القومي للمرأة: الدولة أخذت ما تريده من النساء.. فنزلن للاستفتاء والرئاسة والآن تتخلى عنهن حزب العدل: الوزير لا يعرف أن قطاع المحليات والمحافظين فاسد لأن كل مسئوليه رجال.. والنساء يخشين على سمعتهن من الفساد المحاميات المصريات: لا ينبغي أن يكون التعامل مع قضايا النساء "ورد أحمر وطبطبة".. بل ترجمة لسياسات تمكنها من تولي المناصب القيادية عزة كامل: الوزير يقصي النساء بتصريحات تمييزية في الوقت الذي يدشن فيه رئيس الوزراء استراتيجية شاملة لمناهضة العنف والتمييز ضد المرأة! أمينة النقاش: فكرة أن تخوض امرأة منصبًا ك "محافظ" في مثل هذا المناخ ليست صائبة "هي" ضمير يكشف ويشير بوضوح إلى عورات هذه المجتمع الذي يتشدق ليل نهار بتكريم المرأة واحترامها وحقوقها في المشاركة السياسية والاجتماعية.. "هي" نصف المجتمع الذي أنجب النصف الآخر، وصنع له الوجود ،ولكن نكران الجميل هو السمة الرئيسية التي ترد لها في كافة المحافل والفاعليات.. "هي" التي أصابها الملل والإحباط من تغيير النظرة النمطية التي تحرمها من حقوقها في المشاركة في المجال العام، وتريد أن تسجنها خلف جدران منزلية تمارس الأدوار التقليدية التي كرستها العادات والتقاليد، والتي وصلت إلى درجة التقديس كما وصفها الفيلسوف "جون ستيوارت ميل" في كتابه "استعباد النساء". "هي" التي نسي وزير التنمية المحلية اللواء عادل لبيب "هو" وحكومته ورئيسه أنهم قبل شهور قليلة كانوا يتدللون إليها عبر كل الوسائل المسموعة والمرئية والفضائية بأن تنزل لتحمي مصر من إرهاب الإخوان في 30 يونيو وتكمل مشوارها في الاستفتاء على الدستور ثم اختيار الرئيس.. نسوا جميعًا أنهم جاءوا إلى مناصبهم وكراسيهم على أجسادها، وتذكر فقط الوزير أن النساء غير قادرات على تولي منصب "المحافظ"؛ لأنها لا تتمتع بخبرة كافية في العمل التنفيذي، وعندما حاول الرجوع في كلامه زاد الأمر سوءًا بقوله إنه سوف يتم تعينيهن نائبات للمحافظين لحين تنمية مهاراتهن، وكأن النساء طول الوقت عاجزات فاشلات ينتظرن الرجل لتعليمهن شيئًا جديدًا. تقول سناء السعيد عضو المجلس القومي للمرأة إن تصريحات وزير التنمية المحلية الدكتور عادل لبيب مرفوضة شكلاً ومضمونًا، معربة عن عدم اندهاشها من استمرار نفس الخطاب الحكومي منذ اندلاع ثورتي يناير و30 يونيو، والدليل على ذلك التمثيل الهزيل للنساء في الحكومات التي أعقبت هذه الثورات، رغم الدور الفاعل الذي لعبته النساء في النزول للاستفتاء على الدستور 2014 والمشاركة في الانتخابات الرئاسية. وأكدت السعيد أن تصريحات الوزير تمثل إقصاء متعمدًا للنساء ودورهن في المجتمع وتولي المناصب القيادية، وتعكس الاستغلال الذي تعاني منه المرأة المصرية، فالحكومة تستخدم النساء وقتما تريد وتحشدهن للنزول في الانتخابات والاستفتاء، ولكن عندما تصبح من حقهن المشاركة السياسية الحقيقية تأتي التبريرات الوهمية بأن النساء غير مؤهلات لتولي منصب المحافظ، مشيرة إلى أن هذه الحجج الحالية لا تختلف عن خطاب جماعة الإخوان المسلمين الذين كانوا لا يؤمنون بعمل المرأة، ويطالبونها بالجلوس في البيت لتربية الأطفال؛ لأن العمل التنفيذي والسياسي شاق عليها! وطالبت السعيد رئيس الجمهورية بأن يترجم حديثه المساند لتمكين النساء في كافة المجالات إلى قرارات وسياسات