شهد قصر الفنون بدار الأوبرا المصرية، فور افتتاح المهرجان القومي السابع للحرف التراثية مساء أمس، حضورًا بارزًا لفناني الحرف المختلفة مثل "صانع الفخار، السجاد اليدوي، الزجاج المعشق" وغيرها من الحرف الأخرى التي جاءت لتعلن عن وجودها إزاء حالة التهميش التي تعاني منها. يتباهى صانع الفخار العم "أحمد ياسين عبد الخالق" حين يتحدث معنا عن مهنته العتيقة التي يحترفها منذ أكثر من 50 عامًا، ويقول: صناعة الفخار تتميز عن جميع الحرف الأخرى، يكفي أنها تتكون من الطين الأسواني ومياه النيل، ورثتها عن والدي وعشقتها، واحترفتها في الثانية عشرة من عمري". وبيدٍ عاشقه ومهارة فائقة يصنع العم ياسين أوانيه الفخارية ويهديها لأصدقائه ومحبيه الذين جاءوا ليساندوه في المهرجان الذي يأمل أن يكون بداية حقيقية لالتفات الدولة لتراثها المهدد بالاندثار. على بعد خطوات من العم ياسين يجلس صانع السجاد اليدوي، الفنان "بيومي فوزي"، يلقي ابتسامته للمارة وكأنه يدعوهم ليشاهدوا عظمة ما يصنعه، وفور توجهنا للحديث معه، لم ينتظر العم بيومي السؤال بل بادر هو بالحديث عن مهنته، قائلًا: أحترف هذه المهنة منذ أكثر من 35 عامًا، كنت أعشق الرسم منذ صغري، ما ساعدني كثيرًا على احتراف صناعة السجاد اليدوي، تركت المدرسة في المرحلة الإعدادية وعملت في مصنع لصناعة السجاد. ويضيف: الحرفة ماتت منذ فترة طويلة ولكنني مازلت متمسكًا بها لا أعرف مهنه أخرى، وليس لدي عمل آخر، "بس كله على الله". كيمياء معقدة جمعت بين الفنان أحمد عتمان، والزجاج المعشق، تلك المهنة التي يعمل بها منذ 40 عامًا، إذ يقول: صناعة الزجاج المعشق لم تكن مجرد مهنة أحترفها بل هي الحبيبة التي أتونس بها، وأتفنن في تزيينها. يفتخر العم "عتمان" بما يصنعه ويقول: أنظري إلى هذا الجمال، يكفي ما تبعثه في النفس من هدوء، برزت هذه المهنة في العصر الفاطمي وسميت بالقمريات وكانت تعتمد على الإضاءة الربانية أي القمر والشمس، فلا يوجد أي مكان أثري إلَّا وبه هذه التحف الفنية من الزجاج المعشق، والآن هي مجرد كماليات ليس أكثر، ولكننا نحاول أن نساير العصر ونطور من الحرفة بشكل لا يتعارض مع خصوصيتها. فنانو الحرف المختلفة كان لهم رأي واحد في المهرجان وفي السياسة التي تنتهجها الدولة تجاه الحرف التراثية، إذ قالوا: جئنا لنقول ما زلنا موجودين رغم التهميش، فمنذ فترة طويلة ونحن نسمع عن خطة الدولة للحفاظ على الصناعات الصغيرة من الاندثار، ولكن لا شيء على أرض الواقع، والمهرجان ليس دليلًا على اهتمام الدولة بالحرف التراثية، فهو شكلي؛ لأن الدولة لا تتبنى سياسة معينة تجاه التراث، ولكننا سعداء بمشاركتنا في المهرجان، على الأقل لنقابل أصدقاءنا من محترفي المهن التراثية.