عرف بلوحاته التي تصور مشاهد القرى والمواضيع الدينية والمناظر الطبيعية الريفية، رسم بعض لوحاته المعروفة مثل "مشهد المسيح مع الرسل في بحر طبرية" في عام 1553، ومن أشهر أعماله لوحة "زفاف الفلاحين". بيتر بروغل الأكبر، الذي تمر ذكرى وفاته اليوم، رسام ونقاش فلمنكي هولندي، من القرن 16، كان والد الرسامين المعروفين بيتر برويغيل الابن (1564– 1638)، ويان برويغيل البكر (1568 – 1625). استقر في بداية حياته في إيطاليا، كان بيتر بروغل الأكبر يعمل في بروكسل وانتويرب، وكان ماهراً في رسم المناظر الطبيعية، وأشتهر بلوحاته عن الحياة الريفية التي تتجلى فيها الحيوية البالغة والتصميم المرح. أما أبنه بيتر بروغل الابن (1564- 1638) فعرف بلقب (بروغل الجحيم) لأن الكثير من رسومه تمثّل الشياطين وألسنة النار وما شاكل ذلك، وقد رسم أيضاً مناظر ريفية، لكنه نفذ عدداً من الرسوم ذات الموضوعات الدينية. أما الأخ الأصغر يان بروغل (1568- 1625) فقد عرف بلقب (بروغل المخمل)، وقد رسم الكثير من المناظر الطبيعية الجميلة). من بين الفلاحين ظهرت قامة هذا الفنان ليتمرد على مواصفات عصر النهضة وينشىء فنا خاصا يمكن أن يطلق عليه فن الفقراء، فهو فلاح من قرية (بروغل)، تمرد على قواعد عصر النهضة دون أن يدري، لقد عاش حياته بصدق فلم يعرف أنه متمرد، عرف فنون الجنوب في إيطاليا، تعرف على أعمال (دافنشي) و(رفائيل) و(انجلو)، ولكنه أصر على طريقته في التعبير لأنه استمر يعيش حياته بصدق، وقد نعرف الآن أن إصراره هذا أنتج جديدا في زمانه، أنتج ثورة فنية، ولكن أهل زمانه لم يعرفوا وربما لم يعرف هو نفسه. تكوينات بروغل لوحاته تشكيلاته ألوانه كانت تبشر بفورات سريالية لتمرد العقل على العقل، لتمرد الإنسان على نظام الكون المرئي، ومحاولة البحث عن منظومة باطنية، وربما جاءت أحيانا مجرد سخرية مريرة في كاريكاتير مبكر يطرح التساؤلات الدائمة، وينتظر الجواب، دون جواب. بيتر بروغل عاش طفولته في قريته، في زمان كانت المدينة في أوربا قد بدأت تتشكل تتمرد وتستقل، صارت في يد التاجر، والصراف، والعائد بثروة رحلات الكشوف الجغرافية الأولى، لكنها لم تخرج بعد من سطوة الملك، ورجل الدين، بينما بقيت القرية في يد الإقطاعي المدعي بامتلاك الأرض ومن عليها. مات أبوه وهو صغير، وتزوجت أمه من رجل جشع يصغرها في السن طمعا في (ألحانه) التي تمتلكها، بعد الزواج طارد الطفل (بيتر)، وكانت حواسه قد بدأت تتجه إلى الرسم، ورغبة التعبير عن ذاته وأحزانه، اضطر (بيتر) لهجر القرية بعد وفاة أمه. انتقل من اقطاع لآخر، ذاق مرارة زمانه قبل أوانه، كان أحيانا يضطر للتسول أمام أبواب الكنائس. توزعت مشاعره بين الصور الرهيبة التي رسمها رجال الدين لعالم الجحيم الذي سيبتلع الخاطئين وأولهم المتمردين، وبين الصور الموجعة التي عاشها يشهد فيها المجاعات والاضطهادات والصراعات بين الكاثوليك والبروتستانت، وعندما وصل إلى مدينة انفرس (انتورب) أول مدينة يشهدها في حياته، تعرف على أعمال الفنان (هيرونيموس بوش) الذي توفي قبل ميلاد (بروغل) بتسع سنوات 1516، ويكفي أن نتأمل عملا من أعمال هذا الفنان حتى ندرك إعجاب (بروغل) به إلى آخر حياته.