إمام : تجربة عبداللطيف تؤسس لكتابة فانتازية جديدة فؤاد: عبداللطيف غزل روايته بالتراث العربي شيرين أبو النجا: كلنا "إلياس" المتلون في زمن القهر " إلياس، هي المغامرة الأكثر طموحاً للروائي أحمد عبداللطيف" بهذه العبارة افتتح الكاتب و الروائي طارق إمام الندوة التي أقامتها دار العين أمس، لمناقشة و توقيع الرواية الرابعة لصاحب صانع المفاتيح، بحضور الناقدة الدكتورة أماني فؤاد، الدكتورة فاطمة البودي، و الناقدة الدكتورة شيرين أبو النجا. وأوضح «إمام»: إلياس هي الرواية الأكثر طموحاً في مسيرة أحمد عبد اللطيف الإبداعية لأنه يقوم فيها بمغامرة كبيرة على اتجاهين، الاتجاه الأول، هو اتجاه اللغة السردية التي جاءت منحوته و غريبة، و قريبة من التجريد، يستخدمها الكاتب استخدام خاص و مميز في توصيل المعنى و لذلك أسميها رواية اللغات، أما الإتجاه الثاني للمغامرة فهو متعلق بسؤال التاريخ، إذ تقدم الرواية رؤية جديدة للتاريخ، يلعب فيها الروائي على التوازي بين الحضارات و الأديان و اختيار الفترات التاريخية الأكثر توتراً في تاريخ مصر وغرناطة. و أضاف صاحب «ضريح أبي» أن الروائي أحمد عبد اللطيف دائماً ما يسعى الى التجديد مع الإحتفاظ بمجموعة أصيلة من الأسئلة التي غالباً ما تكون مشتركة في كل أعماله، مشيراً إلى أن تجربة "عبداللطيف" السردية تؤسس لكتابة فانتازية تخصه وحده إذ يستلهم من الموروث الثقافي ما ينتج هذه الفانتازيا. اتفقت الناقدة الدكتورة أماني فؤاد مع "إمام" في رؤيته النقدية للرواية وتحديداً عند حديثها عن تقنية اللغة، إذ قالت: في "إلياس" يخرج أحمد عبداللطيف من فضاءاته الروائية و يقدم فضاءًا جديدً، و هذا الفضاء هو وشم اللغة، و السؤال الذي يفرض نفسه لماذا هذه اللغة المشيطنة، و من هو إلياس الذي صنع له هذه اللغة الملعونة؟ إلياس هو شخص ورقي و نفس الوقت هو لا شخص، هو نبي أو شخص عادي، مريض أو سليم، كاتب قصة أو بلا عمل، إلياس انه المتعدد الموجود في كل زمان، إنه الإنسان العدمي المقهور الذي يصنع من قبل السلطات، و هنا سؤال أيضاً كيف يصنع الكاتب من هذا العدم و الموات حياة؟ أعتقد أن الكاتب وجد سبيله الى ذلك عن طريق تقنية اللغة. و أضافت "فؤاد" أن إلياس هذا النموذج العدمي بطل الرواية، لا توجد له حكاية كبيرة و إنما مجموعة من الحكايات الصغيرة التي يقصها الكاتب مبتعداً عن الحبكة التقليدية، مستخدماً تقنيات زمانية و مكانية جديدة لإنسان مطلق له طبيعة خاصة. و تابعت: الكاتب يقدم فقه جديد للغة يتسق مع بطل الرواية، متعدد المستويات، و الباحث عن جذوره، راسماً صورة لإنسان منسحق مقهور من سلطة ظالمة لا تتيح أي مساحات للحرية. كما أشارت إلى أن الكاتب استطاع أن يغزل نموذج إلياس بالتراث العربي في أول ونهاية الرواية و كأنه يريد أن يقول أن تراثنا الثقافي مليء بالأشياء الخارجة عن العقل. و طرحت "فؤاد" سؤالاً : لماذا إلياس هذا النموذج العدمي في تلك اللحظة التي نعيشها؟ طوال الوقت نحن محاطين بهذا النموذج الذي يتلون مثل الحرباء لكي يساير السلطة، و لكن الروائي أحمد عبداللطيف يرصد لنا هذا النموذج بل يشرحه نفسياً بالعديد من المونولوجات الداخلية لكن بدون مباشرة، فهو يرتفع فوق الواقع ليصنع واقعه هو. وفي حديثه عن تجربته الجديدة قال عبداللطيف: الكتابة بالنسبة لي هي الشيء الذي يحدث في اللاوعي و لذلك أنا مؤمن بموت المؤلف، و لكن علاقتي بإلياس كانت مختلفة تماماً عن أعمالي الأخرى، لأنها كتبت في نفس واحد أو مرة واحدة و لم أعدل فيها أي شيء، و فإلياس بالفعل كنت أفكر في لغة جديدة بداخل اللغة العربية. الروائي طارق إمام رأى أن "إلياس" الرواية الأكثر طموحاً في مسيرة أحمد عبداللطيف الإبداعية، بينما رأت الناقدة الدكتورة شيرين أبو النجا أن الكاتب وصل الى ذروة الجنون، إذ قالت " نحن نحتفل اليوم بالجنون المطلق" و تابعت "أبو النجا": أرى أن جميعنا إلياس، فهذا الشخص المتلون كالحرباء، غي الغالب هو شخص مجبر، و لذلك أعتقد أننا كلنا إلياس، لكن أعتقد أن الرواية تدفعنا لطرح موضوع الهوية من مدخل جديد مختلف عن المداخل الأخرى، و بعيدا عن الأعمدة السبعة للشخصية المصرية، أعتقد أن الرواية تجعلنا نطرح موضوع "الهوية الإنسانية".