على أرض الواقع، ويتخذ إجراءات رادعة مع الوزير المعادي لحقوق النساء، محذرة من أنه لو تم الصمت، ستظل النساء يعاملن كمواطنات من الدرجة الثانية، متعجبة بقولها "وكأنه لم ينص على مواد بالدستور الجديد بأن تلزم الدولة بتحقيق المساواة بين الرجال والنساء في تولي المناصب العليا والقيادية". وهاجمت عضو القومي للمرأة الدراما المصرية التي تدعم أفكار ورؤى المسئولين "الذكورية" عن شكل المرأة المصرية التي يتم تنميطها وتصديرها دائمًا في أدوار العاهرة أو فتاة الليل أو المرأة اللعوب أو ربة المنزل أو الزوجة الخائنة، وغابت عن شاشة الدراما نماذج المرأة الناجحة والقادرة على خوض الحياة السياسية وتولي المناصب التنفيذية، حيث توجد منهن الطبيبات والمهندسات والوزيرات، وكلهن "بطلات" في أعمالهن. كما هاجمت ابتسام عمرو أمين لجنة المرأة بحزب العدل وزير التنمية المحلية قائلة "من الطبيعي أن تكون نظرته الذكورية لعمره الذي تجاوز السبعين عامًا بهذه الطريقة التي ترى أن النساء غير قادرات على العمل التنفيذي، ولكن الذي لا يعرفه الوزير أن أكثر القطاعات فسادًا هي وزارته والمحليات والمحافظات التي تتبعه، فالرجال أكثر فسادًا من النساء، حيث أثبتت الدراسات أن المرأة تخشى من التورط في أي انحرافات مهنية؛ لأنها تدفع الثمن مرتين: الأولى من سمعتها التي يقوم المجتمع بتشويهها بشكل مضاعف، والثانية من مستقبلها المهني الذي يتوقف تمامًا، ولا يقبله المجتمع مرة ثانية، عندما تسجن أو تعاقب". وطالبت عمرو رئيس الجمهورية بإقالة وزير التنمية المحلية؛ ليكون درسًا لكل مسئول جاء بعد ثورتين شاركت فيهما النساء، بل كُنَّ من أهم أسباب نجاحهما، وأن يأتي وزير لا يخالف الدستور الجديد في مادته (11) التي تنص على أن "تكفل الدولة للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها". وأشارت عمرو إلى أنها في اجتماعها الأخير مع المستشار عدلي منصور طالبهن منصور بالاستمرار في الضغط والنضال؛ ليحصلن على حقوقهن في التمكين السياسي والاقتصادي بالدولة، وأن يحصلن على كافة المناصب التنفيذية بالمؤسسات المختلفة، معربة عن أن ذلك من حق النساء اللاتي يتمتعن بكفاءة ونجاح في مختلف المجالات. وأكدت الدكتورة عزة كامل مؤسس مبادرة "فؤادة واتش" ومدير مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت) أن تصريحات الوزير تنسف كل الحديث الذي طنطنت به الصحف والفضائيات عن احترام النظام السياسي الجديد لحقوق النساء، وأنه نظام يقدر الدور الذي لعبته النساء في مواجهة نظام الإخوان المسلمين الذين حاولوا محو هوية الوطن، ولكن عند التنفيذ تأتي القرارت الفعلية معاكسة تمامًا. وأضافت أن تصريحات الوزير عادل لبيب تعكس تمييزاً نوعيًّا ضد المرأة، يرسخ لأفكار نمطية تقمع المرأة في أدوار اجتماعية محددة ليس منها أدوار صناعة القرار، معربة عن أنها تندهش من المفارقة التي تحدث بين دولة قرر رئيس وزرائها المهندس إبراهيم محلب تدشين أول استراتيجية لمناهضة كافة أشكال العنف والتمييز ضد النساء بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة منذ الأيام الماضية، ويأتي وزير في حكومته يهدم أساس هذه الاستراتيجية بتصريحات تقصي النساء عن العمل التنفيذي. وتساءلت في استنكار "كيف نطالب بتأسيس مفوضية لمناهضة التمييز