامي 1169 و1193 ميلادية، أبطل "كل مظاهر الدولة الفاطمية التي كانت تعتنق المذهب الشيعي الإسماعيلي المخالف للمذهب السني "مذهب الدولة الأيوبية" حتى إنه أبطل صلاة الجمعة سنة 1169 بالجامع الأزهر وأقر صلاة الجمعة في جامع الحاكم بأمر الله. رغم عدم إقامة صلاة الجمعة في الجامع الأزهر فإنه احتفظ بدوره التعليمي، وظل مدرسة لتدريس العلوم الدينية والعقلية واللغوية فضلا عن إقامة الصلوات الخمس يومياً.