والنساء يتم تصنيفهن على أنهن غير مؤهلات أو قادرات على العمل التنفيذي السياسي دون الاستعانة أو إتاحة الفرصة لهن لخوض التجربة؟!". وطالبت كامل الحكومة بضرورة تضمين النساء في العمل السياسي وفي كافة مراكز اتخاذ القرار؛ إيمانًا منها بالمساواة الكاملة بين النساء والرجال في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية. ولفت هبة عادل مؤسس مبادرة "المحاميات المصريات" إلى أن تصريحات الوزير تعكس الفشل في أول اختبار حقيقي لتطيبيق الدستور الجديد الذي كفل حقوق النساء في المشاركة وتولي المناصب القيادية، متسائلة عن المعلومات التي وصلت للوزير عن عدم قدرة النساء على تولي منصب المحافظ، رغم نجاح العشرات في تولي مناصب "رئيس حي وعمدة ونائب محافظين"، أي أن كلها مناصب تنفيذية وبها تفاعل مباشر مع المواطنين. وأشارت عادل إلى أنه إذا كان رأي الوزير عدم تعيين محافظات الآن، فعليه أن يطبق الدستور في نواب المحافظين، ويصبح عددهن بالنصف من النساء والشابات؛ ليتيح لهن الفرصة كافية لتأهيلهن على ممارسة العمل التنفيذي والسياسي من خلال مناصبهن. وناشدت عادل المسئولين بالدولة ألا يقتصر التعامل مع قضايا النساء في مصر من خلال "الطبطبة عليهن أو إهدائها بوكيه ورد" عندما يحدث لإحداهن تحرش جنسي، ولكن يجب أن تكون معاملة النساء على قدر مشاركتهن الناجحة الواضحة في المجتمع على مر العصور، وصولاً لثورتي يناير و30 يونيو، وأن يترجم ذلك التقدير من خلال إتاحة الفرصة لتولي مناصب عليا كمنصب الوزير أو المحافظ أو رئيس جامعة أو عميد. فيما ترى أمينة النقاش نائب رئيس حزب التجمع أن المواطن المصري لا يهمه المسئول، سواء كان رجلاً أو امرأة، ولكن ما يهمه هو من يستطيع تقديم خدمة جيدة له، أي أن شرط الكفاءة هو المعيار لكلا الجنسين، ولكن يجب الاعتراف بأن الواقع الاجتماعي في العديد من المحافظات الصعيد والأرياف ما زال محافظًا إلى حد كبير، وفكرة أن تخوض امرأة منصبًا ك "محافظ" في مثل هذا المناخ ليست صائبة. وأضافت النقاش "نحتاج في الفترة المقبلة إلى الدفع بالنساء كخطوة أولى في انتخابات المجالس المحلية بالمحافظات المختلفة وتدريبهن على القيادة والالتحام المباشر بالواقع المحلي ومشكلاته وطبيعة العلاقات به؛ ومن ثم تغيير النظرة المجتعية التي لا تفضل وجود نساء في مثل هذه المناصب. وأشارت النقاش إلى أن تغيير هذه النظرة النمطية القديمة يجب أن تتضافر فيه كافة الجهود والجهات والتي تبدأ بمراعاة الدولة لموازنة عادلة تصل إلى الأطراف والصعيد تساهم في تنمية التعليم والصحة والترفيه والمشروعات الاستثمارية وخطة شاملة جديدة لتطوير برامج محو الأمية التي عفا عليها الزمن، بالإضافة إلى دور الوعظ الديني عن طريق الأزهر المستنير والمجتمع المدني. وأضافت النقاش أن البدء من المحليات ثم تكوين كوادر من النائبات للبرلمان المقبل تكون لهن قدرة على فهم قضية التشريع والمراقبة، وتقديم صورة صحيحة عن النائب بأنه نائب عن الأمة وليس الحي أو المنطقة التي دفعت به إلى مقاعد البرلمان. كل هذه الخطوات سوف تساهم بقوة في تغيير المناخ الثقافي والاجتماعي السلبي الرافض لتواجد النساء في المناصب القيادية إلى أن نخلق قاعدة شعبية جماهيرية لديها قبول لدور المرأة في منصب كالمحافظ أو الوزير أو السفير.